تعمل الليبرالية في حدها الأقصى بواسطة الرأسمالية على تفكيك المجتمع ، أي تفكيك هيراركية التواصل الاجتماعي ، هذه التراتبية الوصائية من جهة ومن جهة أخرى تهدم المنتج الثقافي الجماعي ، وتلغي من حول الفرد الأغلال والقيود المحيطة به عقلا وقلبا ، معنويا وماديا ، ليبلغ هنا الحد الأقصى من الحرية الفردية. جنسانيا -أي على مستوى الجندر- فإن الأنثى تتحلحل من روابطها السابقة وتنفصل عن مجتمعها لبناء حياة خاصة بها وهي في سبيل البقاء والحياة لا تجد سوى قوتها الذاتية وإرادتها لمواجهة الواقع بقوة ، القضية الجوهرية هي أن المرأة تتحرر من الوصاية القيمية عليها من قبل المجتمع ﻷن المجتمع نفسه تحلل إلى مجرد أفراد يديرون مصالحهم الخاصة إدارة ذاتية وبراغماتية وليس لدى الفرد الوقت الكافي لمتابعة قضايا الآخرين ، هذه الصورة نجدها متغلغلة في المجتمع الأمريكي دون الأوروبي هذا الأخير الذي لازال متمسكا بهوية سيسيوثقافية تكبح انفلات الفردانية من إطار الجماعة ، مع ذلك فإن هذا لا يعني أن الفرد الأوروبي لم يتحرر بعد ، بل تحرر فكريا ومع ذلك له ارتدادات روحانية الى الخلف قليلا خلافا للفرد الأمريكي الذي نهضت ثقافته على الفردانية المحضة والقاسية . هكذا يقول جون ديوي ، وهكذا تسير الليبرالية نحو صراع بين قيم مجتمعية وحرية فردية وتنتصر في النهاية الحرية الفردية ، هذا يقودنا إلى تحرر علاقات الزواج ؛ لتصبج شأن ثنائي محض ، لتكوين أسر نووية بدلا عن الأسر الممتدة ، وباعتباره شأنا ثنائيا خاصا جدا فإن الرقابة الاجتماعية عليه تقل ؛ ويتحول الأمر من مشروع اجتماعي مقدس إلى اتباع النهج البيروقراطي فقط . يتحلل الزواج إذن من كونه ذو تأثير جماعي إلى نسبية وانحسار أثره بين طرفين وهكذا لن تلعب الدوطة دورا كبيرا في تحديد قبول الزواج من رفضه أسريا أو مجتمعيا . وحينها لن يلعب المهر أي دور إلا لدى الأسر الارستقراطية أو البرجوازية العليا التي لا تزال تتمسك بهوية عامة . ولكن الغالبية ستتابع هذه الزيجات من باب الفضول والإثارة الإعلامية لا أكثر ولا أقل . إن الليبرالية هي الحل الأمثل لمشكلة الزواج التي تعتري المجتمعات التقليدية والتي بسببها ارتفع سن الزواج إلى أسقف عالية جدا ، ﻷن القضية اجتماعية أكثر منها دينية ، وحين نلغي هذا الجانب الاجتماعي فإننا نلغي أسباب ارتفاع المهور وغلائها وما يجاورها من متطلبات. إن الفردانية هي الحل والفردانية لا تتعاظم إلا في مكون اجتماعي ليبرالي حر. 22أغسطس2016