كنت في مهمة عمل رسمية الى العاصمة الامارانية أبوظبي ولكن ثمة ما يطل براسه في لحظاتي الرسمية ويجعلني اكثر حساسية ، اكثر انضباطا للقيم ، وأكثر ارقا فيما بعد ، فقد ضبطت نفسي وفي العديد من المرات وانا اشدد على المتعاملين معي والومهم على عدم دقتهم ، أو عدم التزامهم بصحيح الكلام ثمة ما يذكرني بالوفاء ويحرضني بأن نكون اكثر انحيازا لقيم الجمال الانساني واكثر جدية ومحبة ، فعندما وصلت الى فندق روتانا الشاطئ بأبوظبي لم يكن يهمني أن يكون حجزي مع الافطار أو دونه ، كما كان في امكاني الانتظار كثيرا و بتمهل أكثر كما هي العادة عندي ريثما تنتهي اجراءات دخولى لغرفتي ولكنى وجدت نفسي قد تورطت في رفض الاسلوب غير الدقيق من موظف الاستقبال ، كما اظهرت اعتراضا كبيرا على التاخير، كانما ثمة شئ يحرضني على المناداة بجدية وافرة بان الكل يجب أن يسير بكامل دقته وشفافيته وصدقه ، وهو تعليقي المختصر ذاته حينما اتصل بي مدير الفندق ليعرض اعتذاره قلت له لا شئ في نفسى، فقط اتمنى ان تكمل حياتنا بالجمال والصدق والشافية ، ثم لاحقا وفي غرفة الاجتماع وجدت نفسي ادقق بتمهل في اجراءات التسجيل وألوم الموظف على تقاعسه عن توفير كافة المعلومات فياتيني المدير ايضا ويصادق على ملحوظاتي ولكني مرة اخرى اكتشف أن الامر ليس في نفسي ، انا شخصيا لا اريد شئا اريد فقط الوفاء للجمال في كل شيء من حولنا وقد ظهر لي ذلك جليا في صبيحة اليوم الثاني حينما خلوت بنفسي في سيارتي وانا استعد للعودة الى دبي فقبل ان ادير محرك السيارة كانت يدي تمتد للهاتف كي استمع للحن ابوقطاطي : بكرة ياقلبي الحزين تلقى السعاده تبقى هاني وابتساماتك معاده والسرور يملاء نفسي ويبقى ذاده هنا فقط عرفت السبب فقد وجدت دموعي تنصب سرادقها للعزاء ، هنا فقط اكتشفت انني ومثل أي سوداني موجوع بالفراق، ومتشظي الوجدان في بقاع المعمورة قد تأثرت لنبإ وفاة الشاعر الفذ أبو قطاطي ، أبو قطاقي الذي رسم بريشة الكلمات أجمل المعاني في وجداننا ، منذ وقت صحوتنا عند بكور توالد العاطفة واندياحاتها كمياه النيل العذبة تلك التى ترطب تصحر الجفوات ، وفقد صلني الخبر ، وكأني قد اخفيته عن نفسي وعن ظاهر تأثري ابان لحظاتي الرسمية رغم مشاركتي له عبر وسائط التواصل مع عدد كبير من الزملاء والاحباب ، هل كانت روح ابوقطاطي تدعوني للبقاء على عهد الوفاء لكل مبدع مرهف الحس جميل السجايا هل كانت روحه تمسح من عن على عيني الدموع وتناديني بان حق العزاء له بأن نكون اكثر طهارة ، أعمق نقاء ، وأوفر جدا وايمانا بالله ... في رحاب الله ابوقطاطي هناك انت بلاشك هانئ وابتساماتك معاده والسرور يملأ حياتك وهو زادك وقد اتت بكراك التى فيها لقلبك كل السعادة .. في رحاب الله ولك منا عهد الوفاء للجمال سنمضى في حياتنا من اجلك واجل كل الرائعين من بقى منهم ومن مضى اكثر انحيازا للجمال ، للصدق ، للشفافية والخير . [email protected]