العقل السليم في الجسم السليم د/ بشير محمد آدم – مدير جامعة الإمام المهدي السابق وأنا أطرق باب الخدمات لابد لي أن أذكر بسعة أفق نفر كريم من أبناء أبا حملوا هموم أهلهم وتعاونوا مع الحكومات المتعاقبة دون أن يغيروا في مبادئهم التي تربوا عليها، لهؤلاء النفر الكريم مليون تعظيم سلام. ذكرني أحد الإخوة بأن ثمار ذلك التعاون واضحة في مجالات عديدة وأهمها التعليم حيث تمكنت أجيال عديدة من الحصول على فرص التعليم في مراحله المختلفة. يعتبر مستشفى الجزيرة أبا من أقدم المستشفيات في المنطقة ولكن للأسف لم يجد حظه من الإهتمام والتطوير في العهود السابقة، وضاعت أرواح عزيرة بسبب قلة الإمكانات وعدم توفر الكوادر المؤهلة بسبب عدم توفر الظروف الملائمة التي تساعدهم على الإستقرار وهذه مشكلة عانى ويعاني منها مستشفى الجزيرة أبا طويلاً، على الرغم من قربها من عاصمة الولاية ربك. علمت أن بالمستشفى الآن طبيبتان، إحداهن طبيب عمومي والأخرى طبيبة إمتياز. بجهد مقدر من ابن أبا ونائبها في المجلس الوطني الدكتور/ الصادق الهادي المهدي تم تزويد المستشفى بمركز للقلب تم تدشينه قبل عامين ولكنه لم يعمل بسبب عدم وجود أخصائي وكادر طبي مدرب لتشغيله. أنتهز الفرصة لأتقدم بخالص الشكر وجزيل العرفان لدكتور الصادق الذي قدم الكثير للجزيرة أبا في مؤسساتها المختلفة وفاءً لدين مستحق عليه للجزيرة أبا وأهلها. في أكثر من مناسبة يؤكد دكتور الصادق أن ما يقدمه لأهله في أبا لا يستحق عليه الشكر ولا يفعله من أجل مكاسب سياسية وإنما تنفيذاً لوصية والده الإمام الشهيد/ الهادي المهدي الذي له محبة خاصة في قلوب أهل الجزيرة أبا، والذي أوصاه مع إخوته خيراً بالجزيرة أبا وبأهلها وذكرهم بأن مواطني الجزيرة أبا أهلهم وسندهم حسب ما ذكر دكتور الصادق لعدد من أبناء أبا. ما زال مستشفى الجزيرة أبا يحتاج للكثير في مجال البنيات التحتية ومعينات العمل ليقوم بأداء رسالته على الوجه الأكمل. هناك كثير من المرافق التي تحتاج لإعادة تأهيل، منها شبكة المياه والكهرباء وصهريج الماء وكذلك بعض العنابب. إستشعاراً لأهمية النواحي الطبية والصحية لإنسان المنطقة وتنميتها ظل موضوع المستشفى قاسماً مشتركاً لأبناء أبا في كل ملتقياتهم وتواصلهم. ما قام به أبناء الجزيرة أبا في المملكة العربية السعودية وتحديداً بالرياض يستحق أن يسلط الضوء عليه ليؤكد لأهلنا أن همومهم هي هموم أبنائهم وإن تباعدت بينهم المسافات. تكونت جمعية في المملكة تحت مسمى: "جمعية أبناء الجزيرة أبا بالرياض". يهدف هؤلاء الأبناء البررة لأهلهم ولوطنهم الصغير تقديم يد العون لعشقهم الجزيرة أبا في مجالات التعليم والصحة وترقية الخدمات الأخرى وشرعوا في إجراء دراسات بهذا الخصوص. أسموا أول المشروعات التي فكروا فيها: "مشروع تأهيل وتطوير مستشفى الجزيرة أبا". قامت الجمعية الوليدة بالمساهمة الفاعلة في تخليص وتوصيل معدات وحدة القلب إلى الجزيرة أبا. نذكر أن هذه المعدات أتت بمجهودات قام بها الدكتور/ الصادق الهادي المهدي كما أسلفنا، له من أهالي أبا خالص الشكر وجزيل العرفان. ظلت الجمعية في تواصل مع إدارة المستشفى عن طريق هيئة تطوير الجزيرة أبا وطالبوهم بإرسال دراسة متكاملة لتأهيله وتطويره. عندما طرح الأمر على أبناء المنطقة في اجتماع بالرياض وتم عرض المشروع وجد تجاوباً وحماساً شديداً وتم جمع تبرعات آنية وصلت جملتها في ذلك الإجتماع 11000 ريال، إضافة إلى عدد من الأجهزة والمعدات. قامت الجمعية فرع الرياض بمبادرة مع الهلال الأحمر السعودي فرع السودان لدعم مشروع تأهيل وتطوير مستشفى الجزيرة أبا. للجمعية شركاء آخرون يدعمون مشاريعها (مجلس إدارة المستشفى، جمعية النيل، جمعية أصداء، هيئة تطوير الجزيرة أبا) وجعلوا نصب أعينهم تأهيل وصيانة مستشفى أبا، بجانب تطوير ودعم أقسام المستشفى بالأجهزة والمعدات والسعي لاستقطاب الدعم المادي والعيني. علمت أن الجهود مع الهلال الأحمر السعودي قد كللت بالنجاح وتم إعتماد مبلغ 335000 جنيه سوداني ليصرف على الصيانة وإعادة التأهيل واعتبروا هذه مرحلة أولى تتبعها مراحل أخرى. نحلم أن يكون لنا مستشفى نموذجي يقدم خدمات متنوعة للمرضى للجزيرة وما جاورها ومرجعي لأمراض القلب بالولاية. نأمل أن تكون قد تمت بعض الصيانات اللازمة بالتعاون مع إدارة المستشفى ووزارة الصحة بالولاية ومعتمد المحلية مع وضع والي الولاية في الصورة لأنه تعهد بان يكون ملف الجزيرة أبا تحت رعايته وعنايته الشخصية ولا نشك مطلقاً في صدق نواياه تجاه الجزيرة أبا وأهلها. من ضمن المعدات التي تبرع بها الهلال الأحمر السعودي: (2) ماكينة تعقيم، (2) جهاز أوكسجين، (1) ثلاجة، (2) كرسي متحرك، (24) سرير طبي، كما تم التوقيع على عقد لتشييد سور الواجهة الغربية للستشفى بتكلفة قدرها 75000 جنيه سوداني. أسفرت أيضاً الجهود مع الهلال السعودي بتبرعات للأسر المحتاجة وقامت جمعية النيل الخيرية بالجزيرة أبا باستلام: (23) فرن مجهز ومعها (23) أسطوانة غاز، (2) ماكينة خياطة، (25) معزة والدة حلوب لتوزع على (25) أسرة. نرفع القبعات ونحني الهامات تقديراً لهذه الجهود الجبارة التي بذلها ويبذلها أبناء الجزبيرة أبا في الخارج والداخل وفاءً ليد سلفت ودين مستحق. متى ما توحدت الكلمة وتم الإتقاق على هدف معين بعيداً عن الإستقطاب السياسي سنصل إلى الهدف الذي نصبو إليه متمثلين بقول الشاعر: ( تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً ** وإذا افترقن تكسرت آحادا). بالتكاتف والتعاضد ونكران الذات نبلغ ما نريد وبالتقوى والعزيمة القوية يلين لنا الحديد إن شاء الله. يجب ألا تتم كل هذه الجهود بمعزل عن قيادة الولاية والمحلية وأن ننتهز فرصة إستعداد حكومة الولاية لدعم أي جهود شعبية. الجزيرة أبا تمثل مساحة جغرافية كبيرة ولا تعني فقط المنطقة المحصورة بين الجاسر شرقاً وغار الإمام المهدي غرباً، طيبة جنوباً والتمرين شمالاً. مسمى الجزيرة يمتد لقرى الدبيبات وود الفضل وحجر عسلاية والمرابيع والملاحة وشيكان وحتى الشوال ولذلك عند الحديث عن تطوير وتأهيل المستشفى يجب إستصحاب سكان هذه المناطق إضافة إلى التعداد السكاني للجزيرة أبا. إضافة إلى ما يمكن أن يقدم للمستشفى من تحسينات نرجو من أبناء أبا في الداخل والخارج التعاون التام مع السلطات المحلية ووالي الوالية في تخصيص مساحات ليتقام عليها مستقبلاً مراكز صحية في الأحياء الكبيرة وبعض القرى لتخفيف الضغط على المستشفى (دعونا نحلم). نعلم أن توفير الكوادر الطبية والصحية وخاصة الإختصاصيين مشكلة كبرى تواجه الولاية حتى في مستشفياتها الكبيرة بسبب نقص وهجرة الكوادر الطبية ورفض عدد من الإختصاصيين العمل في المستشفيات الريفية ولكن دعونا نخطط ونحلم بغد أفضل عماده توفير الخدمات الطبية والصحية والإهتمام بصحة البيئة وفي هذا المجال تعتبر الجزيرة أبا من أنظف مدن الولاية. أذكر بمقترح ذكرته في مقال سابق وهي تجربة طبقتها جامعة الإمام المهدي عندما كنت مديراً لها وتمثل ذلك في تخصيص عيادة محولة ثلاثة أيام في الإسبوع نفذها الإختصاصيون التابعون للجامعة في إطار خدمتها للمجتمع والتفاعل مع قضاياه. نناشد الرأسماليين وأصحاب الأموال من أبناء الجزيرة أبا كما نناشد أسرة المهدي على المساهمة الفاعلة في تطوير وتنمية الجزيرة أبا والسعي للحصول على موافقة خيرين أو مؤسسات خيرية من خارج أو داخل البلد لتشييد مرافق تعليمية وصحية وخدمية لهذه المنطقة الهامة من ماضي وحاضر السودان. إبتداءً من هذا المقال وفي كل المواضيع القادمة سيظل مقترح أبا الجديدة قائماً وسنذكر به سعادة والي النيل الأبيض الذي يتولى ملف الجزيرة أبا بنفسه كما وعد مراراً وتكراراً بذلك. يا والينا أبا القديمة "ست الإسم" ضاقت بأهلها ويتطلعون لتنفيذ مشروع أبا الجديدة الذي بدأ بالفعل وسلمت عقود تمليك للمستحقين في زمن سابق. على خلفية إجازة قانون رسم دعم الدورة المدرسية التي تتشرف الولاية باستضافتها ولابد أن ينال الكل شرف المساهمة في إنجاحها وعكس صورة مشرفة للولاية، سأعاود الإسبوع القادم سلسلة: "في بحر أبيض دعونا نحلم" وسيكون عنوان المقال: " مااا عصرت علينا شديييييد يا كاشا !!" [email protected]