ونحن فى المدرسة الابتدائية كان مدير المدرسة والذى هو نفسه معلم اللغة العربية دائما مايدخل الى الفصل ويلقى محاضرة طويلة عن اهمية النظافة و التشجير وتجديد الطلاء والمكتبة وضرورة تهيئة البيئة المدرسية الملائمة بما يضمن نجاح العملية التعليمية و لاينسى ان يختم ب : وعشان كده يااولاد لازم تجيبو ال.... قرش ! لم يحدث ان امتنع احدهم عن دفع المبلغ كما لم يحدث ان تمت معاقبة من لم يدفع لعدم الاستطاعة المادية فهذه كان يوضع لها اعتبار ! كانت عملية تهيئة البيئة عملية مستمرة وملحوظة كما كان يتم عمل احتفالات ترفيهية بين فترة واخرى للطلاب انفسهم باشراف المعلمين وفيها يتعلم التلميذ مايسمى بالشجاعة الادبية من خلال الوقوف امام الجمهور و ابراز مختلف المواهب والتى يتم تطويرها تدريجيا بالممارسة العملية المستمرة و يتم التنافس على الجوائز المقدمة دون محاباة او مجاملة او تحيز لاحد كما كان يتم دعم المكتبة المدرسية بشراء كتب ومجلات الاطفال المفيدة و الهادفة ولا اذكر انه حدث ان تمت دعوة مجلس الاباء للتبرع للمدرسة بشىء فكل شىء كان يتم عمله بذلك المبلغ ! بل كانت تتم دعوتهم فقط لحضور احتفالات نجاحات ابنائهم وكانت حصة المكتبة اساسية يقوم فيها التلاميذ بتلخيص ما استفادوه من المادة المقروءة لتعم الفائدة، كانت هنالك حصة الادب والنصوص يلحن فيها المعلم القصيدة ويقوم التلاميذ بتأديتها ورائه بلحن جميل وراقص مع دقات مموسقة على الكنب والتكالات مصحوبة بابتسامات وتصفيق المعلم الملحن ! وكان لذلك اثر فى تسهيل حفظ المقرر من القصائد حيث انها لاتنسى بسهولة ، لاتذبذب فى التعامل اللين فى محل اللين والشدة فى محل الشدة ، كانت هنالك عقول ذكية و لم تكن هنالك موبايلات ذكية ! ، كان هنالك احترام المعلم وتوقيره و لم يكن هنالك طالب يفكر مجرد تفكير فى ان يقوم بضرب معلمه او الاساءة اليه بكلمة او كلمات سرا او جهرا بل احيانا يشار الى المعلم بما يستمد من صفاته الايجابية ومن ذلك اذكر انه كان لدينا معلم انيق على الدوام لا يرتدى الا ملابس نظيفة و مكوية وكان التلاميذ يلقبونه بالمكوجى و اصبح بعضهم ياتى فى درس العصر بنفس استايل المكوجى ! وحتى انه سمع احدهم مرة يقول لاخر استاذ مكوجى جا فاكتفى بالضحك والتوبيخ الخفيف ولم يعاقبه لعلمه بمدى تاثيره الايجابى عليهم ! ، كانت الاستفادة حتى من العقوبات سواء التى كانت بالبسطونة او سوط العنج او الخرطوش الاسود او فرع النيمة الخ فى تقويم عملية التعلم ومن ذلك اذكر ان معلم مادة التربية الاسلامية كانت لديه لبعة قوية لمن لم يحفظ المقرر عليه فكان الكل يحرص على الحفظ بل والفهم لانه احيانا يسالك بعد التسميع ماالذى فهمته ؟ فاذا لم تكن فاهم فلن تنجو من كلمات ياحليلك يا النايم على حيلك ! وبالطبع تتبعها اللبعة مباشرة ! كذلك يستفاد منها فى تعديل السلوك فهى ليست عقوبة لايقاع الاذى الجسدى بالضرب المبرح الذي يؤثر على التلميذ جسديا ومعنويا بل عقوبات هادفة ومفيدة فى هذه المرحلة العمرية ففيها يتم غرس قيم الاهتمام والاحترام ويمكن ان يكون من بين ادوار الاخصائي الاجتماعى بمدارس اليوم دور المرشد والموجه الذي يختار ويقرر ويقترح انسب الطرق لعقاب الطالب بناءا على دراسة حالته بحيث لا يؤثر العقاب على الطالب اى تاثير سلبى على المدى القريب او البعيد وكمثال لاصرار معلم زمان على غرس قيمة الاحترام فى نفوس التلاميذ اذكر ان مر احد المعلمين بدراجته امام مجموعة تلاميذ مشاغبين يجلسون فى شارع خارج المدرسة فى يوم عطلة ولم يقم ايا منهم له فكان ان تمت معاقبتهم جميعا بالبسطونة وفى الشارع ولم يعترض ايا منهم او من اهاليهم ! ربما يعترض احدهم قائلا ان ذلك يعنى زرع الخوف حسنا فى البداية ربما خوف مؤقت يتدرج الى احترام تام بمعرفة قيمة المعلم والتعليم بمرور الايام ! ، تلك اجيال الامس فهل هى كذلك اجيال اليوم ! . ابوبكر [email protected]