السودانيون من الشعوب التي لم تعرف الهجرة بشكلها الكبير والمعروف كما عند اللبنانيين او المصريين او بقية الافارقة الا خلال العشرين عاماً الماضيه والتي تعرضوا فيها الى ضيق في العيش وعدم توفر فرص العمل والتعليم وبالتالي لم يكن امامهم من خيار خلاف الهجرة والاغتراب والذي كان في البداية الى دول الخليج وتحسين احوال الفرد وأسرته من شراء منزل لسكن الاسرة الكبيرة ومن دول الخليج تحرك بعض الناس نحو اوروبا ' وهناك من أتوا من السودان مباشرة بعد ان فقدوا وظائفهم اذا لم يكونوا من جماعة النظام. في البداية جاء السياسيين الذين هربوا من الانقاذ وفيهم من اعتقل او فقد وظيفته بالفصل.الخ.. وبعد ذلك جاء الطلاب من الدول المجاورة عندما علموا بامكانية الحصول على حق الاقامة وبالتالي الاستقرار للعمل او مواصلة الدراسة وفي برطانيا بالتحديد فان الذين كانوا يعيشون فيها اما هي اسر السياسيين الذين كانوا منذ ايام جعفر نميري مثل الشريف الهندي وغيره. في البداية كان الذين يحضرون هم الرجال فقط وكان ذلك حتى منتصف التسعينيات , وعندما ضاقت المعيشة على الناس في السودان بدأ ظهور الشابات خاصة بعد اكمال تعليمهن الجامعي وكان ذلك محل استياء في المجتمع السوداني ببريطانيا ولم يدوم ذلك الحال طويلاً بوصول اعداد كبيرة من الشابات بشكل منتظم حتى كاد العدد ان يتساوى. وبعد ان وصل الناس الى قناعة انهم سوف يستمرون في الحياة هنا خاصة وهي حياة سهلة ومطمئنة بدأ الشباب في البحث عن شريك وشريكة الحياة , ومنهم منتزوج هنا ومنهم من تزوج من السودان لاحضارها للعيش معه في بريطانيا. وكل الذين وصلوا الى هنا وتقدموا بطلبات للجؤ السياسي شكوا ان الحكومة تمنعهم من ممارسة العمل السياسي والحريات العامة غير متوفرة في السودان. وبعد ان ازدادات الاعداد في عدة مدن كبيرة بدأوا في تنظيم أنفسهم في الاندية والجاليات السودانية ويتقابلون في عطلات نهاية الاسبوع اي أيام السبت والاحد, من هؤلاء الناس من جاء مع اطفاله وكانوا قليلين وهناك من ولدوا اطفالهم هنا وبدأ التفكير في كيف يمكن ان نحافظ على سودانية اطفالنا وكيف يمكن ان نربي أطفالنا كما نريد؟ وهناك الاوائل من المعلمين القدامى الذين شرعوا في فتح المدارس لتعليم اللغةالعربية والتربيةالاسلامية ورغم عدم وجود مدرسين متخصصين لكن استمرت المدارس وهناك من الاطفال من جلس الى امتحان اللغة العربية لمستوى محدد وفقاً للنظام البريطاني. واستمرت الجاليات والتجمعات السودانية في القيام بمهرجانات مثل اسبوع السودان والذي يقدم فيه السودانيين انفسهم بشكل جيد . استبشر الناس خيراً كلما جاء الناس من السودان وكان الناس يهتمون كثيراً بالقادمين الجدد. وبعد ذلك بدأت رحلات عكسية هناك من فضل اخذ اطفاله والعودة بهم للسودان مرة بحجج مختلفة البعض يرى انه يريد ان يربي اطفاله في جو وبيئة سودانية والبعض فقد الامل من العيش هنا. اذا قلنا اننا نعيش في مجتمع كله اصدقاء ولاتوجد فيه مشاكل فهذا كذب صريح. بدأ الناس في اختيار اصدقائهم وشللهم كل شخص حسب مزاجه ومايتناسب معه ووصل الناس الى انهم سوف يعيشون هنا لفترات طويله وحصلوا على الجنسية البريطانية وبالتالي اصبحوا لايزورون السودان الا في الاجازات السنوية وكأجانب بعد ان يحصلوا على فيز الدخول من السفارة السودانية في لندن. وفي فترة من الفترات كان هناك هامش من الديمقراطية وتشجع الناس وكثرت الزيارات الى السودان من كل الناس او معظمهم. كل الناس كانوا يتحدثون عن لم شمل السودانيين في كل مكان وبكل اسف جاء انفصال جنوب السودان في العام 2011 حسب الاتفاقية وقبل انفصال الجنوب كان الناس يتحدثون عن اهمية وحدة السودان وان الانفصال لايمكن ان يحدث وعندما حصل الانفصال هناك من بكى وهناك من فرح واخرين لم يهتموا بالموضوع , لكن اغلب الناس احبطوا عندما انفصل الجنوب وكلهم لاموا الحكومة معتبرين انها هي سبب الانفصال , لكن حتى اهل الجنوب صوت اغلبيتهم للانفصال وبحرية كاملة. حالياً تغير الحال ازدادت اعداد السودانيين بشكل كبير ومدينة صغيرة مثل كارديف فيها حوالي 3 ألف سوداني معظمهم أسر والبقية افراد. لاسباب كثيرة وبعد انفصال الجنوب شعر الناس بالحزن خاصة واي دولة تفقد جزء منها فان شعبها هو الخاسر والجنوب كانت فيه خيرات كثيرة مثل الغابات والثروة الحيوانية والطبيعة الجميله فيه واهم شئ كان هو البترول والذي وفر للسودان مليارات الدولارات. وبعد بداية الحرب في غرب السودان في اقليم دارفور بدأ ابناء دارفور يبتعدوا عن الجالية السودانية وهذا حدث في مدن بريطانية كثيرة وفي الاخير بدأ ابناء دارفور في تكوين روابطهم الى ان انعزلوا عن كل نشاطات الجالية السودانية بشكل نهائي . واذا سألت أي انسان الكل يعلم ان الناس تكون قويه عندما تكون متوحدة وهذا لايعني ان كل الناس يتبعون انسان واحد هو الذي يقودهم, والمهم ان يكون هناك تنوع وتعدد ويكون ذلك مثل تركيبة السودان ناس من مناطق مختلفة ثقافتهم وعاداتهم مختلفه مثلا في مناسبات الزواج والوفيات والحصاد ويكفي ان في السودان اكثر من 200 قبيله كما يقولون ولكل واحدة لغاتها وتراثها وتقاليدها المختلفة وبالتالي كثيرين مننا يجهلون عادات وتقاليد هذه القبائل وانا منهم وليس هناك مايمنع أن تقوم الجاليات السودانية تعريفنا اولاً نحن كسودانيين بعادات وتقاليد بعضنا البعض, وأنا متاكدة ان الكثيرات والكثيرين يجهلون مايدور في مناطق سودانيه مختلفه. ويجب أن نتعرف نحن في البدايه عن سوداننا وبعد ذلك نعرف الاخرين بوطننا السودان , وأنا بنفسي وانا من أم درمان لكني أجهل الكثير عن ثقافات سودانيه اخرى وهذا ليس بعيب حسب وجهة نظري , وأنا أسعى لاتعلم كل يوم واكون سعيده بتعلم أي شئ جديد. وأوجه سؤالي لكل السودانيين المهاجرين لماذا لاتكون جالياتنا مكانا لجمع الشمل وحل المشاكل ينتظر الناس الايام التي سوف يتقابلون فيها على أحر من الجمر. واذا اردنا ان نكون مثل هذه الجاليات واجبنا ان نتفاكر كثيراً هو كل الاهداف التي نريد للجاليه ان تقدمها لنا ونساهم كلنا في كتابة الدستور واللوائح التي تنظم عمل الجاليه ويوافق عليها غالبية الناس. والاهم من ذلك اذا اردنا ان تنجح جالياتنا في الخارج ان نختار لها الشخصيات المؤهلة تأهيل جيد والمتسلحه بالمعرفه والسمعه الطيبه وعندما نختار هؤلاء الاسخاص نكون واثقين انهم سيقدمون برامج هادفه تجمع الناس ولاتفرق بينهم وأي شخص سوف يحضر ويشارك . وقبل هذا لابد أن يكون لاطفالنا وهم اجيال المستقبل برامج جميله وجذابه بالنسبه لهم لاننا نرى وفي مدينتنا الصغيرة هذه ان الاطفال لايحبون الذهاب للمشاركة في أي برنامج سوداني والسبب بسيط وهو أننا لانهتم بتقديم برامج تناسب أطفالنا. وقبل أن أختم مقالي المتواضع هذا اريد ان اقول لابد أن نتكون متسامحين لاقصى درجه ونقبل الذين يختلفون معنا قبل الذين يتفقون ونعلم اطفالنا معنى التسامح والمحبه , وأن تكون جالياتنا متلقيات حرة لتبادل الافكار والتعارف والمحبه والخير وأن يكون هدفنا في الاول وفي الاخير هو السودان.