حيمنا نقراء في ادب الخلافات الحزبية في السياسة السودانية فاننا لن نتجاوز تلك الحالة الاستقطابية والحركة التي لن تنقطع بين مكونات القوي الحزبية وهي تمارس فضيلة القفز من حزب الي حزب او بالاحري الخروج من الحزب استجابة لمعطيات وظروف محددة والعودة اليه مجددا لذات الظروف ولكن هذه الحركة دائما ما تستبطن في مبرراتها مكاسب ومصالح ادني قيمة من المقاصد والمنطلقات المبدئية التي يرتكز عليها كل حزب وكل تنظيم سياسي ولهذا فان قياداتها الطامحة تلهث وتهرول بحثا عن تلك المقاصد من اجل العطايا والمنح والمكارم , دستورية كانت او سياسية ويمكننا ان نسترجع او نقراء في هذا الادب الاستقطابي الحزبي عشرات التجارب التي بموجبها خرجت ارتال من القيادات والرموز الحزبية من احزابها القديمة وتحالفت مع قوي حزبية اخري او لجاءت الي تكوين مواعين حزبية جديدة بذات الفكر والمبدأ القديم . ولعل مثل هذه الحركة التي تعيشها القوي الحزبية دائما ما تنتعش حينما تقترب عمليات الفك او التركيب لاية حكومة حزبية ذات ائتلاف حزبي كما هو حادث الان فالمؤتمر الوطني مثلا خرجت من رحمه مجموعات كبيرة من قياداته في مراحل مختلفة ولاسباب ايضا مختلفة اشهرها بالتاكيد خروج جماعة الشيخ حسن الترابي الذي اسس فيما بعد المؤتمر الشعبي (الحزب الضرار) لكن يبدو ان كل التضاريس والعقبات السياسية والحواجز النفسية التي كانت يوما ما عاملا اساسيا وحاجزا قويا في تلك المفاصلة الشهيرة ولحمة غير (متوجة) بين الحزبين لكننا الان لا نري سوي وصلا وتواصلا وتوافقا بين الحزبين . وحتي جماعة غازي صلاح الدين الموصوفة (بحركة الاصلاح الان) تشهد هي الاخري حركة وعودة طوعية الي حضن المؤتمر الوطني في عدد من ولايات السودان اخرها ما تم الايام الفائتة بولاية جنوب كردفان حيث عادت مجموعة (الاصلاح الان ) الي المؤتمر الوطني وهي عودة لا يمكن النظر اليها بمعزل عن حالة الترقب والانتظار لحكومة الوفاق الوطني التي اقترب ميعادها . اما احزاب الامة القومي والاتحادي الديمقراطي فهي احزاب شغلت نفسها كثيرا وشغلت الاخرين معها بتجاربها البائسة والفاشلة في صناعة الاحزاب المستنسخة فمعظم قياداته ضعفت ارادتها ومقاومتها امام موجة المد والاستقطاب والاستقطاب المضاد فمثلا السيد مبارك الفاضل خرج من الامة القومي ثم عاد اليه باشتراطات السيد الصادق المهدي وها هو السيد مبارك يقفز وللمرة الثانية من اسوار حزب الامة القومي ويشكل جسما جديدا بمسمي (الهيئة المركزية) بعيدا عن معسكر السيد الصادق ولهذا فان كل الذين يمارسون فضيلة القفز من اسوارهم الحزبية يقومون بذلك وفي خاطرهم احلام ووعد بالامل القادم عبر كراسي الحكومة الوشيكة . التشرد الخطر القادم انتهت الحرب ..وانكسرت شوكة التمرد في دارفور واغلقت منابع التمويل الخارجية والاجنبية ابوابها في وجه الحركات المسلحة وقياداتها السياسية وتجارها وجنرالاتها العسكرية , هكذا صاغت الحكومة خطابها السياسي والاعلامي وسعت الي تسويقه عالميا واقليميا ومحليا وبالقدر الذي يمكن ان يشكل تاثيرا كبيرا في قناعات الاخرين ويصحح العديد من المفاهيم القديمة . ولسنا هنا امام البحث عن حقائق غير تلك التي تتحدث بها الحكومة ولكننا امام حقيقة اقرت الحكومة نفسها وهي ان حرب دارفور كانت ذات تاثيرا واسقاطات واسعة النطاق طالت العقل البشري والنسيج الاجتماعي والقبلي وشردت الطفولة البريئة واغتالت الاحلام والاشواق لدي المواطنين والاسر الفقيرة , فان كانت الحرب حقا قد وضعت اوزارها وانطفت نيرانها فان المعركة القادمة التي يجب ان تخوضها الحكومة بكل ادواتها واسلحتها ان تتجه لاعادة بناء القري المحروقة والاسر الحزينة البائسة لان اسوا ما خلفته هذه الحرب انها وسعت قاعدة المشردين والهائمين علي وجوههم طبقا لاعترافات حكومة جنوب دارفور التي تحاول الان التعاطي الموجب مع هذه الظاهرة ولكن اخطر ما في هذه القضية ان يكون هذا التشرد علي مستوي الاطفال وبالاخص البنات فليت الحكومة ومنظماتها الوطنية والشريكة ان ترتقي ببرامجها ومشروعاتها للحد من مخاطر هذا التشرد وانعكاساته علي مستوي هذه المجتمعات التقليدية ليس في جنوب دارفور فقط وانما في ولايات دارفور الخمس فلماذا لاتفكر الحكومة في انشاء مراكز كبيرة لايواء المشردين والنازحين والعمل علي ادماجهم في مجتمعاتهم الجديدة ؟ فهؤلاء المشردين باتوا كتلة كبري تتمدد يوما بعد يوم داخل مجتمعاتهم . السيناريو المصري ومصر التي هي شقيقة بلادي في الادبيات الثقافية والوطنية تحاول ان تصنع الان بفكرها ومنهجها الجديد ادبا سياسيا يدفع بالشقة بين الخرطوموالقاهرة الي مزيد من الاتساع والتباين , لان المعطيات الجديدة وحتي القديمة تكشف فرضية المؤامرة التي تتحدث بها الاخرطوم في مجالسها الخاصة . ومصر هي التي تتحرك بالامس واليوم كما هو واضح عبر دبلوماسية المصالح والهواجس الذاتية فهي ربما تقود الان حلفا جديدا يرتكز علي ثلاثة اضلاع (جوبا وكمبالا وجوهانسبرج) فهو حلف يقلق الخرطوم كثيرا ويؤمن في ذات الوقت المصالح والاستراتيجيات المصرية في المنطقة الافريقية وتعتقد القاهرة ان صعود الخرطوم وانعتاقها من مكبلاتها القديمة سياتي خصما عليها فانفتح امامها الافق السياسي والدبلوماسي الخارجي فهبت عليها الانسام الرطبة من الادارة الامريكية اواخر ايام اوباما في البيت الابيض الامريكي عبر قرار رفع العقوبات . لكن يبدو ان اخطر التحركات التي تقودها مصر الان هو دخولها كلاعب عسكري في الصراع الدائر الان بين الجنرال سلفاكير والدكتور مشار ففي الانباء والتقارير الامنية والعسكرية الخاصة ان سلاح الطيران المصري قصف الايام الماضية مواقع جنوبية تابعة لقوات مشار طبقا لافادات صادرة من المتحدث باسم قوات مشار الا ان القاهرة رفضت هذه الاتهامات ولكن ايا كانت حققيقة هذه الاتهامات فان الحقيقة الاكبر التي لا يمكن نفيها او مداراتها فان القاهرة تحاول تبعث برسالة ذات دلالات الي الخرطوم توحي من خلالها الي ان مصر يمكن ان تشكل ضغطا علي الخرطوم عبر تحالفها مع جوبا ربما لاعتقادها بان الخرطوم تدعم مشار وتحتضن قواته داخل السودان . اما اكثر الشواهد دلالة وصدقية علي ان القاهرة لديها الكثير من المشاعر غير الطيبة ضد الخرطوم خصوصا فيما يلي قضية الارهاب وحلايب وملف العقوبات الامريكية ضد السودان فمصر حتي الان لم تبادر بتهنئة الخرطوم ولم تبارك قرار رفع العقوبات وربما تكون هي التي سعت الي ما هو اسوأ من ذلك بكثير وعبر دبلوماسية (سرية) في تحرك مضاد لاجهاض قرار رفع العقوبات كما ان الالة الاعلامية المصرية حاولت خلق صورة شائهة للسودان والتقليل من شانه دوليا واقليميا بما هو اشبه بالحملة الاعلامية الرسمية الموجهة , ولهذا لا غرابة ولا ادهاش ان كنا نعتقد او نظن وبعض الظن اثم ان السودان بكل تاريخه القديم والحديث هو الان وكانه تحت وطاة السيناريو المصري فليت حكامنا يدركون هذه الحقيقة ويتاملوا كثيرا في كل المحطات و(المقاطعات) التي جمعتنا بمصر وليتنا ندرك ايضا ان مصر الشقيقة لم تعد شقيقة لبلادنا . حكاية ارض الخرطوم (3) قبل يومين وقفت "الانتباهة" علي احدي حكاوي الصراع الازلي في السودان ما بين المواطنين وسلطات الاراضي خصوصا اذا كانت هذه الاراضي في منطقة الخرطوم (3) او من تلك المناطق التي يسيل لها لعاب المستثمرين واصحاب الاموال والتجارة فالحكاية هي ان مواطني حي الخرطوم (3) ظلوا ومنذ عدة سنوات ينتظرون عشم المركز الصحي الذي منحته لهم الحكومة وخصصته لهم كمركز صحي "للتدريب المستمر" ولكنه يقف كما الاطلال في انتظار ان يصبح حقيقة يجود بخدماته الصحية لمواطني الحي رغم ان الارض التي تقرر ان يتم فيها الانشاء بلا موانع ومكتملة الاجراءات القانونية والرسمية من قبل السلطات الرسمية وهذا بالتاكيد قبل ان تفاجئهم شراكة شواهق الهندسية بانها هي صاحبة الحق في هذه الارض اما كيف حصلت عليها فتلك هي حكاية تعلمها "شواهق" اما المواطنين بالخرطوم (3) فلم يسقط عشمهم في هذا الحق ويحاولون الان تصعيد هذه القضية الي مستويات عليا . كل المستندات والوثائق الان بيد الصحيفة وكل الافادات والاعترافات والتفاصيل سنحكيها لكم لاحقا بكل مهنية ..كيف حصل مواطني الخرطوم (3) علي هذه الارض "الفاخرة" ؟ وكيف آلت ذات الارض لمجموعة شواهق ؟ ثم ما هي حكاية شهادتي البحث لهذه القطعة ؟ ايهما "اصل" وايهما مشكوك في ذمته ؟ وماذا قال المواطنين في حق هذه الشركة ؟ . [email protected]