كم كان حلمه بسيطا ومتواضعا وغير مستحيل تخرج من الجامعة وهو يبنى الامال العراض بين عسى ولعل ( ابنى عشك ياقمارى قشة قشة)، وخاب ظنه حيث لا مكان بدون واسطة فالوظيفة فى جمهورية السودان ضمن الامنيات البعيدة المنال فى ظل دولة بنيت على الجور...ولا يصل للوظائف الا (من كان الوزير خالو)..... سعى فى الارض ولم بترك ود الحسين ركنا قصيا او قريبا فى الوطن الا وطرق بابه سعيا وراء لقمة عيش كريم فى الوطن الذى ضاق بأهله رغم رحابة ارضه...... سالم ود الحسين مثل ملايين المطحونين من اهلنا الذين مازالو تحت سندان الفقر وحياة شظف ومكابدة العيش ما بين حزن وحرمان واحلام سرابية تمضى الايام ويكدح سالم ليلا ونهارا تتقاذفه الايام من بائع خضار الى عامل يوميات ثم سائق ركشة ومع المعاناة تسربت السنوات حتى قاربت الخمس عشرة سنة واخيرا وبعد كفاح مستميت يشترى ود الحسين ركشة.... ولكن ضيق الحال اتعب الامال فقرر سالم ود حسين الهروب والاغتراب وكانت التاشيرة باهظة الثمن وقيمتها ركشته حصاد العمر وسنوات الكفاح واغلى مايملك وهكذا باع الركشة وانضم ود الحسين الى قائمة المغتربين او طابور الهاربين من من سوء الحال الباحثين عن كرامة وبعض من احلام تسربت من ايدبهم فى وطن العازة... وصفعته الغربة بخشونة ملمسها وجفوة دهاليزها ولكنه ظل صامدا يجالد الايام مكابرا لانه باختصار لم يتبقى فى جعبته خيارات اخرى الا السير قدما فى منحنيات ومنحدرات الاغتراب المر...... وهكذا اجتهد ود الحسين لايكل ولايمل يدفع الثمن الباهظ من رصيد العمر وحاله بين التمنى والتحدى ومضت السنوات باقدارها وانطوت صفحات من أيام ود الحسين المغترب جسدا وروحا ..... ثم بدات دول الاغتراب تضيق بالهاربين اليها ثم تشرع فى لفظهم يوما بعد يوم ولا يتبقى لود الحسين من خيارات مع ضيق الحال وشح المورد فقررالعودة الى الوطن بعد ان انقضت ثلاث عشر سنة وهو فى ارض الاغتراب ..... واخيرا عاد ود الحسين الى الوطن محملا باطنان من تعب الغربة وشى من حصاد مال قليل ...ليواجه الالم الاكبر والحزن القابع فى ارض السودان المنهوب..... ولم يمضى عليه وقت طويل حتى قرر ود الحسين ان يجد له مصدر دخل يعتاش منه واخيرا وبعد كل سنوات الاغتراب يعود ود الحسين ليشترى له ركشة اخرى وهو اليوم يجوب شوارع وازقة امدرمان بركشته كما كان سابقا وقد كتب عليها (امانة الصبر ما طيب.) والله المستعان. [email protected]