عشرة هي الدول التي يمر خلالها نهر النيل وليس لمصر من مياه النيل إلا عُشرها... ولنا أن نتساءل من أين أتت بحصتها تلك التي تتجاوز نصف كمية المياه السنوية التي تصب في مجري النيل ومن ثم في مياه البحر الابيض المتوسط... وإذا كانت المياه أساس الحياة وذروة سنامها فليس معنى هذا أن أهل مصر يحبون المياه أكثر من غيرهم وليس معنى هذا أن يعطش أهل حوض النيل ليستقي ويرتوي أهل مصر وحدهم من مياه النيل... وأين أهل هذه الدول التي تنبع منها هذه النعمة الإلهية... فهذه الدول لها الافضلية في مياه النيل اكثر من مصر... وإذا كانت هذه الدول تفكر بمثل ما تفكر به مصر، كانت عليها أن تفرض ضريبة سنوية لمصر لانتفاعها من مياه النيل التي تنبع من أراضيهم وليس من أراضٍ مصرية... ولكن ما هكذا تدار الأمور بين الدول... وعلى مصر أن لا تتلهف لما في أيدي الغير. عليها أن تحمد ربها على ما قسمها الله لها ، فالعيون الفارغة لا تملأها إلا التراب... فمصر أغرقت شمال السودان بمدنها وقراها قبل ذلك ولم تكتفي بذلك ثم بعد ذلك احتلت حلايب وتريد أن تحتل كل مياه النيل لوحدها وهذا لن يكون وعليه أن تفكر جيدا قبل أي خطوة يخطوها ولا أنسى كيف تغير وجه الرئيس المصري السابق في التلفزيون حينما هدد الرئيس الاسرائيلي حينذاك شيمون بيريز بضرب السد العالي لأن حياة مصر برمتها ونقطة ضعفها في السد العالي فضرب السد العالي يعني إغراق كل مصر... فبالقدر الذي تريد مصر المحافظة على أهلها وشعبها عليها أن تفكر في الآخرين ولا تطلق تهديدات من هنا وهناك على شاكلة ضرب سد النهضة أو غيرها فالذي بيته من زجاج لا يحق له أن يقذف الآخرين بالحجارة... فالعلاقات السوية بين الدول يجب أن تُبنى على أساس المصالح المشتركة وليس على أساس من الأنانية المفرطة... فمصر مارست أبشع أنواع الأنانية وحب الذات على أهل السودان، فبعيدا عن حلايب وتلهفها لاستحواذ مياه النيل الآن، فمسلكها تجاه إغراق شمال السودان وأهلاك بما فيها من زرع وضرع في سبيل حياتها هي، سيظل جرحا نازفا طال ما بقيت الحياة ولا تزال تحاول لخنق السودان بشتى الوسائل والطرق والسعي الدؤوب التي لا تفتر للوقيعة بين السودان وبعض أشقائه... فالزمن قد تغير الآن وليس زمن الحرب الباردة والستينات من القرن الماضي الذي كان يحاول عبد الناصر أن يخلق من نفسه بطلا إلى أن دُمّر ودمر شعبه في حرب سنة 67 نتيجة إنغماسه المتواصل لخلق المشاكل للقارة الوليدة والخارجة من أتون الاستعمار يومذاك... ولم ينس العرب ما حل بمصر فوقفوا جميعا بجانبها حتى تم تحقيق نصر جزئي في حرب اكتوبر وكان الفضل بعد الله لوقوف الدول العربية معها ولا ننسى الدور الكبير الذي لعبه الملك فيصل رحمه الله بعد أن قطع إمداد النفط عن الغرب حتى جنّ جنون الغرب فسعوا لايقاف الحرب وهذا ما تم بالفعل. [email protected]