* إبتداء دعونا نُقدّم إشادتنا – بكل المهنية- بالسبق الصحفي المُثير الذي حققته صحيفة (قوون) بنشرها لقرار رئيس الجمهورية المتعلّق بسحب جنسية ( المواطن السوداني بالتجنّس) سيرجي باسكال واوا. * ونُضيف في هذا الصدد أن وصول الصحافة لمثل هذه المستندات ومثل التي نُشرت من قبل عبر الصحيفة المذكورة والمُتعلّقة بوزارة الداخلية هو أمر حميد، ويحسب لمهنية الصحافة وإحترافيتها، ولا يقدح في الوقت ذاته في مؤسسات الدولة طالما أن المعلومة المنشورة لا يُصنّفها القانون كمعلومات أمنية وعسكرية يؤدي نشرها لتهديد الأمن القومي. * ومع ذلك نؤكد أن موقف المواطن سيرجي باسكال واوا مازال قوياً ومحمياً بدستور السودان لسنة 2005 متى ما آمن المذكور بحقه الدستوري، وسعى في طلبه. * منذ أول مقال لي في قضية جنسية باسكال واوا قلت أنه ليس من حق نادي المريخ أو أي نادٍ مخاطبة الجهات المُختصة والمطالبة بسحب جنسية أي مواطن، وحتى أن وصل هذه الجهة طلب فليس من حقها الإستجابة الفورية للطلب والبت فيه بالنزع والسحب دون اتاحة الفرصة لصاحب الحق الأصيل للدفاع عن نفسه ومنحه فرصة التمسّك بحقه حتى آخر رمق. * ولعل المّشرّع على يقين أنه في حال ترك المؤسسات كالأندية تتحكم في مصائر الناس منعاً ونزعاً وسحباً فإن هذه الأندية لا تتورع في استخدام صلاحياتها بشكلٍ كيدي يرفضه القانون. * مثال لذلك فإن النادي يمكنه في حال فشل في إقناع لاعب معين بالاستمرار معه – يمكنه- المطالبة بسحب جنسية اللاعب ليحرمه من الالتحاق بالفريق المنافس وبهذه الكيفية يكون الإجراء قد إنطوى على نوايا غير سليمة. * وما يُحسب للمُشرّع هنا أنه ترك مسألة سحب الجنسية من أي مواطن تتم بواسطة مؤسسات الدولة ومحاكمها وبحيثيات مُقنعة ورد ذكرها في نص المادة (11) من قانون الجنسية السودانية. * وتحديد أن المواطن – أي مواطن- يقع تحت طائلة المادة (11) من عدمه يحتاج لقاضٍ ومحكمة بكافة تقنياتها، ولتوجيه اتهام، ودفوع وردود ومداولات وهلمجرا. * وعندما يصدر القاضي حكمه يكون كمن يؤدي في صلاحيات رئيس الجمهورية بالتفويض، وبالتالي فإن السحب لا يتم بالإجراء الإداري المكتبي، والله أعلم. * وما يجب أن يعرفه الجميع أن دستور السودان لسنة 2005 وفّر الحصانة الدستورية الكافية للمواطن المُجنس. * جاء ذلك في المادة (7) الفقرة (3) والتي تُقرأ: ( يُنظّم القانون المواطنة والتجنّس، ولا يجوز نزع الجنسية عمن اكتسبها بالتجنّس إلا بقانون). * هذه حصانة دستورية كافية لا لبس فيها ولا يعتريها ضعف. * ولم يتوقف المُشرّع في منح عطاياه الجزيلة لمواطنيه وأقر لهم حق الطعن في أعمال رئيس الجمهورية أو أعمال رئاسة الجمهورية. * ورد ذلك في المادة (61) والتي تُقرأ: ( يجوز لكل شخص متضرر من أعمال رئيس الجمهورية أو أعمال رئاسة الجمهورية, الطعن فيها أمام: (أ) المحكمة الدستورية إذا كان الفعل المدعي به يتعلق بانتهاك هذا الدستور أو وثيقة الحقوق أو النظام اللامركزي أو اتفاقية السلام الشامل، (ب) المحكمة المختصة إذا كان الادعاء متعلقاً بأي أسباب قانونية أخرى. * إذاً يمكن للاعب باسكال مخاطبة رئاسة الجمهورية بخطابٍ مهذبٍ يُؤكّد فيه إحترامه للدولة السودانية ولكافة رموزها، ويعلن تجديد الولاء لها، بجانب التأكيد على رغبته في التمتع بالحق الذي منحه له من قبل فخامة رئيس الجمهورية كمواطن سوداني بالتجنّس مع المطالبة بضرورة الإسراع في البت حتى لا تتضرر مصالحه. * معورف أنه في حال فقد باسكال هويته كمواطن سوداني تصبح إقامته داخل الدولة السودانية في حد ذاتها فيها إشكال كبير ويمكن ترحيله على وجه السرعة إلى موطنه الأصلي. * من قبل تعاملت رئاسة الجمهورية بالسرعة اللازمة في منح الجنسيات لعلمها أنها إجراءات مستعجلة، وكدليل – أيضاً- لحرصها على حقوق المؤسسات والأفراد. * إذا أراد نادي المريخ السير في هذه القضية بالشكل السليم تجنّباً للمزالق فإني أعتقد أن رأيي سليم، وعليها مساعدة اللاعب في مخاطبة رئاسة الجمهورية، ومؤكد أن الرئاسة لن تتأخر في الوفاء بما جاء في المادة (7)، الفقرة (3) من دستور السودان والمذكورة أعلاه. * أعتذر لأشارتي غير الصحيحة في أن المواطن المُجنّس يحق له الترشح لرئاسة الجمهورية، فقد إشترطت المادة (53) الفقرة (أ) من الدستور أن يكون سودانياً بالميلاد، وما عدا ذلك فكل ما ذكرته صحيح، ويحق للمواطن المُجنّس التمتّع بكافة الحقوق الواردة في الدستور. التيار [email protected]