الوساطة الافريقية لتثبيت النظام؟ هل إسقاط النظام هو الحل السياسي الذي تتجنبه المعارضة؟ عادل علي صالح الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو أمبيكي رئيس الالية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي او اتحاد الدكتاتوريات الافريقية ... وكما هو معروف فان عمر البشير ونظامه عضو اصيل في هذا الاتحاد. والذي كانت محصلته خارطة طريق أمبيكي لحل الأزمة السودانية. الرئيس أمبيكي ليس كل المشكلة ولا اتحاد الدكتاتوريات إنما الجزء الأكبر من المشكلة والتى يجب ان نعترف بشجاعة في مواجهته ، هي بعض القيادات المعارضة، السياسية والعسكرية الذين راهنوا ومازالوا يراهنون على قرارات الاتحاد الأفريقي رقمي 456 او 539 لتفكيك النظام وصنع السلام . في الحقيقة هذه القرارات تخدم المصالح الإقليمية وترفعها درجات فوق مصالح السودان ، وتضع مصالح السودان وشعبه في مؤخرة اهتماماتها. محاولات أرضاء ما يسمى بالمجتمع الدولي رغم أهميته على حساب الوطن تكشف عن حالة التخلخل والتخليط التى تعانيها المعارضة . فالمعارضة محتاجة الى وضوح الرؤية و وحدة الهدف وترتيب أولوياتها. فهل من الممكن ان تتوحد المعارضة على هدف واحد فقط وهو إسقاط هذا النظام غير الشرعي حسب ادعاء قيادات المعارضة نفسها؟الفصائل التى ذهبت الى ما يسمى بالاجتماع الاستراتيجي التشاوري لم تلزم نفسها حتى بقرارات الاتحاد الأفريقي التى تتباكي عليها الان وتتهم أمبيكي بتجاوزها؟! هل صارت اكثر حرصا على قرارات الاتحاد الأفريقي من ممثل الاتحاد الأفريقي نفسه؟ طارت الى أديس أبابا وهي تعلم انه ليس من ضمن بنود القرارين 456 و 539 ما يسمي الاجتماع الاستراتيجي التشاوري؟ هذه الفصائل الأربعة ذهبت غير عابئة بتعهداتها السابقة الى حلفائها في قوى المعارضة؟ تشرذم المعارضة وتقسيمها ليس سببه أمبيكي ولا مؤامرات النظام فقط وإنما سببه استعداد بعض قوى المعارضة الفطري للانقسام لانها تعمل على تحقيق اكثر من هدف في ان واحد ، ويتلاقى هدفها الاستراتيجي مع خط النظام ..خاصة الذين أعلنوا ان الحوار هدف استراتيجي ؟ وانها مستعدة لإعطاء النظام مهلة غير محددة الزمن وتفضل انتظاره حتى يعود الى صوابه لكي يجود عليها بالديمقراطية ؟ المحادثات الاخيرة ليس فيها جديد الاتحاد الأفريقي وممثله أمبيكي ينحازون لصالح النظام فالاتحاد .. اتحاد دول ولا يمكن باي حال من الأحوال ان يكون محايدا ناهيك ان يكون في صف المعارضة والمقاومة؟! القيادات السياسية المعارضة لا تنقصها المعرفة ولا تنقصها الوطنية.. اذا لماذا لا تتخذ القرارا الصائبة التى يمكن ان تخلص البلاد من كابوس هذا النظام؟ من الراجح والواضح ان أزمة المعارضة والمقاومة هي فقدان القيادات للارادة السياسية ( Lack of political will ) والذي يتجلى في اختيارهم الفقير وتمسكهم بالحوار كخيار استراتيجي لحل الازمة السودانية . بالرغم من ان هذا الخيار يتحكم في مفاتيحه النظام بالكامل ولا تملك المعارضة او المقاومة اليات تنفيذه او المقدرة على فرضه. وفي ذات الوقت ترسل بالونات اختبار تقول فيها انها في حالة عدم استجابة النظام لشروطها والجلوس معها في حوار متكافئ فإنها سوف تجد نفسها مُضطرة الى إسقاطه؟ ضمن حملة علاقاتها العامة التى تزين بها وجهها امام منتقديها بالرغم من انها تمتلك على المستوى النظري كل الأدوات والوسائل اللازمة لإسقاطه، اذا توفرت لديها قوة الإرادة السياسية، فلها التنظيم والاموال والخبرة. ولكنها أي القيادات في معظم الأحيان وفي إطار تبريراتها لضعفها ، تتحدث عن ترجيح ميزان القوى لصالح النظام متجاهلة اكبر اسلحتها وهي جماهير الشعب السوداني التى تأذت ومازالت تعاني منذ عام 1989 من فساد واستبداد النظام في كل بقاع الوطن وخاصة في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق . بعد ماحدث في أديس أبابا في الفترة من 18- 21 مارس الجاري تم تدبيج بيانات الادانة والشجب لمواقف السيد أمبيكي والذي يمسك بهذا الملف منذ العام 2009 من قبل قيادات الفصائل التى تسابقت الى مقر الاجتماع بقلوب وعقول مفتوحة، سعيدة بالجلوس للتشاور الاستراتيجي مع النظام؟! وشاكرة لامبيكي دعوته وسرعان ما انقلبت أعقابها. المعارضة محتاج الى خارطة طريق تخرجها من محنتها وضعفها وهوانها الذي لحق بها مؤخرا. ملامح هذه الخريطة موجودة في أضابير الاتفاقيات والاعلانات الكثيرة التى وقعتها فصائل المعارضة السودانية منذ التجمع الديمقراطي الى الإعلان السياسي لقوى نداء السودان الذي صدر في باريس في نوفمبر من العام الماضي. ضعف المعارضة يمكن النظر اليه من عدة زوايا منها انها تؤمن بالشئ وضده في ان واحد، وتاريخ ذلك يرجع الى لقاء الترابي والصادق المهدي في جنيف عام 1999. الذي ادخل بعده عبارة " الحل السياسي الشامل" قاموس السياسة السودانية والذي كان قاصمة الظهر للمعارضة التى كان هدفها الاستراتيجي الأوحد هو قلع النظام من الجذور؟ وكما قال الراحل الدكتور جون قرنق ... "بعده نحن الفروع ما لاقين نقلعوا!؟" والآن المعارضة تلملم في فروع النظام ومنسلخيه لضمها بغرض تكبير كوم الحل السياسي الشامل .. وإصدار شهادات عفو لكل من استباح الشعب السوداني في نفسه وعرضه و وطنه . الحل السياسي الشامل الذي ضحوا الشهداء بارواحهم هو إسقاط النظام وتحقيق العدالة والديمقراطية . عادل علي صالح [email protected]