ما بعد الحداثة والفوضى والتشظي من نتائج الحداثة الإنسان المبرمج الذي تهيمن عليه آليات الإعلام الإقتصاد الإستهلاكي التي تحول الإنسان إلى موجود في سجن كبير، بالحداثة تحول الإنسان إلى إنسان مغلول معلول لا يفكر إلا في البعد المادي "انسان محكوم بالنسق" إنسان تم تقزيمه وقتل قدراته الباطنية العظيمة. وهكذا تتحدث ما بعد الحداثة عن موت الإنسان ونحن نفهمه على أنه موت الإنسان (ما قبل الإنسان) وهو تعميق الموات الروحي لضراوة سيطرة الوعي المادي على طرق تفكيره. لقد ظهرت أوضاع ما بعد الحداثة نتيجة للتغييرات الدرامية لظروف عالم ما قبل الحداثة، وظهرت كردة فعل للحالة التي يعيش فيها انسان الحداثة، فكأن الحداثة "قيامة فكرية مادية حسية" وهي مقدمة لقيامة العقل الروحي والقلوب. تتميز ما بعد الحداثة بالتعددية، وسرعة التغيرات الثقافية، وتلاشي السيادة القومية، وإنكماش الزمان والمكان وإختلاط الأفكار والثقافات ونظم الحياة وتداخلها، والخواء النفسي والجوع الروحي واللامعنى! وهذا كله مخاض لظهور عالم جديد. ما بعد الحداثة اليسارية يريد "بعضها" أن يَنْقَض على ما تبقى من أمل لروح الإنسان في الغرب باليأس من كل فرصة للخلاص فرفضوا الفردانية الصغيرة كما رفضوا الروايات الكبيرة. فهم بذلك يقودون العالم للفوضى. "هكذا يستقيل الإنسان المعاصر للقرن الواحد والعشرين مسحوق الهوية متشظي الكيان، تشيعه أزمة وجودية طاحنة فاقداً الإيمان والأمل بالعقل والإنسانية وبذاته. فاقداً المرجعيات الفكرية التي كانت تمنحه السلام والطمأنينية والإحساس بأن لحياته معى وجدوى". هل يتحدث الشيح محمد الشيخ عن نفسه وعن من هم على مثل حاله من الذين ظنوا أن الفكر المادي قد ختم التاريخ وقال الكلمة الأخيرة في تفسير الوجود وتوضيح مسيرته المستقبلية، أم أنه يعبر عن مجمل حالة ما بعد الحداثة التي تجتاح العالم في هذه الأيام؟ والتي عبر عنها فوكو بقوله: "ويختفي الإنسان اختفاء الوجه المرسوم على رمال الساحل". أظن ان ذلك هو إنسان الحداثة الأخير. [email protected]