في مرات كثيرة تحس أن المتحدث الحكومي – أيّ متحدث - يفترض في أجهزة الإعلام، وفي المتلِّقي، وفي المواطنين، البساطة التي تصل إلى مرحلة السذاجة. وربما لهذا يجد كثيرون أنفسهم يتملّكهم الحماس – في مرات كثيرة – لنصح الحكومة، بضرورة صناعة، أو ابتكار، أو تجميع "صدّاقة"، أو أيّ "وهمة تخلي الناس تصدّق كلام المسؤولين". وهذه على وزن فهاّمة تعين الناس على فهم سياسات المؤتمر الوطني الحزب الحاكم. وكل ذلك من فرط غرابة التصريحات التي تجري على ألسنة بعض الناطقين باسم الحكومة. والناظر إلى أغلب التصريحات الرسمية سيجد أن قائلها يمنح سماعية إحساسًا بأنه يعيش في كوكب آخر، أو أنهم يعيشون في كوكب آخر، غير الذي يعيش فيه ويصرِّح منه. بل إن بعضهم يجعلك تحس كما لو أن المسؤول يتحدث إلى مواطنين لا يفهمون اللغة التي يصرِّح وينطق بها..! نعم والله، هذا ما يتبادر إليك..! خذ عندك ما نشرته وكالة الأنباء السودانية "سونا" على لسان أحد المسؤولين الحكوميين، بعدما آثر أن يتحدث لها دون الكشف عن هويته. فقد قال ذلك المسؤول – بثقة عجيبة - إن شركة سكر كنانة، وشركة السكر السودانية، طرحتا مائة ألف طن من السكر لمقابلة احتياجات شهر رمضان. بل أن المصدر الذي أسبغت عليه الوكالة الرسمية صفة المسؤول، وقالت إنه ينتمي إلى شركة كنانة، قطع بأن السكر المطروح حالياً يكفي حاجة البلاد خلال شهر رمضان. حسناً، فهل يدري هذا المسؤول أن أسعار السكر طرأت عليها زيادة تتفاوت بحسب المنطقة، وهل يدري أن ملامح الأزمة الراتبة التي تتكرر مع اقتراب شهر رمضان، والمتمثلة في زيادة أسعار السكر، مع ندرة كبيرة في السلعة، أطلت برأسها في المشهد المعيشي والاستهلاكي. وهل يعلم أن قطاعات واسعة من الشعب السوداني تتوجِّس خيفة – الآن - من أن توالي أسعار السكر الارتفاع، وخاصة في ظل الظروف الطاحنة التي يعيشها المواطن بسبب سياسات الحكومة غير الرشيدة، وبسبب إصرارها على ترفيه منسوبيها ووزرائها على حساب الشعب السوداني..! قناعتي أن تاريخ وسجل الحكومة في هذا الامتحان – تحديداً - لا يشرف أبداً، فهي بارعة في تحصيل أعلى درجات الفشل في اختبار توفير سكر رمضان سنوياً. ويكفي هنا أن نشير إلى أن بعض التجار يرفضون – حالياً - بيع أكثر من جوالي سكر لمن يرغب، وكل ذلك بمظان أن أسعار السلعة ستشهد زيادة يومية إلى حين بلوغ محطة شهر رمضان الكريم. فكيف – بعد كل هذا - يخرج علينا ذلك المسؤول الرفيع ليقول: إنهم قاموا بطرح كميات كبيرة من السكر تكفي حاجة الاستهلاك خلال رمضان، مع أن هناك حالة أشبه ب"الاحتكار" في بعض المناطق..! وظني أنه لن يُلام أحدٌ إن أظهر عدم تفاؤله من الحديث الذي جرى على لسان المسؤول الرفيع في شركة كنانة، خاصة أن هناك من يخشى أن يتكرر سيناريو كل عام، أي زيادة في الأسعار وندرة في السلعة، حتى في ظل التوجيهات المشددة للوزارات الاقتصادية بضرورة توفير احتياجات شهر رمضان الكريم، وخصوصاً السكر والسلع الأساسية للمواطنين..! الصيحة