الليبرالية تعني الحرية الفردية ، والحرية الفردية تبدأ من سن البلوغ وفي الغالب الأعم للقوانين تكون سن المسؤولية المدنية والجنائية هي ثماني عشرة سنة ، وفي العالم الحر تكون هذه السن هي سن خروج المراهق من عباءة والديه والبدء في تحمل مسؤولية نفسه . من الملاحظ أنه كلما كان النظام الاجتماعي والسياسي دكتاتوريا كلما زاد اعتماد المراهق على أسرته وامتد به الأمر لأعمار طويلة. فأسوأ شيء يمكن أن يمر به الشاب هو عدم تحرره منذ الصغر من الإعتماد على الآخرين ، ويفضل الآباء ضمان مستقبل ﻷبنائهم من خلال التعليم المستمر وهذا يحد من العمالة البشرية ويزيد حالات التبطل والعطالة ما بعد الدراسة لعدم اكتساب الشاب خبرات عمل في مجال آخر خارج نطاق دراسته مما يجعله محصورا في منطقة ضيقة جدا يدور داخل دائرتها دون إمكانية اقتحام حدودها ، وفي الأنظمة الإجتماعية المقيدة لحرية الفرد يعيش المراهق هذه الفترة في حالة ارهاق جنسي كبير جدا ومشقة في استنزاف طاقته الجنسية من خلال وسائل مشروعة قانونا بل تكون الممارسة الجنسية -أيا كان شكلها- تحت المراقبة والمعاقبة الأسرية والاجتماعية والقانونية ، مما يشكل ضغطا نفسيا حادا له ، ولذلك تكثر الأمراض النفسية وجرائم التحرش الجنسي والاغتصاب ، ولذلك فإن الحرية الجنسية هي العامل الموازي لهذا العالم الضيق. فمن خلال الحرية الجنسية يتم تقنين ممارسة الجنس خارج إطار الزواج في منافذ تحت الرقابة الطبية والقانونية لضمان عملية جنسية آمنة للأطراف ، وبالتالي تقل حالات الشذوذ الجنسي والاغتصاب والتحرش السائدة في المجتمعات المكبوتة اجتماعيا وقانونيا ، لأن هناك منافذ طبيعية. كما أن الحرية الفردية لو صيغت صياغة ليبرالية حقيقية لأدى ذلك إلى تملك الشاب لوسائل الزواج وسهلت عملية الزواج حيث أن المجتمع الحر لا يتدخل بقوانينه ومتطلباته في شروط الزواج وكان الزواج مسألة فردية بحتة لطرفين قررا إحتكار العلاقة الجنسية بينهما فقط. فلنلاحظ مثلا إجراءات الزواج في أي دولة لا تتوفر فيها حرية فردية، سنجد أن الزواج يستمر ﻷيام أو أسابيع وما يستتبعه ذلك من انفاق أموال طائلة ، في حين أن الزواج في دولة ليبرالية حقيقية لا يكلف إلا رسوم القضاء الذي يسجل الزواج المدني. إهدار الطاقات الجنسية يستمر ﻷعمار كبيرة جدا في المجتمعات المغلقة ولو أننا حسبنا كمية ما يهدر من الطاقات الإنجابية ﻷدركنا أننا نخسر ملايين من الأفراد الذين كان بإمكانهم الخروج إلى هذه الحياة ، فلننظر إلى سن الزواج المتأخرة في السودان مثلا، لو حسبنا القدرة الانجابية الضائعة من فترة المراهقة وحتى متوسط سن الزواج المرتفع والذي قد يصل إلى اربعين سنة سنجد أن بإمكان المرء إنجاب عشرات الأطفال خلال هذه الفترة الضائعة ومن ثم زيادة القوة الاقتصادية للدولة بزيادة العمال أي بزيادة الموارد البشرية والقوى العاملة ، فتأخر سن الزواج يعني تأثير سلبي على الاقتصاد القومي مما يتطلب استيراد قوى بشرية من الخارج . هذا ناهيك عن زيادة الجرائم الجنسية. في المجتمع الحر لا يوجد لقطاء ، فممارسة الجنس والانجاب مسؤولية فردية وبالتالي لا تتكدس دور الأيتام باللقطاء كما يحدث في الدول المكبوتة ذان النظام الاجتماعي الفضولي . إن تحرير الفرد جنسيا هو تحرير للطاقات البشرية الخلاقة والمبدعة ، وتحرير للفرد من التبعية الاجتماعية المقيتة وزيادة في القوى البشرية المطلوبة لتقدم الدولة اقتصاديا وسياسيا. 21 يوليو2016 [email protected]