لا أحد يعلم يقينا حتى الآن موعد اعلان التشكيلة الحكومية القادمة ، اذ لايزال أمر هذه الحكومة محل شد وجذب وتفاوض حول من ستأتيه الوزارة تجرجر أذيالها ومن لن ينالها ، خاصة بعد اعلان المعايير المطلوب توافرها في من سيدخلون التشكيلة ، وقبل ذلك تحديد الوزن السياسي للحزب أو الحركة الذي يؤهل للتنافس على المقاعد السلطوية بمستوياتها الثلاثة المركزية والولائية والمحلية ،ويبدو أن الخلاف المشتجر حول الأشخاص والاوزان هو ما عطل التوافق على التشكيلة وبالتالي عطل اعلانها وربما لسبب آخر اضافة لهذا السبب ،وعليه ليس لدينا ما نقوله الآن عن تشكيلة لم تتشكل بعد ، ولا ندري ما اذا كانت ستأتي رشيقة أم بدينة ، وما اذا كانت ستنشأ على مواصفات علمية وعملية أم على محاصصات قبائلية وموازنات جهوية وحسابات حزبية ... غير أن لنا أن نسأل قبل ذلك عن القيادات التي ستفقد حقائبها السلطوية في التشكيلة الحكومية المرتقبة ، ما مصيرها ، هل ستذهب لحال سبيلها أم سيتم تدبير لحالها ، أذكر أن الصحافية النابهة لبنى يعقوب كانت سألت الدكتور أمين حسن عمر عندما كانت البلاد تترقب تعديلا وزاريا وكان أمين وقتها يشغل منصب وزير دولة برئاسة الجمهورية ومنصب أمين الفكر بالحزب الحاكم ، ذات سؤال الوظائف البديلة التي ستنتقل إليها القيادات التي ستفقد حقائبها الوزارية في التعديل الوزاري المرتقب، أذكر أن أمين كان قد أجاب عن السؤال بما معناه «يروحو محل ما يروحو» فلا يهمنا إلى أين يذهبون... القصة ليست رعاية أيتام... أن تذهب هذه القيادات أو تجلس لايهمنا... وكأنى بالدكتور أمين أراد أن يقول وقتها إن الحكومة ليست تكية تعتاش منها وعليها وبها هذه القيادات، وعلى من يفقد منصبه أن يتدبر حاله وأمر معاشه و «عقلك في رأسك تعرف خلاصك»، والحكومة غير معنية بهم ولا مسؤولة عنهم بعد أن يغادروها. فهل يا ترى سيغادر من يغادرون الحكومة المرتقبة بلا بديل خلافا لما كان يحدث طوال أكثر من ربع قرن ،فمما استقر عليه الحال طوال تلك السنوات الطويلة، أن من يستوزر لا يفقد منصبه «بأخوي وأخوك» فمن لم يُستبق في وزارته يُنقل إلى غيرها، ومن يغادرها بعد طول مكوث لن يخرج منها «فالصو أباطو والنجم» ولا «يركب التونسية» بل يركب في مفوضية أو استشارية أو رئاسة مجلس ادارة أو سفارة أو أمانة حزبية وهلمجرا من هكذا وظائف، من النادر جداً أن تجد أحدهم قد لزم داره وتفرغ لأعماله الخاصة أو عاد إلى مهنته القديمة، بل حتى ان بعض من يغادرون الوزارة أو الولاية مغاضبين ويلوذون على سبيل الاحتجاج بمزارعهم وبساتينهم أو تجارتهم واستثماراتهم، لن يبقوا على هذا الحال الذي اختاروه بمحض ارادتهم إلا بعض الوقت وسرعان ما يُعادون إلى الخدمة الوزارية أو الولائية. ظل هذا هو الحال حتى صار سنة ماضية، ولعله بسبب هذه الممارسة يتولد السؤال عن الوظائف البديلة... الصحافة