الحركة الطلابية السودانية في كل مراحلها التاريخية والمعاصرة، كانت تنتج الوعي والإستنارة من داخل المنابر الطلابية في الجامعات، وتدير سجالات موضوعية عميقة حول القضايا السودانية المختلفة سيما قضايا الحقوق والحريات وشؤن الإقتصاد، وتعكس الفنون والإبداعات الإنسانية التي تعبر عن تنوع الحضارة السودانية من الشرق الي الغرب ومن الشمال الي الجنوب والوسط، وكانت علي الدوام تمسك بزمام المبادرات العظيمة في أهلك صروف الظروف والمنعطفات التاريخية الكبيرة، وقد قدم الحراك الطلابي إبداعات ثورية بطرق متنوعة ومتجددة تشير الي مدى وعيهم بكل ما يجري في البلاد، هذه الأعمال بنت آمال الجماهير وثقتها في طالبات وطلاب السودان، ودفعت عجلة التحرر من قيود عدد من الأنظمة الدكتاتورية التي توالت علي حكم البلاد وأخرها نظام المؤتمر الوطني الذي إقترب موعد رحيله الي غياهب التاريخ. وقدم الطلاب العديد من الشهداء الخالدين في تاريخ الوطن، دفعوا أرواحهم في سبيل الدفاع عن حقوقهم القانونية التي صادرتها الحكومات البوليسية علي مدار سنوات حكمها، ومن ضمنها حرية الرأي والتنظيم وحق مخاطبة قضايا الطلاب وغيرها من الحقوق التي سلبت جورا وصلب المنادي بردها علي خشبة المسرح الدكتاتوري. ولكنهم طلاب في قمة الوعي والتحضر يحملون الفكر ويسطرون الإستنارة باقلامهم الحرة ولا ينكسرون، بل ظل نضالهم مستمر رغم البطش والتنكيل. إستوقفني اليوم تشكيل تحالف طلابي جديد في جامعة النيلين تحت مسمى (تحالف القوى السياسية الوطنية)، وجمع عدد من طلاب الحركات الثورية وطلاب الأحزاب، وضمت القائمة تنظيمات لها ثقل جماهيري عريض وتاريخ ثوري أصيل وخبرات متراكمة لا يستهان بها، وهي حسب ما تم نشره كانت كما يلي؟ 1- حزب البعث العربي الاشتراكي. 2- طلاب الحركة الشعبية لتحرير السودان/ السودان. 3- رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين. 4- مؤتمر الطلاب المستقلين. 5- حركة جيش وتحرير السودان جناح (مني مناوي) 6- حركة العدل والمساواة. 7- الطلاب الليبراليبن. 8- الجبهة الديمقراطية. تم تكوين هذا التحالف في ظل ظروف سياسية صعبة تكتنفها مشكلات الصراع مع النظام الحاكم والمتسلط علي الشعب السوداني وقامع الطلاب في الجامعات باستخدام العنف الذي يصل حد الإعتقال والإغتيال والفصل التعسفي عن الدراسة كما حدث مؤخرا في جامعة الفاشر التي تواجه جبروت السلطة باعتصام طلابها المشهود عليه بالنجاح في تعرية ممارسات النظام الغير إنسانية، ويستمر الكفاح الثوري لرد الحقوق والحريات ووقف الحرب العبثية التي طال امدها، وفي ظل كل ما يعانيه الوطن والمواطن هذه الايام من ظلم وقهر انتج البؤس العام الذي نعيشه، وما يدور في الساحة السياسية من تحولات جزرية بين الساعي لإستنهاض الجماهير للإنتفاضة الشعبية بكل وسائل المقاومة من أجل الوصول الي دولة حرة ديمقراطية، والمتقهقر الي دعم نظام عمره الإفتراضي إنتهى بقيام العصيان المدني السوداني 27 نوفمبر والذي ترتب عليه عصيان الجماهير في الساحة الخضراء ومدينة دنقلا وفي عزاء شهداء فداسي، وسقوط ما اطلق عليه الحوار الوطني او (حوار الوثبة)، وذلك بحل لجنته الكرتونية 7+7 وتكوين لجنة آخرى لا معنى لها. تقع مسؤليات كبيرة علي هذا التحالف الجديد الذي خرج من رحم النضال الوطني، ومنها مناقشة جزور الصراع السياسي الجاري بمنظار شفيف وواقعي، ووضع رؤية طلابية شاملة لحل المسائل الإقتصادية التي صنعها النظام ولم يتمكن من حلها، والإتفاق علي ترسيخ مفهوم الديمقراطية وسط التنظيمات الطلابية والتي تمثل أساس التغيير، والدفاع عن قضايا الطلاب في كل الجامعات السودانية المحاطة بفلول الجهاديين المتعصبين، وبحث كيفية توسيع رقعة هذا التحالف ليشمل اكبر عدد ممكن من الحركات والأحزاب التي ترغب في التغيير والتحول الديمقراطي في السودان. يعتبر هذا العمل الذي انجز إنتصار حقيقي يضاف الي مسيرة الإنتفاضة القائمة في بلادنا، وسيساعد في تحريك النشاط الطلابي خطوات إيجابية نحو الكفاح المشترك لتحرير السودان، وهذا يستوجب شروع التحالف في إعداد خطته للنزول الي الساحة السياسية بثبات. نحي هذا التحالف ونعلق عليه آمالنا، ونرى فيه منفذ جديد لبناء دولة الديمقراطية، فكل ما زاد تماسك القوى الوطنية كل ما لاح فجر الخلاص وإقترب إنبلاج الشمس علي بلادنا لتحرير العصافير التي سجنها الظلام ظلما، وكي تغرد في سماء البلاد وهي سعيدة يجب التحرر من ذاك الظلام والخروج الي النور. سعد محمد عبدالله [email protected]