جند نفر من الإنس أنفسهم طوعا ، للتجوال على المساجد مسجداً مسجداً ، يعتلون المنابر لوعظ الناس من شرور أنفسهم و سيئات أعمالهم، وكذلك تذكيرهم بأمور دينهم ،هذا أمر جميل، ومستحسن أن يطلع رهط من المرشدين بهذه الامور المهمة،غير أن بعضهم يستغل هذه المنابرلنفث مفاهيم متشددة عن الدين ,مما يترتب عليها إثارة الفرقة بين المسلمين، وبالتالي يؤدي ذلك الى الإنعطاف بفحوى فكرة الوعظ الرشيد ، وفي الجانب الآخر، يناقض بعضهم أُسس الدعوة بالتي هي أحسن وأقوم ،ولعلكم تشهدون أعزائي القراء، كم من مشهد مر أمامكم حينما ينهض أحدهم واقفا فور القاء الإمام السلام ويلج مباشرة في الحديث ، فيشّوش على من فاتتهم بعض الركعات أو من يؤدي الباقيات الصالحات، ويكون بذلك هذا الواعظ قد تسبب في خروج بعض المصلين امامه من الخشوع في الصلاة ،لان الحديث بمكبر الصوت مهما كان تركيز المرأ عليا فلا محالة يخترق أسماعه ،وتبعا لذلك، يكون هذا المصلي قد نقصت صلاته بغياب الخشوع بفعل التشويش الصادر من اؤلئك ،كان حري بهؤلاء الإنتظار حتي يفرغ الجميع من أداء ما عليهم،ومن ثم ،يعظ من يشاء ، وما يشاء دون ضرر أو ضرار . المنابر في المساجد مهمة و مؤثرة لدرجة كبيرة ،و لها دور فاعل في رسم خطى المجتمع و توجيه بوصلته في الاتجاه القويم ،في حال الاستفادة منها ،كما ينبغي و يرجي ،ولكن من خلال المتابعة و التدقيق ،يتكشف بان الخطاب في هذه المنابر، محتاج لضبط وتدقيق الرسالة التى يود هؤلاء إبلاغها للمجتمع ، فالمساجد يعمّرها الصغار و الكبار ، فلا بد أن يكون الجميع في مأمن من أية افكار أو اطروحات تحيد عن سواء السبيل، و الإعتدال و الوسطية ،فضلا عن ضرورة إتساقها مع نظام حازم ومرن في نفس الوقت، وتنظيم أوقات الوعظ ،ومن يقوم بذلك ،بل حتى المدة الزمنية على المنبر ، فهناك أوقات لا يفضل الحديث فيها بمكبرات صوت، مثل بعد صلاتي الصبح، و العشاء ،فهذان الوقتان غير مناسبان ، فالصباح الباكر، يستعد الجميع للمدارس و الجامعات و العمل في مختلف المشارب ،أما بعد العشاء ،يتهيأ الناس لوضع ثيابهم و الراحة ومنهم من يذاكر دروسه خاصة في فترات إمتحانات الشهادة و الأساس، فانسب الاوقات للوعظ، هي بعد صلاتي العصر و المغرب ، مثلما كان سائدا في السودان سابقا ،ولكن طفحت الان ظواهر غير معهودة في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالوقت ،و التوقيت و المحتوى. فكل هذه المعطيات، تحتم على جهات الإختصاص المتعددة بهذا الخصوص ،التحرك تجاه تقنين و تنظيم هذه المسالة ،وفق الضوابط والنظم،وذلك للاستفادة من أهم المنابر لتقويم و تربية المجتمع على هدي التسامح و الاحترام والإنسانية والتكافل ،لا التطرف و التشنج ،وزرع العقول اليافعة بمالايثمر ولا يزهر خيراً. [email protected]