مثلما يبذل المقتدرون علمياً وفكرياً و أدبياً ومهنياً وكل العظماء جهداً مقدراً للحفاظ على مكانتهم والعمل على تطويرها و رفعتها من أجل خدمة البشرية والأوطان والكون ، فإن الوضيعين يبذلون جهداً لايقل أبداً عن جهد أولئك، إن لم يكن يفوقه. كل ما فى الأمر هو اختلاف الاتجاهات والتخصص، فبينما الأولون يتجهون إلى الأعلى، فإن الأخيرين ييممون خطواتهم تجاه الأسفل. الأولون بناؤون...ينشدون قطر الندى ، والأخيرون متخصصون فى حفر وملء المراحيض والبرك والمستنقعات. الوضاعة والانحطاط يا سادة صناعة تحتاج إلى صبر وأناة، بل عمل دؤوب وموهبة . أنظر مثلاً يا مواطن إلى مشقة وتكلفة هدم المبانى وتحميل وترحيل الأنقاض. .تجدها متقاربة نوعاً ما مع نظرائها المتعلقين بعملية التشييد! المنحطون بارعون فى مجالاتهم. .يتسلحون لها بالكذب والنفاق والتطبيل ونشر الجهالة والأصوات العالية وجلود ناعم ملمسها. .يصورون لك درك حرفتهم وكأنها جنات عدن. ..لهم محبون ومعجبون ومدافعون يستميتون لأجلهم. ..يفدونهم بالمهج و الحناجر والخناجر و حبر اليراع. المنحطون والوضعاء تجدهم دائماً فى مواطن المال والسلطة. .لاهدف لهم سواهما. .لأجلهما تتعدد الوسائل والحرف والمهن. .تتعدد المسالك و الدرك واحد...كلما قال أحدهم : بلغت الحضيض، يرد عليهم سدنتهم : هل من مزيد. فى الدول التى تتمتع بقدر من الحريات تقل أعداد المنحطين والوضيعين. ..فمناخ الحرية غير مناسب لتوالدهم وتكاثرهم ، فالرقابة حاضرة ،وسيف النقد سلاحه بتار، وفى القطار دوماً يتواجد المفتشون. أما فى الدول المحكومة بنظم استبدادية فلا صوت يعلو فوق صوت الرث والغث ، فيغدو نجوم المجتمع وأهل الرأى والفن والعلوم هم من تعطل عندهم الرأى السديد، وكل شخص جف الماء عن وجهه وامتلأ به فوه، وجميع من تعددت ثقوبه الأخلاقية . فالسلطويون يحبذونهم لأنهم لايزعجونهم بالرأي والنصح والاعتراض ، كما أنهم يطيلون من أمد فترات حكمهم عبر شغلهم للناس بقضايا انصرافية. الوضاعة والانحطاط يحتاجان لقدرات هائلة وأشخاص بمواصفات معينة، فليس كل ابن أنثى بمقدوره أن يكون منحطا ووضيعا ، مبدعا ومتكمنا من صنعته وأدواتها. كتب نفر من السودانيين من قبل عن ( الثقلاء والبخلاء فى السودان). .هل لنا بابن حلال يرفدنا بمؤلف ثالث من خمسة اجزاء عن المنحطين والوضيعين ؟! محمود، ، محمود دفع الله الشيخ / المحامى