# أمثال عثمان ميرغني وحسين خوجلي، ممن يحاولون تغبيش وعي الشعب، بصنع (عجل مقدس) من الجيش يهدرون وقت هذا الشعب فيما لا طائل من وراءه، فإصلاح الخطأ لايتم دون الاعتراف به. # الجيش السوداني ليس بحاجة لإصلاحات وتأهيل كما يذهب البعض، فالحقيقة المرة أنه بحاجة ماسة لإعادة بناء وهيكلة على أساس قومي ومهني وإحترافي، فمشاريع الأحزاب السياسية وإنقلاباتها، أدت لتوريطه أن يقف بمواجهة شعبه، وليس بمواجهة أعداء شعبه! كما أضعفت قدرته على مواجهة أعداءه الخارجيين لحماية وطنه ووحدته! # الحقيقة التي يجب أن يتم الاعتراف بها، أن هذا الجيش بالفعل قد نال من قبل من أهلنا وأشقاءنا في الجنوب، وينال الآن -ممن يفترض نظريا أنهم أبناء شعبه- في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور، وقد خاض حرب إبادة وأرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بمساعدة ميليشيات وعصابات، وثقتها المنظمات الدولية المعنية في العالم كله، وطالت التهم في ذلك رموزه العسكرية!! والآن الجيش ينفذ سياسة هذا النظام باستخدام (الطعام سلاحا في الحرب). # لماذا نصب جام غضبنا على الجيش: لأن كل مقدرات الجيش مكرسة لحماية النظام، ولأن هذه الحروب التي يخوضها الجيش ليست حروبه في الحقيقة، وإنما حروب النظام وحلفاءه والنخب المتواطئة مع سياساته الضيقة! أين تكمن مشكلة هذا الجيش؟ التي تقتضي التفكير جديا في إعادة بناءه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في سبيل مستقبل هذا الوطن؟ # عندما تأسست القوات المسلحة السودانية سنة 1925 (قوة دفاع السودان، نواة الجيش الحالي). ظلت عقيدته القتالية منذها (الدفاع عن الوطن والحفاظ على سيادته ووحدته الوطنية) وكان جزء من عقيدته القتالية (تقديم المساعدات أثناء الكوارث الطبيعية، وحفظ الأمن في حالة الأوضاع الأمنية المضطربة). # على عهد نظام 30 يونيو 1989 الماثل حتى الآن، فشل هذا الجيش في كل ما يتعلق بالعقيدة القتالية التي صمم على أساسها، ولسنا هنا بحاجة لذكر أمثلة، فحال السودان شعبا وأرضا يغنيان عن السؤال!! # وربما تعود جذور هذا الفشل لمرحلة التكوين، فهذا الجيش منذ تكونه الجنيني في 1925 تكون على أساس جهوي وعشائري (الفرقة الإستوائية، فرقة العرب الشرقية، فرقة العرب الغربية، الهجانة). فقد يفسر هذا التكوين على أساس جهوي/عشائري، ضعف الحس القومي، بالسودان كوطن لشعوب متنوعة في أعراقها وثقافاتها ومعتقداتها، ويحيل بالضرورة لمشكلة الهوية عند النخب السياسية، ويفسر في الوقت نفسه تخطيطها الإنقلابات لحسم هذا السؤال بالقوة المسلحة، التي تسند المشاريع الإيديولوجية العربية أو الإسلامية؟ # وبطبيعة الحال يفسر أيضا حركات (رد الفعل) من داخل الجيش؟ كأن يخرج (الجيش الشعبي) الذي قاد الحرب في الجنوب وتوجها بالإنفصال من رحم (القوات المسلحة السودانية) نفسها؟ وذلك عندما نشأت (حركة تحرير شعوب السودان/ SPLM) عندما تمردت الكتيبة 105 في بور عام 1983 كما خرجت من رحمه من قبل حركة (الانيانيا 1و2) بتمرد الفرقة الاستوائية في 1955. # وغني عن القول أن الجيش قبل إستيلاء الجبهة الإسلاموية على السلطة، ظل مسرحا لنشاط التنظيمات السياسية القومية العربية والشيوعية والطائفية والإسلاموية، الخ.. # أضف الى ذلك أن رصيد هذا الجيش تاريخيا حتى الآن، 3 إنقلابات ناجحة: عبود، نميري والإنقلاب الاسلاموي الأخير الذي قاده عمر البشير و32 إنقلابا فاشلا. # كما أنه من ضباط وجنود هذا الجيش كونت الأحزاب السياسية، (القيادة الشرعية)، وكون العميد عبد العزيز خالد (قوات التحالف السودانية). وذلك لأن إنقلاب الحركة الإسلاموية في 1989 قام بأكبر حملة تصفية يشهدها تاريخ هذا الجيش، على أساس الولاء للحركة الإسلاموية ومشروعها الإسلاموعربي، حيث تم الاستغناء عن أكثر من 22 ألف جندي وما يفوق 8 ألف ضابط وضابط صف من الأسلحة المختلفة بما في ذلك السلاح الطبي؟ # وعندما نتوقف عند الإنقلاب الاسلاموي الذي خطط له الترابي، و المستمر منذ 1989 حتى الآن، نجد أنه لم يكن المحاولة الأولى للإسلامويين، فقد حاول الأخوان المسلمين من قبل على عهد مرشدهم العام الرشيد الطاهر بكر في نوفمبر 1959 الإنقلاب (محاولة علي حامد وعبد الرحمن كبيدة)، لتحديد مسار السودان المستقل حديثا وتوجيهه بما يتوافق ومشروع الأخوان المسلمين. # الحرب الراهنة في الهامش، هي امتداد للحرب التي ظل الجيش يقودها لأكثر من 50 عاما استنزفت قدراته ومعنوياته، وجعلت هذا السؤال يطرق مسامعه بشدة: (لماذ لأكثر من خمسين سنة يحارب شعبه؟) سواء في الجنوب أو دارفور وجنوب كردفان أو النيل الأزرق؟ لماذا يستمر في الدفاع عن حكومات ونظم تفتقر للحس القومي، ولا تفكر سوى في مشاريع الأحزاب التي جاءت بها؟ لماذا لا يعيد بناء نفسه كمؤسسة قومية مهنية إحترافية مستقلة عن السياسيين وصراعاتهم الإيديولوجية التي أضاعت على الشعب ماضيه وفرطت في وحدته وأرضه وتغامر بمستقبل ما تبقى منه الآن؟ [email protected]