اخيرا اسدلت حكومة الانقاذ الستار على مسرحية حوارها مع نفسها وانفض سامر الكومبارس على امل ان يرمى لهم ببعض الفتات. ولان حزب المؤتمر الوطنى الحاكم اعلن عن نيته التخلى عن نصف المناصب الدستورية فقد سال لعاب الانتهازيين وشعشعت فى رؤوسهم احلام التوزر. ولان الشعشاع بكرى حسن صالح اصبح رئيسا للوزراء فقد اهال عليه البعض كما كبيرا من المدح والثناء املا فى عطاء ما. لكن السؤال المهم هو هل ستستطيع الحكومة القادمة اصلاح الاحوال المتدهورة فى البلاد؟ بالنسبة للجنرال بكرى صالح فهو لا يختلف عن البشير الا فى قلة الحديث. كلا الرجلين محدود الثقافة وكلاهما ارتكب جرائم حرب لكن المحكمة الجنائية الدولية لم تتهم بكرى حتى الان على الرغم من اتهام لجنة التحقيق الاممية له ولحكام دارفور الثلاثة بمحو واخفاء محاضر اجتماعات اللجان الامنية وتسجيلات دفاتر الاحوال الخاصة بالطائرات الحربية التى كانت تصب القنابل على رؤوس سكان القرى المسالمين فى دارفور خلال السنوات الثلاث الاولى من تلك الحرب. بالاضافة الى ذلك فهو مشارك بفعالية فى حرب الابادة المستمرة الى الان فى اقاليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق والتى ادت الى ازهاق ارواح اكثر من نصف مليون سودانى وشردت اربعة ملايين. فهل شخص بمثل هذه السمات مؤهل لقيادة حكومة قومية تمهد للتحول الديمقراطى المنشود؟ وبغض النظر عن رئيس الحكومة فان حكام وساسة نظام الانقاذ مخادعين ومراوغين وينكثون العهود. ولكى لا يتشتت ذهن القارئ فان هذا المقال سيركز على موضوع واحد وهو موضوع الحكم الرشيد والذى لاكته السن الانقاذيين ورئيسهم حتى اصبح مسيخا. وقد اصدر مؤتمر الحوار الوطنى, حوار الوثبة, كتيبا عن اسس بناء الدولة اورد فيه اربعة مبادئ للحكم الرشيد هى سيادة القانون وتوازن السلطات تطبيق المساءلة والمحاسبة كفاءة الإدارة والوظيفة العامة وتطوير الأنظمة الرقابية بناء النظام الديموقراطي وبالمثل ورد فى منشور اصدرته اللجنة الاممية الاقتصادية والاجتماعية لاسيا والباسفيك ثمانية مبادئ للحكم الرشيد هى 1 المشاركة 2 التوافق 3 المساءلة 4 الشفافية 5 الاستجابة6 الفعالية والكفاءة 7 العدالة والشمولية واخيرا سيادة حكم القانون. اما البنك الدولى فله ستة معايير لتقييم جودة الحكم هى 1 المساءلة وسماع الاخر 2 الاستقرار السياسي ونبذ العنف 3 فعالية الحكومة 4 الجودة التنظيمية 5 سيادة حكم القانون 6 السيطرة على الفساد والملاحظ ان الجهات الثلاثة وجهات اخرى متفقة على مبادئ الحكم الرشيد غير ان توصيات الحوار الوطنى لم تذكر مبدأ السيطرة على الفساد. فهل اسقط المؤتمرون هذا المبدأ عن طريق السهو؟ طبعا لا, لان حكومات الانقاذ كلها كانت قائمة على الفساد ولان نافذى المؤتمر الوطنى اوعزوا اليهم ان يسقطوا ذلك البند. وهذا التكالب الكبير على المناصب دافعه الرئيسى هو الاموال التى يمكن كنزها عن طريق الفساد. ولكى لا يبدو الامر كانه تحامل على حكومات البشير نورد ملخصا مقتضبا لتقييم البنك الدولى لاداء حكومات العالم المختلفة بما فيها حكومة السودان فيما يختص بمبادئ الحكم الرشيد المشار اليها فى الفقرات السابقة التقرير شمل الفترة من 1996 الى 2015 وفيه عدة محكات للقياس اهما ترتيب الدول المختلفة استنادا الى معيار النسبة المئوية للاداء الجيد. والملفت ان نسبة السودان ظلت متدنية على الدوام لا تتخطى ال 10% اما فى مجال محاربة الفساد فهى فى حدود واحد فى المائة. وللمقارنة فان تلك النسبة فى بريطانيا هى 96 % وهى ذاتها فى كندا والسويد واليابان وكثير من دول الغرب بالطبع يحق لكل انسان ان يحلم لكن هنالك حقيقة بينة فى السودان وهى ان هنالك دولة اخرى تسمى الدولة العميقة وهى فى قبضة المؤتمر الوطنى وهى التى تتحكم فى الامن والمال وجماعات الهوس الدينى واذا تخلى المؤتمر الوطنى عن نصف نصيبه فى المناصب الدستورية او ثلاثة ارباع او تسعة اعشار فان ذلك لن يؤثر عليه لان النافذين فيه جيوبهم ستظل مثقلة بمال منهوب [email protected]