زيدان إبراهيم غاب من بعد طلوع...وخبا بعد التماع. يعد الفنان زيدان إبراهيم واحداً من إشراقات فن الغناء السودانى، ولعلنى لا أكون مبالغاً لو قلت أنه كان فى منتصف سبعينيات وحتى ثمانينيات القرن المنصرم النجم الغنائى الأكثر توهجا ولمعانا، حتى أطلق عليه لقب ( العندليب الأسمر ) تيمنا بعبدالحليم حافظ . امتاز زيدان بطبقة صوتية جعلت لغنائه شجنا وعذوبة وكسته بالرومانسية العالية، وقد ساهم فى ذلك أيضاً حسن اختياراته للنصوص الشعرية بجانب اللحنية ، إذ جاءت ألحان الملحن المبدع/ عمر الشاعر متسقة تماماً مع مايرغب فيه زيدان وما هو مخزون فيه من إبداع . من ضمن العوامل التى ساهمت فى شعور الناس بتلك الدفقة الرومانسية العالية فى غنائه، النحافة الجسدية ورقة ملامح الوجه والحزن الذى ظل يكسو عينيه. هنالك أيضاً عاملاً يتسم بالأهمية ، وهو البيئة المحيطة، فحى العباسية الذى قطن فيه زيدان كان هو الحى الثانى - فى أم درمان على وجه الخصوص و العاصمة القومية على سبيل العموم- بعد حى العرب زخرا بالمبدعين فى كثير من الأصعدة الفنية والرياضية، فكان أن صدح زيدان بصوته دون قيود مجتمعية تعيق تقدمه فى طريق الفن. زيدان غنى اشعارا دارجة كما غنى بالفصيح، ولم يخطئ أبدا أو يلحن فى كلمة أو مفردة عربية، وحرص حرصاً جيداً على سلامة مخارج الحروف ، فكان أن صار ملكاً متوجا للسهل الممتنع فى الأداء، فما أن نقر القيثارة وغنى، حتى تدفقت مشاعر الناس حبا ، وسكرت عقولهم دون خندريس. غناء زيدان كان عاملا من عوامل صمود الأحاسيس الجميلة ضد تقلبات الزمان ، ووسيلة لمناجاة الغائب و للتعبير عن الهيام والمودة، وآلية من آليات الغفران والصفح. تصادف فى أيامنا هذه الذكرى الخامسة لرحليه، فالرجل بعد أن داوى نارنا والتياعنا، ماتمهل قط فى وداعنا، فقد هده طول الصراع، فغاب من بعد طلوع، وخبا بعد التماع. له الرحمة والمغفرة. محمود، ، ، ، محمود دفع الله الشيخ / المحامى [email protected]