الغاء العقوبات الصادرة ضد قيادات الحركة الشعبية، يعني أن حكومة الانقاذ (تأخذ وتعطي) في موضوع الوثبة، وأن هناك حوار لم ينقطع بينها وقطاع الشمال وبقية المناوئين، وأن للادارة الامريكية فعل ما، سيظهر جلياً في فترة الظلال.. ظلال الانتقال ما بين عهد أوباما ود النوبة وخليفته المُنتظر.. فالادارة الامريكية لا تكف عن الضغط على كل الاطراف من أجل تحقيق (هبوط) فى السودان، وما عودة الصادق المهدي إلا جزءا من ذلك.. و عجيبة هذه المراوحة، أو كما قال مظفر النواب، (فأنا يقتلني اللّا موقف، ويقتلني نصف الموقف أكثر)..! لنفترض أن سيادته يريد ان يحدث نوعاً من الحراك السياسي في عودته، وهذا حق مشروع.. ثم ماذا بعد ؟ هل نسي الدوافع التي دفعته للهِجرة، كما نسي من قبل أن (الباب يفوِّت جمل)..؟ الوضع السياسي بعد قرار الخرطوم الغاء الاحكام الصادرة في حق عقار وعرمان والآخرين، يقترب من التهدئة، لولا أن للشعب كلمة، هو قائلها، اليوم أوغدا..! هذا الالغاء يجعل من الهبوط الناعم مسألة وقت. لقد شارف العام على الانتهاء، وعلى ميلاد حكومة محاصصة تتشكّل من قوى سياسية وجدت نفسها، دون أن تدري ،جزءاً من (عاصفة الحسم)..! يبدو من تصريحات قيادات الحزب، في جلسة البرلمان حول (معاش الناس)، أن النظام جاهز للتفاوض مع الحركات المسلحة، وعلى استعداد للاحتفال بعودة المهدي، ولديه العديد من الرحلات نحو السعودية، ودول الخليج، ونحو تركيا أيضا. هذا من حيث البدايات، أما (أخيراً)، فإن لشعب السودان كلمة هو قائلها، اليوم أوغدا..! الغاء تلك الأحكام، تعني أن اوراقاً لاحصر لها، قد أُلحِقت بمخرجات الحوار، ما يعني أن الحوافز سوف تتسِّع لتشمل كل من (رمى جمراته) في أديس ابابا..الغاء الأحكام يُمكن أن يُفهم كبادرة لإنضمام قطاع الشمال، وجبريل ومناوي للحوار الوطني، ولِم لا..؟ لِم لا يندرجون في المُحاصصة، إذا كان الكادر الاخواني، قد تمت تصفيته واحالته للتقاعد..؟ لِم لا يتحاصصون، فهذه الحكومة لا تحتمل مُجابدة مع الشارع، والحركة الشعبية لن تُدمن القتال في ظرف المتغيرات الجنوبية العاصفة. لم لا يرتِّبون بيتهم الداخلي قبل أن تتدخل أيادي الخارج، إذ ليس بعد مركة الموصل، إلا الاباتشي والسوخوي..؟ هناك حراك محلي واقليمي ودولي، و مِن عادة الاسلاميين أنهم لا يهتمون بالمحلي كثيراً، لانهم يعتقدون وفق ايديولوجيتهم أنهم عالميون..! هؤلاء كما رأيت في تجربة مُرسي يهتمون بكل ما هو دولي، وكيف ينعكس ذلك الدولي على مصالحهم الداخلية،، بينما أمريكا لن تتغيّر كثيراً، إذا جاء ترامب أو إذا أصبحت كلينتون خليفة لودّ النوبة..هيلاري كيلنتون برجماتية، ولا يغيب عن ذهنها فشل دولة جنوب السودان، وتغلغل الصين في إفريقيا إنطلاقا من السودان.. سياسة كسر العظم، أو عض الأصابع مع جنوب السودان لن تؤثر على المدى القريب، و سيظل المبعوث الأمريكي جائلاً بين الدولتين، والانسحابات الافريقية من الجنائية، تفتح شهية النظام على المزيد من التأمرُك. لِم لا يقع الالتحام، إذا كان الصادق المهدي قد اكتشف بعد أعوام من الغربة، أن بعاده لم يحدث فرقاً، بل زاد عليه شقاء من انشق عنه، ومن يريد أن يتولى الأمر من بعده..! قال أنه سيعود، يوم التاسع عشر من ديسمبر، فهل من حقنا أن نسأل: ألم يخرج مُغاضِباً من مطار الخرطوم، بعد أن فقد الأمل في أي نقطة تحول للنظام الحاكم؟ ألم يتبادل، من قبل، عديد الزيارات مع الرئيس البشير، ويتفقا علي كل شيء، ولم يحدث أي شيء..؟