تزخر اليلاد بعدد لا يستهان به من الحرفيين و ذوي المهارات اليدوية الخلاقة(Handyman) وتهتم الدول المتعافية بنيويا بتشجيهم و رعايتهم للاستفادة من امكانياتهم . الا ان الحال في السودان عكس ذلك تماما فهم يتعرضون للتجاهل و التكسير الممنهج بشتى السبل و مثال لذلك هو فرض كمية مهولة من الضرائب دونما الانتباه لدورهم الجليل في فتح مجالات عمل و تدريب لعدد كبير من الشباب. سافرد بعض الكلمات للكتابة عن احدهم و اسمه فتح الباريء..... انه احد الكوادر الفنية الخلاقة كما يعتبر مدرسة فنية متكاملة و المدهش في الامر انه لم يتلق اية تدريب ممنهج فقد كان يعمل موظفا بسيطا بمحلية حلفا الجديدة. ان اسهامات هذا المبدع (Creative)او اسميه المبتكر متعددة و لازال يغذي المدينة بابداعاته الحرفية اضف الى ذلك عدد من الشباب يتدربون على يديه بدون اي مقابل . عصب التقدم التقني و العمراني يعتمد على هؤلاء المبتكرين فبقليل من الخطط و الرؤى المستقبلية يمكننا تفريخ اجيال من الكوادر الوسيطة المنتجة و التى عليها يتوقف التطور و البنى التحتية (Infrastructure) للدول. هناك نظرية تعليمية لاحد فلاسفة التعليم و علم النفس الحديث تعزز ما يقوم به شخص المبدع فتح الباريء و ابنائه الجذولي و الاخطل و الربدي الا وهي االتعليم بالعمل (Learning by doing) للعالم الامريكي (John Dewey, 1859-1952) لن يكلف الدولة و المحليات شيئا اذا استعانت بامثال فتح الباريء تعليميا وتسويقيا و اعني بذلك خلق نوع من التنسيق بايفاد طلاب المعاهد التدريبية لتلقي نوع من التديب في ميدان الحياة(Real life) وهو اجدى وانفع مقارنة بالتدريب داخل المعاهد. رؤيتي ان تكتفي هذه المعاهد بالجانب النظري اما الجانب العملي هو ارسالهم للعمل الميداني و مثال لذلك طلاب كلية الطب فهم يتلقون التدريب العملي داخل المستشفيات و يكتسبون الخبرة من التعامل مع المرضى مباشرة نفس الشيئ يمكن تحقيقة مع هؤلاء المبدعين و هذا يمكن الطالب من الاندماج و تطبيق(Integration & application) الدراسة العملية ميدانيا. هذا التنسيق البناء سينعكس بشكل ايجابي على الطرفين حيث يستفيد المبدع كما في حالة المبتكر فتح الباريء بالتسهيلات و الاعفاءات الضريبية لقاء عمله و الشق الاخر هو تنظيم وتسويق هذه الاعمال الحرفية من جانب المحليات او منظمات المجتمع المدني و الاكاديمي و هذا سيخلق نوع من الغيرة الايجابية بين هولاء الحرفيين. تخصيص ساعات للتدريب الميداني من صميم كليات التقنية و المعاهد الفنية و يتم هذا في معظم دول العالم في ما يسمى بميدان العمل الحقيقي (Real Life ) حتى يتعرض(To expose) المتدرب لمعضلة حقيقية و عليه معالجة المشكلة بدلا من صالات التدريب التي تفتقد لابسط ادواته التجريبية الا ان قضاء فترة تدريب عملي بالخارج يمكن المتدرب من التعرف و اكتساب خبرات الحرفيين و المبدعين المهرة و خير نموذج لذلك هي حالة المبدع فتح الباريء. بقليل من الجهد و الرؤى يمكن تطبيق هذا الاسلوب الاكاديمي . ومن جانب اخر يجب الشروع في تشجيع هولاء الحرفيين ادخالهم في دائرة الضمان الاجتماعي و التامين الصحي . نفذ فتح الباريء اعمال تستحق الذكر ففي فترة الثمانينيات فشلت هيئة كهرباء حلفا الجديدة في انارة القرية مرشد (10) وهي القرية التي يسكن فيها فتح الباريء و يعود الفشل لعدم وجود كوادر فنية تستطيع تصميم ما يسمى بعازل تحميل كهربائي –قفيس- (Dielectric Load) و هو يربط على كل عمود كهرباء لشد و ربط اسلاك الكهرباء و قد تبرع الرجل العصامي فتح الباريء بتصميم و تجهيز عدد قفايس كل اعمدة كهرباء القرية نجح لوحده في مشروع فشلت فيه هيئة حكومية بكل خبراتاها و امكانياتها!!!!! كما قام بتصميم وتنفيذ ملاعب للاطفال بالقرية (6) و القرية مرشد (10) و تصميم صهريج ضخم سعة 500 برميل بقرية ام القرى و غيرها من الاعمال كما يقوم بصيانة كل انواع السيارات و الاجهزة الكهربائية حتى اطلق الناس على ورشته الهندسية المتواضعة جدا و الكائنة بالقرية مرشد اسم شركة كل شي ممكن ... هذا الفتح باريء انسان متقد القريحة و له رؤى كثيرة فقد بدا حياته كموظف كما اسلفت الا انه كان شعلة نشاط اتذكر تقديمه لبرنامج مشكلات محلية بتلفزيون حلفا الجديدة في منتصف الثمانينيات كما انه يتمتع بكاريزما جاذبة وسحر في الحديث. نموذج فتح الباريء يقتضى النظر و التفكر بطريقة ايجابية في شان هولاء المبدعين و كيفية الاستفادة منهم. يمكن تحقيق كل ذلك بقليل من التخطيط و التنسيق الممنهج بين كل قطاعات البلاد. صالح علي ابراهيم (صلاح) [email protected]