والآن فقط بدأ الخرطوم يتلمس طريقه بعيدا عن القاهرة التي خدعته طويلا باسم العلاقات الأزلية... فضحى السودان عن حسن نية طيب خاطر بما لم تضحي به دولة من الدول من أجل دولة أخرى... باسم العلاقات الأخوية كان هنالك اتفاق مجحف لمياه النيل بين بريطانيا متمثلة عن السودان من جهة ومصر من جهة أخرى لتقسيم مياه النيل البالغ حوالي 100 مليار متر مكعب سنويا، منها لمصر وحدها حوالي 55 مليار متر مكعب أكثر من النصف بينما لبقية دول حوض النيل البقية المتبقية وهي أكثر من تسعة دول... فهل يعقل هذا في هذا القرن الذي نعيش فيه وتتحاجج مصر الآن بأن لها حقوق تاريخية في مياه النيل بمثل هذه الاتفاقية الأحادية العرجاء التي وقعتها مع بريطانيا بمعزل عن دول المنبع.... فلماذا تتمسك بالحقوق التاريخية لمياه النيل وتغض الطرف عن الحقوق التاريخية للسودان في حلايب؟ وباسم العلاقات الأخوية ضحى السودان كذلك بمدينة وادي حلفا وتوابعها من القرى الأثرية والتاريخية ولم تفي مصر بوعدها بمد شمال السودان بالكهرباء من السد العالي ولا بالمبلغ المتفق عليه البالغ 35 مليون جنيه... وباسم العلاقات الأخوية احتلت مصر حلايب السودانية وباسم العلاقات الاخوية تريد مصر من السودان أن يقف ضد قيام سد النهضة في اثيوبيا وهي دولة المنبع التي حباها الله .. فماذا كانت ستفعل مصر يا ترى لو كان النيل ينبع من أراضيها؟ بالطبع كانت ستمنع حتى تماسيح الدول الأخرى من السباحة في مياها ناهيك عن السقيا منها... وكما تقف مصر باسم العلاقات الاخوية سدأ منيعا من توقيع السودان لاتفاقية عنتيبي لدول حوض النيل... فنقول لمصر ليس هناك علاقات أزلية في السياسة والعلاقات الدولية وإنما فقط هنالك مصالح مشتركة بين الدول وعلاقات الدول تتأرجح هبوطا وصعودا مثل الثرمومتر الحراري حسب المصالح المشتركة بينها... فليس من الضروري أن يضحي السودان من أجل عيون مصر الى ما لا نهاية... على السودان أن يطالب بمليارات المتر المكعبة التي تتخزن في السد العالي كما تصب في مياه البحر الابيض المتوسط من حصته... كما عليه أن يطالب ببقية التعويض التي لم تدفعها مصر عند تهجير أهالي حلفا الى منطقة ما كانوا بالغيها إلا بشق الانفس.. ومصلحة السودان مع الدول الأفريقية التي تجاورها أكثر من مصر التي لها أطماع في أراضي السودان ولا تخجل مصر في ترديد أن الملك فاروق كان ملك مصر والسودان... فهل فاروق كان مصريا أصلا ولماذا طردتوه في النهاية... في الحقيقة لا الأتراك استطاعوا ان يحكموا السودان لأن إبن محمد علي باشا حاكم مصر قد تم حرقه حيا في السودان كما لم يستطع الانجليز حكم السودان لأن غردون باشا قد تم قطع رأسه هناك في الخرطوم حتى كان تحالف الانجليز والاتراك لاعادة فتح السودان بعد مقتل غردون... أما مصر فلم تحكم السودان في حياتها وانما دخلت السودان كجنود مرتزقة مع الحكم التركي الانجليزي للسودان... وعلى دول حوض النيل الآن أن يمزقوا اتفاقية مياه النيل السابقة التي اعطت لمصر نصيب الاسد ويعيدوا صياغة اتفاقية اخرى تحفظ الحق لهم.... فليست لمصر حقوق تاريخية في مياه النيل لأن اتفاقية مياه النيل السابقة لم تتم بين مصر ودول حوض النيل وانما بين مصر وبريطانيا فاذن هذه اتفاقية باطلة وما بُني على باطل فهو باطل... نقطة في آخر السطر: فاذا كانت مصر فعلا تريد علاقة اخوية مع السودان عليها أن تنسحب من حلايب دون قيد أو شرط مثلما أنسحبت اسرائيل من طابا وهي في موقف القوة لا الضعف... [email protected]