بالأمس القريب قد أفضنا سطورا بالحروف والكلمات، عبرنا فيها عن أهمية القراءة، ودورها في إزكاء روح المحبة والتعاون، ورفع الحس التوعوي والإدراكي للقراء، فضلا عن مساهماتها في معالجة المشكلات والأزمات، والعمل على نهضة البلاد ورفعتها وإستقرارها، لأهل السودان جميعا، سيما أؤلئك الذين عانوا من ويلات الحروب والصراعات، فاليوم يحدونا الأمل أن نعيد مرة أخرى- الكرة- (بفتح الكاف وتشديد الراء)، وطرق هذا الباب ثانية، لنفتح نفاجا يحض ويحث على القراءة، تعضيدا وتعزيزا لأهمية السير في ركاب المعرفة، ونحرض كل من يحب الإطلاع، ويلهو به- وما أحلاه من حب ولهو- إلى العودة ثانية لهذا اللهو، ونقول لك عزيزي: أفض في ولهك- حبا وشغفا- لتتمتع بحلاوة القراءة والكتابة، وعلى الذين وجدوا حلاوتها من واجبهم علينا وعلى الأجيال القادمة، أن يرفدونا بإنتاجهم ومعارفهم، حتى يتصل جيلهم المشحون بالوعي والإستنارة، بجيل قادته ظروفه إلى التخلي أو الإبتعاد عن الكتاب، وأصبح يتخندق خلف ما يعرف اليوم بمواقع التواصل الإجتماعي، أو ما تعرف بمواقع (السوشيل ميديا)، وهو جيل إبتعد كثيرا عن التذوق والتزود من الورق، لأنه بالنظر إلى حال التعليم وما آل إليه في الآونة الأخيرة، وبالنظر كذلك إلى حال خريجي المعاهد والجامعات السودانية، وحتى الذين نالوا الدرجات العلمية- فوق الجامعية- تلحظ أن كثيرين منهم يحيطه فقر إدراك المعنى، ناهيك عن الذوق ورفعة التعامل، وربما تجزم أن بعضهم قد ضربه الجهل والتخلف مرة أخرى، وصار كأنما لم يتلق حرفا واحدا، أو كما الحمار يحمل أسفارا، لدرجة أنهم لا يدركون حتى أبسط قواعد المعرفة، وحذارى ثم حذارى أن تطلب من أحدهم، كتابة طلب أو خطاب، فوجيعتك حينها ستكون أمام عينيك، ولا يحتاج ذلك إلى دليل أو برهان، فقط عليك أن تتحمل وعثاء الطريق، وتقوم بزيارة لأقرب مؤسسة، ثم أطلب ذلك، لتجد ما إذا كنا صادقين أم أننا نزعم بلا حق، وإذا لم تكن لك الرغبة في الزيارة، فلا ترهق نفسك كثيرا، فقط عليك أن تطلب الخدمة من أقرب خريج بجوارك، ستكتشف حينها ما إذا كنا صادقين أم لا، ولو تفرستم في ألسن الكثيرين من تجار الخطابة والسياسة وكتاباتهم- وما أكثرهم هذه الأيام- ستجد قلة منهم، من له القدرة على الخطاب- إما بالقلم أو اللسان- وإن دل هذا لا يدل إلا أن العملية التعليمية برمتها، في حاجة ماسة إلى إعادة قراءتها بتمعن وروية، علاوة على أن القوم قد إبتعدوا عن الكتاب، والتمرن على الكتابة، وصاروا كغيرهم من أدوات التقنية، لا يعيرون إهتماما للكتاب وأدواته، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة التفكير ملية، والعمل سوية لإعادة المكتبة إلى سابق عهدها، في المدارس والمؤسسات والأحياء والقرى، لكنه بات من المهم جدا، أولا، العمل على إقامة الورش التنويرية، حول القراءة وكيفية القيام بها، وما الذي يحتاجه القارئ بداية، حتى يتعلم القراءة والصبر عليها، ولا يتأتى هذا بالطبع إلا من خلال التداعي والتآزر والجلوس معا، للتفكير في ماهية أنجع الطرق والوسائل، التي ستخرجنا من براثن الجهل والأمية، ولكي نعلم النشئ سبل القراءة والكتابة، فمعا نحو إعادة الحياة إلى رونقها وألقها، لتتنفس سطورا يقرأها الجميع، والدنيا دبنقا دردقوها بشيش،،،،، [email protected]