مقدمة :التعليق الوحيد على المقال الاول كان ، لماذا المواصلة فى الاسبوع القادم ، مما طماننى بان الرسالة التى اردتها بأهمية الامر قد وصلت على الاقل لجزء كبير من قراء الراكوبة ، ولعله يكون منهم من يستطيع ايصالها لمن قد يهمه الامر ! فكما ستلاحظون من بقية المقالات فانه ليس الولاياتالمتحدة وحدها ، وانما العالم أجمع سيجر الى كارثة اقتصادية ،قد تنجم عنها ، فى اعتقادى ، كارثة سياسية وحربية . فالى تفاصيل الكارثة : الازمة التى تسمى مالية ، وهى فى الحقيقة اقتصادية كاملة الدسم ، بدليل انها اصبحت تتكرر كل ثمانى سنوات تقريبا ، بما يدل على انها اصبحت هيكلية ، كما يحلو لاقتصادى صندوق النقد والبنك الدوليين تسميتها ، عندما يتعلق الامر باقتصاديات زعيط ومعيط ! هذا الكلام من عندى ، وليستمر الشاهد من الاهل فى الادلاء بشهادته غير المجروحة ، ويجيب على السؤال المنتظر ، الذى طرحناه فى نهاية المقال السابق ، وهو : ماهو الحل للازمة التي شكلتها فترتى أوباما بسبب السياسات الاقتصادية ، التى كان لابديل منها، ليستمر النظام الراسمالى الاول فى اساليبه المخادعة لمواطنيه وللعالم أجمع . يقول شاهدنا ريكاردز : بما ان الحكومة الامريكية لاتملك مصدرا حقيقيا لردم هوة الدين الداخلى البالغ حوالى 20 ترليونا – الترليون يساوى الف بليون – والذى يجعل كل امريكى مطالب باكثر من 58 الف دولار ! وذلك بعد ان بلغ الدين وطباعة الاوراق الخضراء المدى الذى تستحيل زيادته ، فلم يعد امامها غير استخدام بند استقطاع معاشات الامريكى العادى ، والذى يبلغ ما يقارب 30 ترليونا !ولمزيد من المعلومات المدهشة فان ما ذكرناه فى المقال السابق من ان اجراءات انقاذ المؤسسات الراسمالية الكبرى ، كما حدث فى ازمة 2008 لم يعد ممكنا لان حجمها اصبح اكبر مما تستطيعه حتى الدولة الامريكية ، يؤيده هذا الرقم الذى يعبر عن ميزانية البنوك التى توصف بانها اصبحت اكبر من ان تنقذ ، وهو تقريبا : واحد كوادريليون! " الكوادريليون يساوى الف تريليون " اتصور ان عددا من القراء قد فقر فاه من الدهشة ، بل وعدم التصديق : هل يمكن ان يحدث هذا ومن حكومة ديموقراطية ، وفى بلد يرفع مبادئ الديموقراطية والحرية الاقتصادية و.. و... غير ذلك مماظلنا نسمع ونصدق ؟ قليل من الصبر والاستماع الى مزيد من شهادة شاهدنا الذى يقول : ان اغلاق الاسواق واغلاق البنوك هو شئ امريكى حتى النخاع ، مثله مثل فطيرة التفاح ! واليك الادلة : - هلع 1907 ،الناتج عن الهزة الارضية والحرائق فى سان فرانسيسكو فى ابريل 1906 ، عندما باعت شركات التأمين اصولها لتدفع للمؤمنين ، مماشكل ضغطا ماليا على المراكز المالية فى الساحل الشرقى وخفض من السيولة فى بنوك نيويورك . وفى اكتوبر1907 هبط مؤشر بورصة نيويورك 50% من قمته فى 1906. فماذا حدث لمعالجة الامر : جمع كل مديرى البنوك فى مكان مغلق ، وطلب منهم ايجاد حل للمشكلة قبل السماح لاى منهم بالخروج ! وكان الحل هو ان البنوك التى مازالت متماسكة عليها ان تساعد فى الانقاذ . البنوك منعدمة السيولة عليها ان تعلن الافلاس ، أما البنوك التى كانت فنيا ذات سيولة ولكنها عمليا فاقدة للسيولة ،فقد سمح لها ببيع أصول لتغطية المطلوبات . وهكذا ترى ان الحل قد جاء على حساب المواطن العادى ولمصلحة استمرار النظام :البنوك التى اعلنت افلاسها قد اعدمت معها مدخرات المودعين ، والتى انقذت قد انقذت بفلوس المودعين فى البنوك التى لاتزال ذات سيولة . هذا الحل استبعد فى ازمة 2008 حيث انقذت كل البنوك من طرف وزارة المالية الامريكية والمركزى ، وهو واحد من اسباب الزيادة المهولة فى الدين الداخلى التى اشرنا اليها من قبل . - بعد سبع سنوات من هلع 1907 ، جاء هلع 1914 عشية الحرب العالمية الاولى. مع بداية الحرب باع المستثمرون الفرنسيون والايطاليون والالمان أسهمهم فى لندن وطالبوا بالذهب ليرسل اليهم باسرع وسيلة متيسرة ، حتى يكنز ليستخدم فى الحرب . وهكذا بدأت ازمة سيولة مواكبة للازمة السياسية . ولما كانت لندن هى العاصمة المالية دون منافس ،فقد اصبح على البنوك البريطانية ان تسييل اصولها للدفع . وهكذا بدأت أزمة سيولة مواكبة للازمة السياسية . فى يوليو 1914 أغلقت البورصات فى أمستردام وباريس ومدريد وروما وبرلين وفينا وموسكو وتوقف تحويل العملات الى الذهب الا فى المملكة المتحدة . ولكن فى آخر يوليو فعلت لندن ما لايعقل : علقت لافتة صغيرة على باب البورصة :" أغلق المكان"! وبعد ساعات ، وقبل ريع الساعة من جرس الافتتاح اغلقت بورصة نيويورك ابوابها ايضا وظلت مغلقة على مدى اربعة اشهر . فسر ذلك بان وزارة المالية الامريكية كانت تخشى ان تفرغ البنوك من الذهب نتيجة لتحويل اصحاب الاسهم الى الذهب . وهكذا ترى ان السلطة لم تكن تراعى مصالح الجمهور ، وانما مصلحة النظام ، كما تفعل ايران المتهمة بالدكتاتورية ! - أما اصعب ماحدث فى مواجهة الجمهور ، فقد كان ماحدث اثناء الكساد العظيم 1929 والسنوات بعدها التى قادت الى الحرب العالمية الثانية (1939-1945) . عندها بدا الهلع فى البنوك الاوروبية بالنمسا ثم انتشر الى سائر انحاء اوروبا . ابلغ المصرفيون فى لندن بنك انجلترا ووزارة المالية ، انهم سيصبحون دون سيولة فى ظرف ايام ، اذا لم ينظم انقاذ بواسطة الحكومة ! وفى الولاياتالمتحدة بدأ الامر ببنك الولاياتالمتحدة – بنك خاص رغم الاسم – ثم انتشر حتى بلغ عدد البنوك الفاشلة أكثر من تسعة الآف خلال الكساد العظيم . والنتيجة كالعادة : فقد الكثيرون من المودعين مدخراتهم ! - ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل تعداه الى ان اصدر الرئيس روزفلت الامر رقم 2039 الذى اغلقت بناء عليه كل البنوك الامريكية ومن غير تحديد موعد لاعادة افتتاحها ! وفى ابريل 1933 صدر الامر التنفيذى 6012 والذى يأمر كل الامريكيين – فى ماعدا حالات استثنائية قليلة – ان يسلموا كل ما لديهم من ذهب الى الخزانة الامريكية وبعقوبة السجن للمخالفين ! وهكذا جمدت المدخرات باغلاق البنوك ، وصودر الذهب . - يقول شاهدنا واليوم تتوفر القوانين السارية لتفعل السلطة مثلما فعلت فى الامثلة السابقة ، ولا يستطيع الكونجرس ايقافها !! والحقيقة فان هذا يحدث ايضا فى بلداننا وان كان باخراج ساذج ، واحيانا " على عينك ياتاجر "و" الماعاجبه يشرب من البحر "، كما حدث لمعاشات المصرين مع الدكتور بطرس غالى ، على ايام مبارك ، التى يتباكى عليها بعضهم الآن . هل تصدقون الآن بأن مدخرات معاشات الامريكيين ستكون هى الحل الوحيد والقابل للتحقيق قانونا وبحسب السوابق المذكورة ؟ حقيقة الامر ان سلطة الرأسمالية قد ظلت تخدع مواطنيها فى كل مكان ، بل وبقية سكان العالم طوال سنوات عمر النظام الراسمالى . سيكون موضوعنا القادم حول الخداع من خلال انخفاض قيمة الدولار الحقيقية داخل وخارج الولاياتالمتحدة واسباب وآثار ذلك محليا وعالميا .