روى ابو سعيد الخضري رضي الله عنه قال: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة الا وكانت له بطانتان.. بطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصمه الله.. وقال وهب بن منية: قال موسى لفرعون آمن ولك الجنة ولك ملكك: قال حتى اشاور هامان فشاوره في ذلك فقال له هامان بينما انت اله تعبد اذ صرت تعبد فاخف واستكبر وكان من امره ما كان وعلى هذا النمط كان وزير الحجاج يزيد من مسلم لا يألوه خبالا ولبئس القرناء شر قرين لشر خدين واشرف منازل الادميين النبوة ثم الخلافة ثم الوزارة وفي الامثال نعم الظهير الوزير واول ما يظهر نيل السلطان وقوة تمييزه وجوده عقله في انتخاب الوزراء واستنقاء الجلساء ومحادثة العقلاء فهذه ثلاث خلات تدلك على حاله. وبهذه الخلال يجمل في الخلق ذكره وترسخ في النفوس عظمته والمرء مرسوم بقرينه وكان يقال حليه الملوك وزينتهم وزراؤهم.. وفي كتاب كليلة ودمنة «لا يصلح السلطان الا بالوزراء والاعوان وقال سريح بن عبيد لم يكن من نبي اسرائيل ملك الا ومعه رجل حكيم.. اذا راه غضبان كتب اليه صحائف في كل صحيفة.. ارحم المسكين واخش الموت واذكر الآخرة فكلما غضب الملك ناوله الحكيم صحيفة حتى يسكن غضبه.. ومثل الملك الخير.. والوزير السوء الذي يمنع الناس خيره ولا يمكنهم من الدنو منه كالماء الصافي فيه التمساح فلا يستطيع المرء دخوله وان كان سابحاً والى الماء محتاجاً ومثل السلطان كمثل الطبيب ومثل الرعية كمثل المرضى ومثل الوزير كمثل السفير بين المرضى والاطباء فاذا كذب السفير بطل التدبير وكما ان السفير اذا اراد ان يقتل احدا من المرضى وصف للطبيب نقيض دائه فاذا سقاه الطبيب على وصفة السفير هلك العليل كذلك الوزير ينقل الى الملك ما ليس في الرجل فيقتله الملك فمن هنا شرط في الوزير ان يكون صدوقا في لسانه عدلا في دينه مأمونا في اخلاقه بصيرا بامور الرعية.. وتكون بطانة الوزير ايضا من اهل الامانة والبصيرة.. وليحذر الملك ان يولي الوزارة لئيما فاللئيم اذا ارتفع جفا اقاربه وانكر معارفه واستخف بالاشراف وتكبر على ذوي الفضل.. ودخل بعض الوزراء على بعض الخلفاء وكان الوزير من اهل العقل والادب فوجد عنده رجلا ذميا كان الخليفة يميل اليه ويقربه فقال الوزير منشداً من «السريع» يا ملكا طاعنه لازمه وحبه مفترض واجب ان الذي شرفت من اجله يزعم هذا انه كاذب واشار الى الذمي فسأله يا امير المؤمنين عن ذلك فسأله فلم يجد بدا من ان يقول هو صادق فاعترف بالاسلام. ٭ من الباب السادس عشر في ذكر الوزراء وصفاتهم واحوالهم وما اشبه ذلك في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف لشهاب الدين محمد بن احمد الابشيهي. هذا مع تحياتي وشكري الصحافة