يجد برنامج "أغاني وأغاني" كثيرا من النقد، بل والهجوم والتجريح كل عام، ثم يأتي رمضان، فتكتشف أنه أعلى البرامج الرمضانية مشاهدة، وبدرجة لا تقبل المقارنة، ويتم استنساخه في كثير من القنوات ومحطات الإذاعة باسماء مختلفة. يقوم البرنامج على فكرة وطاقم وطريقة تنفيذ، وكل منها قابلة للنقاش والنقد. فكرة البرنامج قائمة على تقديم التراث الغنائي السوداني وتوثيقه عبر أصوات شابة، للمحافظة على هذا التراث في ذاكرة الأجيال الجديدة التي تتعرض لحصار ثقافي وفني، والمحافظة على الأدائية والميلودية الخاصة التي تتميز بها الأغنية السودانية. هذا في اعتقادي هدف نبيل ومحترم يستحق من يقوم به الاحترام والتقدير. هذا لا يمنع أن تكون هناك عشرات البرامج الغنائية التي تحاول تقديم الجديد من الأغنيات، واتاحة الفرصة للاصوات الشابة لتقديم إنتاجهم الخاص. يحمل الناس البرنامج مسؤولية كبيرة نحو الغناء السوداني، هو يقوم بجزء منها، وهو توثيق القديم، لكن هناك أدوارا لمؤسسات واجهزة واتحادات لتكملة الأدوار. ببساطة ما يطالب به بالبعض حول تقديم الجديد في برنامج "أغاني وأغاني" يخالف فكرة البرنامج الأساسية، ومن الافضل الاتجاه لإنتاج برنامج آخر يركز على تقديم الجديد. في طريقة التنفيذ يقوم البرنامج على حكاوى وتقديم من الاستاذ السر قدور حول موضوع الحلقة، ثم نماذج يقدمها الفنانون الشباب. حالة التوازن بين حديث قدور والنماذج الغنائية مهمة جدا، وأحس أحيانا بأنه يتم محاصرة السر قدور واختصار حديثه لتقديم أكبر عدد من الأغنيات، وسيحدث هذا خللا كبيرا في البرنامج. هذا البرنامج ليس مجرد حفلة غنائية، لكنه توثيق وذكريات وقصص وطرائف من تاريخ الغناء السوداني تستحق أن تروى وأن تسمع. وطريقة السر قدور في الحكي وتقديم النماذج جزء أساسي من نجاح البرنامج لأكثر من عشر سنوات حتى الآن. طاقم البرنامج من المغنين يتغير بالحذف والإضافة كل عام، وأحيانا تصيب هذه العملية وأحيانا تخيب. العدد هذا العام كان كبيرا جدا، وفيه أصوات مكررة ومتشابهة لم يكن من داع لها. تكررت تجربة ازدحام المشاركين أكثر من مرة، وفي كل مرة كانت من سلبيات البرنامج ونقاط ضعفه. شكل الديكور والجلسة مع زيادة العدد أفقد البرنامج طابع الحميمية الأسرية الذي كان يتميز به. هاني عابدين وآمنة حيدر ومهاب شكلوا إضافة مقدرة ونوعية للبرنامج، فيما كان وجود أحمد الصادق ورانيا وأحمد بركات ومنتصر هلالية عبئا على البرنامج وعلى المستمع. أظن أنه عند اختيار المشاركين من الفنانين يجب الحرص على تقديم أصوات متنوعة وصاحبة طرق أداء مختلفة حتى ينجحوا في تقديم النماذج الغنائية المختلفة. مثلي مثل غيري من المشاهدين أتضايق كثيرا من طول فترة الإعلانات، لكن كل من يعمل في هذا المجال يعلم أنه لولا المقابل المادي من الإعلان لما أمكن للقناة أن تقابل الالتزامات المالية الكبيرة للبرنامج. لأستاذنا السر قدور والشفيع عبد العزيز وكل طاقم البرنامج والقناة التحية على هذا المجهود الكبير. التيار