لكل حزب مرجعية اخلاقية يستمدها من أيدلوجيته دينية كانت ام دنيوية ومن موروثات وثقافة شعبه. ومن هنا تاتى معايير الاستقامة الاخلاقية او عدمها . وهذه المرجعية تشكل جزءا أصيلا من ادبيات الحزب المعنى. وغالبا ما يكون هناك ادعاء تفوق المنظومة الاخلاقية للحزب على عامة الشعب استنادا الى ان المنظومة الاخلاقية تأخذ أفضل ما عند الشعب وتضيف اليه بسبب الانتماء الى مجموعة دينية، سياسية او طبقية او تداخل بعض او كل هذه العناصر. وقد اثبتت تجارب الأحزاب السياسية خطل وخطورة هذا الادعاء والذى يدعى التفوق نظريا ويمارس الانحطاط على ارض الواقع. وانا هنا وفى هذا المقال القصير لا أقوم بدراسة مفهوم الأخلاق فى مجتمعنا السودانى على مر العصور وكيف يتجلى هذا المفهوم فى ادبيات وممارسة أحزابنا السياسية. وهو امر جدير بالدراسة الدقيقة. أودّ فى هذا المقال ان أسلط بعض الضوء على استعمال "الأخلاق" كسلاح فى الصراع الدائر الان فى معركة قيادة الحزب الشيوعي السودانى ضد ما سمى بمجموعة الشفيع ومجموعات اخرى وهى ظاهرة جديرة بالدراسة. جاء بصحيفة الوطن بتاريخ 21 يوليو 2016 كعنوان رئيسى "الشيوعي: أسباب فصل الشفيع "اخلاقية وتنظيمية" وسيتم فصل المزيد" وقد اوردت قيادات الحزب الكثير من الأمثلة للجزء التنظيمى وهو تغيب الشفيع عن اجتماعات اللجنة المركزية دون إذن ورفضه مقابلة لجنة او لجان التحقيق. ورغم علمنا بتفاصيل هذه الادعاءات فليس لنا الحق فى الرد عليها او الدخول فى تفاصيلها والشخص الوحيد المؤهل للرد هو دكتور الشفيع لانه الطرف الثانى فى هذا الاتهام. تركيزنا سينصب على الجانب الاخلاقى والذى يتم الإشارة اليه دون تفصيل. ترى ما هى الأسباب الاخلاقية التى تشير اليها قيادة الحزب. نحن لا نستند الى تصريح الوطن فقط ولكن نعلم ان الاتهام الاخلاقى دائماً ما يرد كتهمة ضد من يتركون الحزب او يتم فصلهم لخلاف ما مع الحزب. ودون ذكر اسماء فهناك شخصيات تسنمت قيادة الحزب الشيوعي السودانى لردح من الزمان وتحدثت باسم الحزب ومثلته فى المحافل المحلية والإقليمية والدولية ولم نسمع كلمة واحدة تشكك فى أمانتهم او سلوكهم الجنسي او الاخلاقى ولكن وبمجرد اختلافهم مع الحزب او خروجهم عليه او فصلهم يبدأ التصريح والتلميح وغالبا شفاهة عن سوء خلق هؤلاء الرفاق. قد تصدق بعض عضوية الحزب مثل هذه الاتهامات لانها ترى الأحداث بمنظار الأيديولوجيا الذى يصيب بعمى الألوان ولكن الرسالة التى تصل المواطن الذى لا ينتمى الى الحزب بسيطة جدا وهى كيف تحول هذا الشخص او ذاك من مناضل لم يشكك الحزب فى اخلاقه فى يوم من الأيام الى لص وزير نساء ووو بمجرد ان أعلن اختلافه مع الحزب. وهل كان الحزب يعلم بسلوك هذا القيادى المنحرف ولكنه غض الطرف عنه حتى اختلف مع الحزب وكم من المنحرفين واللصوص فى القيادة الحالية ويصورون لنا كانقياء يمثلون قمة الاستقامة التى تحقق معيار السودانى غير المنتمى وتتفوق عليه بسبب الانتماء الطبقى. انها أسئلة مشروعة جدا ولا تحتاج الى كثير ذكاء. ولقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي من ديناميكية مثل هذه الاتهامات حيث كال البعض اخطر مما اتهم به الشفيع لقيادات باللجنة المركزية للحزب تدير هذا الصراع. فهناك حديث عن اتهامات مالية وتحرش جنسى بقصر وحتى بلاغات محليه بالسودان او بأوروبا. نحن لا نقول بصدق او بطلان مثل هذه الاتهامات ولكن نرى انها تطرح سؤالا هاما وهو أين ينتهى الخاص ومتى تصبح حياة السياسى عامة وملكا للجميع يحق لهم معرفة تفاصيلها. ان أعضاء اللجنة المركزية وكادر الحزب السياسى القيادى أناس يقدمون أنفسهم للشعب السودانى وقد يحكمونه فى يوم من الأيام. ومن هنا تاتى أهمية سيرتهم الذاتية وان كان هناك أمرا خاصا سيؤثر على مقدرتهم على الحكم على الأشياء. ولعل الجميع يوافقنى ان من يتحرش بالنساء او من يتحرشن بالرجال ليس لديهم فرصة فى قيادة حزب يقدم نفسه لحكم الشعب السودانى. أنا ضد التشهير بالأفراد ولكن اشدد على مسؤولية الحزب بان يتم الفحص ليس مرة واحدة ولكن يجب ان يكون فحصا دوريا وتقوم به لجنة متخصصة وبطريقة علمية لفحص كادره القيادى والتاكد من سلوكه ان مثل هذه الممارسات الاخلاقية والتى تستخدم كسلاح هى نادرة ومن أفراد يحسبوب على أصابع اليد الواحدة حسب علمى. فهناك الشرفاء من بنات وأبناء الشعب الذين يمتازون بالاستقامة الفكرية والأخلاقية داخل وخارج الحزب وهم لا يروّجون لمثل هذه الاتهامات. اللجنة لقفل الباب فى وجه من يعانون من هذه العلل. وحتى لا تصبح اللجنة سلطة اخلاقية على الجميع يجب ان يراجع عملها من هيئة عليا وان يخضع عملها لسلطة الموءتمر العام. . فليس من المقبول اخلاقيا تحول الأخلاق الى اداة صراع ضد الخصوم مع رفاق الماضى لا معيارًا هاما للتكليف بمهام قيادية. هذا الاستخدام يرسل رسالة قصيرة ومعبرة جدا لمن هم خارج الحزب وهى عدم أخذ الالتزام الاخلاقى ماخذ الجد من قبل قيادة الحزب. ان العلاج فى مبدأ تطبيق المعايير الاخلاقية التى نطبقها على الآخرين على أنفسنا. وهو مبدأ اسماه المفكر نعوم شومسكي مبدأ العالمية "Principle of universality" وهو يرى انه مبدأ مركزى لأية نظام اخلاقى مسؤول وهو واجب اخلاقى ومعرفى. ان الادعاء بطبقية الأخلاق هو بداية السماح بالانحراف عن المبادئ الاخلاقية لمن تدعى تمثيلهم وتسعى الى حكمهم. [email protected]