بدأت الملفات الثقافية في السودان بشكل غير مباشر بدأ مع الصحافة في أوائل الثلاثينات في مجلتي الفجر والنهضة وكان ظهورهما وسط حالة سياسية تحول دون تناول الشأن السياسي بسبب ثورة اللواء الأبيض التي أجهضها الأنجليز ابان الحكم الثنائي للسودان .. مما جعل الكتابه تتجه الي الثقافة بمعناها الأدبي .. الشعر والقصة الي جانب الإجتماع والكتابات الفكرية التي لاترتبط بقالب تعبير فكري أو جمالي وراجت الموضوعات التي تتحدث عن الأفريقيه والعربية والحراك حول الحداثة والاصالة والعروبيه والافرنجية.. رغم ظهور اقلام مطلعة علي الفكر الحداثوي.. معاويه نور والتجاني يوسف بشير وعمر مصطفي التني وهما الفجر والنهضة من بشر بالنهضة الحداثيه مع مطلع الستينات من هذا القرن في السودان وقد إرتبط هذه الحركه في الكتابه والقراءة بأخواتها في البلاد العربيه,, أبان عصرها الكلاسيكي كمجلة القاهرة والمقطم والرسالة .. وعرفت الخرطوم كبار كتاب مصر .. الزيات والعقاد وطه حسين والمازني والحكيم .. وفيما بعد (أيام عبد الناصر) كان هناك محمود العالم ولويس عوض ومحفوظ وعبد الصبور وحجازي وكانت مجلات الهيئة القومية .. فصول.. والفكر المعاصر ومجلة المجلة والطليعة.. وفي بغداد مجلة أفاق عربية والطليعة وفي سوريا الااداب الأجنبية وشعر.. وفي لبنان ملحق جريدة الأنور وملحق النهار وفي الخليج العربي مجلة الرافد ومجلة الملتقى ومجلة الدوحة وفي السعودية مجلة الفيصل وفي البحرين مجله كلمات وفي الخرطوم مجلة الخرطوم ومجلة الثقافة وهي مجلات محكمه. وفي بداية السبعينات انشأت صحيفة الصحافة السودانية ملفها الثقافي ولحقتها في نفس الفترة صحيفة الأيام واصدرت ملفها (اداب وفنون).. وقد وصلت هذه الملفات الي قمة شعبويتها اذ كان ملف الأهرام القاهرية الثقافي قد ضرب رقماً قياسياً في التوزيع وقد نشر فيه نجيب محفوظ أهم رواياته مسلسة . أما مجلة الدوحة القطرية فقد سطعت مابين المحيط والخليج .. ناشره لواء الفعل الثقافي الرصين والجاد. لم يات هذا من الفراغ .. بل هو عمل كان قد تأسس بناء علي رياح الحداثه الفكرية التي بدأت منذ بدايات القرن .. وكانت مصر في طليعتها بعد مشروعها النهضوى الأول وهذا ما أعطاها زعامتها العربي حتي العهد الناصري . ثم توالت فتوحات الحداثه الفكريه عند استقلال البلدان العربية من قبضة الكولونيالية.. فقامت الدولة بالمعنى الحديث ولكن كل فكرة تحمل في داخلها عوامل الجدل والصراع فيها. فكان أن ظهرت ظاهرة مايمكن ان نسميه بالثقافة الاستهلاكية وهي طاقة تولدها ميول قدرات العمل للاسترواح ولكن السوق يستثمر الظاهرة بالشكل السلبى اذ يفرغ الفكرة (الإبداع الأدبي والفني) من مضمونها الجاد والفاعل إيجابياً الي فعل بلا هدف سوى التسلية التي تصبح في النهاية هدفاً لاضاعة الوقت لا غير .. وتحول الفعل الإيجابي الي فعل عبثى بلا معنى وهدف . وهكذا ظهرت المجلات الفنيه المصوره والأغاني المصورة والمسلسلات الدرامية المثيرة للرعب والغرائز وراجت الروايات الادبية التي بلا مضمون فكرى عميق وبلا وجدان حقيقي واصبحنا أمام معيارين في النقد الأدبي والفني .. كل له احكامه وقوانينه. النقد الشكلاني والنقد الثقافي: النقد الأدبى والفني وتصحيح المسار:- أما هذا الوضع .. حيمنا أصبح المنتج الثقافي سلعة إستهلاكية (للترفيه فقط ) قامت الحركة النقدية بمحاولات لوضع المسائل في مسارها الصحيح ولكن الفكر النقدى كان منقسماً الي تيارين متعارضين فقد كان التيار الثقافي بربط المنتج بمحيطة الإجتماعي تاريخياَ وثقافة ويرى أن المنتج يعبر عن حاجه إستهلاكية املاها هذا الوضع الإجتماعي, فلايري هبوطاً أو ابتزلاً في المضون والشكل لهذا المنتج. والتيار المضاد هو التيار الجمالي الشكلاني الذي يرى أن مهمه المنتج هي ان يعبر عن الحاجه الفكرية والجمالية (هكذا يكون الفن). الا أن التيار السائد في الحياة الأدبيه والفنية الآن هو هذا التيار الاستهلاكي الذي أخذ يفرغ الفنون والأداب من محتواها ويقلل من قيمتها الجمالية بالتقليل من العنايه بالشكل الفني لهذه الابداعات. الإستراتيجية المتوازنه:- أمام هذا كله لابد من وضع استراتيجية متوازنة .. يتدخل في نسيجها الخطان الفني الجميل والفن النافع .. الفنون والصافية والفنون التطبيقية لكي نحقق التطلع الحضاري والثقافي .. الوجداني والمادي . والآ يتوازى الخطان الثقافي والجمالي. [email protected]