في حوار الصحافية الشابة الصاعدة بقوة، لينا يعقوب، مع الدكتور أمين حسن عمر وزير الدولة برئاسة الجمهورية، وأمين الفكر بالحزب الحاكم المنشور بالغراء «السوداني» يوم الأحد الماضي، استوقفتني اجابته عن سؤالها له عن الوظائف البديلة والتعويضية التي ستنتقل إليها القيادات التي ستفقد حقائبها الوزارية في التعديل الوزاري المرتقب، ولم تكن تلك هي الوقفة الوحيدة، فقد أوقفني حين شرعت في الكتابة من نبهني للخطأ الذي وقعت فيه عند ايرادي لاسم الدكتور أمين متبوعاً بوظيفتيه اللتين يشغلهما في الحكومة والحزب، وكان الخطأ الذي ارتكبته قد وقع على الأخيرة، حيث كنت قد عرّفته قبل التصحيح بأنه أمين الفكر والمنهجية، إلا أن من صححني قال لي إنه أمين الفكر «ساكت خالي منهجية»، واستطرد ضاحكاً، يبدو أنك إما من بقايا مايو وسدنتها لا تزال تذكرها وتحن إلى أيامها، أو أنك من ضحاياها أصابتك فوبيا منها لا تزال تلازمك رغم تقادم العهد عليها، أو أنك مغرض تريد أن تلبس أمانة الحزب الحاكم الحالي بما لم تنسبه لنفسها، فأمانة الفكر والمنهجية كانت إحدى أمانات الاتحاد الاشتراكي، وكان أول أمين لها هو الدكتور جعفر محمد علي بخيت الذي كان من أنشط منظري مايو وأغزرهم انتاجاً للنظريات. قلت، صدقت فالطفل يسميه أبوه وكذا أمانات الأحزاب وما على المتطفلين من أمثالنا إلا أن ينادوا الأمانات بما أطلقه عليها آباؤها، وقد كان، فقد سارعت إلى تصحيح الصفة الحزبية للدكتور أمين بأن جعلتها كما أراد أهلها أمانة للفكر بلا رتوش ولا ظلال مايوية قد تضع المؤتمر الوطني كتفاً بكتف إلى جانب الاتحاد الاشتراكي... الدكتور أمين في اجابته عن سؤال لينا المار ذكره، وكان سؤال ماركة «خمسة لينيا» من نوع الحديد الصلب الذي يستخدم في بناء قواعد وقوائم العمارات الشاهقة، قال الدكتور أمين ما معناه «يروحو محل ما يروحو» فلا يهمنا إلى أين يذهبون... القصة ليست رعاية أيتام... أن تذهب هذه القيادات أو تجلس لا يهمنا.... كأنى بالدكتور أمين أراد أن يقول إن الحكومة ليست تكية تعتاش منها وعليها وبها هذه القيادات، وعلى من يفقد منصبه أن يتدبر حاله وأمر معاشه و«عقلك في رأسك تعرف خلاصك»، والحكومة غير معنية بهم ولا مسؤولة عنهم بعد أن يغادروها. يبدو أن اجابة الدكتور أمين المذكورة قد تجاوزت الماضي وقفزت عليه لتستشرف المستقبل باعتبار ما سيكون بعد التعديل الوزاري المرتقب، وليس ما كان في الماضي الذي شارف عمره ربع القرن، فمما استقر عليه الحال طوال تلك السنوات الطويلة، أن من يستوزر لا يفقد منصبه «بأخوي وأخوك» فمن لم يُستبقى في وزارته يُنقل إلى غيرها، ومن يغادرها بعد طول مكوث لن يخرج منها «فالصو أباطو والنجم» ولا «يركب التونسية» بل يركب في مفوضية أو استشارية أو رئاسة مجلس ادارة أو سفارة أو أمانة حزبية وهلمجرا من هكذا وظائف، من النادر جداً أن تجد أحدهم قد لزم داره وتفرغ لأعماله الخاصة أو عاد إلى مهنته القديمة، بل حتى ان بعض من يغادرون الوزارة أو الولاية مغاضبين ويلوذون على سبيل الاحتجاج بمزارعهم وبساتينهم أو تجارتهم واستثماراتهم، لن يبقوا على هذا الحال الذي اختاروه بمحض ارادتهم إلا بعض الوقت وسرعان ما يُعادون إلى الخدمة الوزارية أو الولائية. ظل هذا حال الانقاذ حتى صار فيها سنة ماضية، ولعله بسبب هذه الممارسة التي أصبحت معلومة بالضرورة، سألت لينا عن الوظائف البديلة.