في مطلع هذا الشهر قالت وزيرة الرعاية الاجتماعية إن المخدرات في الخرطوم وصلت إلى المدارس، ولكن وزير التربية والتعليم أنكر الأمر وقال إن المدارس معافاة من المخدرات، مع إنه يعلم تماماً إنها غير معافاة، ليس من المخدرات فحسب بل من أمراض أخرى كثيرة بشهادة وزارة الصحة والسبب هو الاهمال لهذه المرحلة التعليمية المهمة جداً، فهي تضم أطفالاً يفترض أن تحيطهم الدولة بكامل أنواع الرعاية الأكاديمية والصحية والاجتماعية من خلال تضافر وتناغم جهود الوزارات والمؤسسات ذات الصلة ، ولكن المشاكل التي تظهر بالمدارس كل يوم تثبت أن الدولة لا تقوم بأي عمل من شأنه أن يسهم في تطوير التلاميذ ويحميهم من المشاكل التي تدمر مستقبلهم . تلاميذ المدارس في السودان عموماً يعانون من الكثير من الأمراض أغلبها سببه البيئة الاجتماعية والمدرسية عموماً وعدم توفر الحياة المناسبة لنموهم . وزير الصحة الولائي مأمون حميدة كشف عن إصبة 27% من التلاميذ بالاضطراب النفسي استناداً على دراسة قامت بها إدارة الصحة المدرسية التابعة لإدارة الرعاية الصحية الأولية، أي أن أكثر من ربع تلاميذ ولاية الخرطوم يعانون من اضطرابات نفسية، السؤال الذي يفرض نفسه هنا لماذا يصاب التلاميذ وهم في سن الطفولة بالاضطربات النفسية؟. لا شك أن هناك أسباباً أدت إلى هذه المشكلة فالاضطرابات النفسية عند التلاميذ عادة لها علاقة إما بالمشاكل الاجتماعية وأهمهما المشاكل الأسرية أو نتيجة مشاكل في التعلم التي لها علاقة بالإدراك أو صعوبات في الكلام أوالسمع، أو أنها ناتجة من البيئة المدرسية وتعامل الأساتذة، وأحياناً لها علاقة بالوراثة، ولكن في كل الأحوال العلاج يحتاج إلى تحديد الأسباب. وزارة التربية والتعليم ليس لديها نظام دقيق تتابع من خلاله الأحوال الصحية للتلاميذ حتى يمكن أن تتعرف على سبب إصابة كل تلميذ بالاضطراب النفسي ولذلك وزارة الصحة حددت النسبة أو العدد ولم تحدد الأسباب وهذا الأمر تتحمل مسئوليته وزارة التربية والتعليم . هنا يظهر دور المرشد النفسي أو الباحث الاجتماعي المؤهل فوجوده بالمدرسة ضرورة وليس مجرد مظهر تجميلي، وزارة التربية والتعليم تتحمل جزءاً كبيراً من المسئولية، فهي ما زالت لا تعطي هذا الأمر أهمية على قدر حجمه، فكثير من المدارس ليس لديها مرشد نفسي أو باحث اجتماعي وحتى التي لديها فهو لا يستطيع أن يقوم بدوره كاملاً لأسباب كثيرة . الإحصائية التي ذكرها وزير الصحة بولاية الخرطوم لاشك أنها كبيرة ومثيرة للقلق، أن يصاب أكثر من ربع تلاميذ ولاية الخرطوم باضطرابات نفسية أمر مفزع، ولا أشك أن الأمر يعمم على جميع مدارس السودان فالحال من بعضه، على الأسر مراجعة صحة أبنائهم، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تعلن حالة الطواري فالأمراض تهدد المدارس. التيار