طُويت صفحة الشعارات ومات حلم المشروع الحضاري السلطة من غير مبادئ مفسدة ولكن لا فائدة لمبادئ من غير سلطة تنقلها من علياء المثال الى أرض الواقع . ديفيد ستيل من يريد أن يوقد شعلة قوية في لحظة واحدة يبدأ بإشعالها بقليل من القش . وليم شكسبير سقوط الشعارات : سقوط قيم الزهد والطهر السلطوي : شعارات هي لله هي لله – لا للسلطة ولا للجاه ما لبثت أن تراجعت وتلاشت وطواها النسيان أمام هجمة السلطة وشهوة السلطان لقد طويت صفحة الشعارات إلا من هتافات خجولة لإثبات شعارات لا وجود لها على ارض الواقع والممارسة السياسية كما فى إحتفالية ( مخرجات الحوار الوطنى). لقد تحدث ابن خلدون في مقدمته عن الجاه المفيد للمال وأشار فيه إلى الاحوال الكثيرة التى تختلط فيها التجارة بالامارة او يكسب البعض من خلال المنصب والنفوذ الإداري في أعالي مراتب الدولة أوضاعاً تسمح بالحصول على المغانم المالية وتكوين الثروات السريعة وتكون بمثابة ريع المنصب. لقد ظهر الفساد المالي والإداري وفشا سوء استخدام السلطة وإستغلال الوظيفة مما أدى الى تراكم الثروات لجماعات كانت الى الأمس القريب لا تملك من حطام الدنيا شيئاً كل ذلك لم يحرك في النظام ساكناً ولم يلجأ الى رفع شعار (من أين لك هذا),تفشت المحاباة والمحسوبية وصارت التعينات في المؤسسات والمعاملات حكراً على أهل الولاء والحظوة . في سعيها للتمكين قامت الإنقاذ بإحياء القبلية والجهوية ثم عمدت الى تفتيت الإدارت الأهلية وتفكيكها وإنشاء مجالس شورى القبائل بإعتبارها مواعين تدين لها بالولاء والإنتماء السياسي عملاً بمقولة (فرق تسد) والى هذا يشير الدكتور عبد الرحيم عمر محي الدين مؤلف كتاب (صراع الهوية والهوى) بقوله (العيب أن تكون القبلية هي معيار التقدم والتزكية في حركة إسلامية تقوم على الفكر وتراهن على وعي الجماهير ويتساءل (لماذا ظهر صراع العرب والزرقة في غرب السودان ؟ لماذا أخذ الصراع في شرق السودان طابعاً قبلياً ، لماذا لم يصدر الكتاب الأسود في العهود السابقة وإنما ظهر فقط في عهد الإنقاذ وبأيدي أعضائها والقياديين فيها من أبناء غرب السودان ؟ وغيرها من الأسئلة الحرجة التي تبحث عن إجابة ومجيب) , الجهاد والإستشهاد : إنطفأت شموع وسقطت رايات لقد إمتلأت أدبيات الحركة الإسلامية عند بداية الإنقاذ بأناشيد وأهازيج الجهاد والتضحية والفناء في سبيل الهدف المنشود وتغنت الجموع بأناشيد الزهد والطهر السلطوي والجهاد والإستشهاد . ما لدنيا قد عملنا نبتغي رفع اللواء ما لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء فليعد للدين مجده أو ترق كل الدماء وصدحت الحناجر متحدية قوى الإستكبار العالمي والإستعداد لمواجهته فكانت أهازيج , لن نذل ولن نهان ولن نطيع الأمريكان الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا وأمريكا وروسيا قد دنا عذابها أما برنامج ساحات الفداء التلفزيوني فقد كان أكبر محرض على الجهاد والإستشهاد ومنازلة الأعداء لغة الدماء لغتي وليس سوى الدماء أنا عن فنون القول أغلقت الفما وتركت الرصاص أن يتكلما ليحيل أوكار العدو جهنما كان نتيجة ذلك ان تم عسكرة المجتمع بكل قطاعاته وتدريب قوات موازية لجيشه وشرطته وتم تحويل الحرب الأهلية في جنوب السودان الى حرب دينية أزهقت ارواح الأبرياء من الشباب الدين دفعوا اليها طوعاً أو كرهاً . لقد كانت حرب الجنوب هي المحرقة الت راح ضحيتها المئات من العلماء والشباب والمجاهدين الصادقين أما حصاد هذه التضحيات والمجاهدات فكان إنفصال الجنوب مما أورث غصة فى الحلوق ومرارات في النفوس . بين دماء الشهداء الذين ناصروا المشروع الحضاري وبذلوا أرواحهم رخيصة من أجله ودموع القابضين على جمرة سقوط الشعارات ، إنطفأت شموع المشروع الحضاري وانبهمت المسالك وضاعت معالم الطريق. م / محمد حسن عبد الله [email protected]