سحر الأمكنة ( أ ) ثمة أمكنة تحس أخرى تحكي ثالثة تثرثر رابعة تهمس خامسة يفوح أريجها سادسة تشاركك وجدانياً في الإحتفاء بها و الضلوع في الترحيب بوفادتك سابعة تنفجر ضجيجاً !!؟..... * * * عشقى للأمكنة نبتَّ بين جوانحي منذ الصبا الباكر ؛؛؛؛؛ تناسل ترسخ إمتلك الوجدان صار صنواً لي خلال مرحلة الصبا كانت الحياة أكثر بساطة خالية من التركيب و التعقيد الناس يتصرفون بتلقائية هكذا كانت حياة الناس ، جزء من طبيعة الأشياء حولهم في ذلك الزمان. إلتصق ذاك الصبي بظلال شجرة النيم العجوز تفرد جدائلها الوريفة بسخاء و كرم و عطاء عندما تتوسط الشمس كبد السماء !!!؟؟.... كنا وقتها نحتمي بظلالها الكثيفة من أوار الشمس الحارقة .... لا أحد يعلم متى غُرستْ ، و من أسدى لنا هذا الفضل !!؟... موقعها مميز يفضي الى المنتزه حيث مراتع ألاعيب الصبية و الصبايا ، من الجهة اليمنى بينما ترتمي هامة المدينة الصغيرة ، على أحضان نهر النيل متوسدة وثارة مياهه الرقراقة !!؟... و من الجهة اليسرى يقودك الشارع الكبير الى وسط المدينة حيث ضجيج السوق و لغطه ؛؛؛؛؛ كنتُ أهجع الى ظلالها الوريفة حتى في غياب الأتراب !!؟... ثمة حوار و ثرثرة بل همس ، كأن هذا البساط الظليل بساطاً سحرياً يحملني و يحلق بي طائراً بين أجواز الفضاء ، لأحقق من خلاله أحلامي الصغيرة ف في غفلة من محاذير الكبار و نواهيهم !!!!؟؟.... ظل هذا المكان أسيراً لا يفارقني طوال مرحلتي الصبا و الشباب له جاذبية السحر و غواياته أهفو إليه أيضاً كلما غزاني الحنين الى مسقط الرأس !!؟... أجده كما تركته وفياً و صادقاً. كأخلص الأصدقاء الصدوقين تهتز شجرة النيم العجوز طرباً و تعزف أغصانها أنشودة الجن لمقدمي و ترطب وجهي بنسيمها العليل و تتساقط ثمارها الصفراء ، ترحيباً و حفاوة بوفادتي .... * * * حينما إستخرجت وثيقة سفر ( Bass Port ) لأول مرة ، خلال مطالع الشباب ، كان مرمايَّ الطواف حول أكبر حيز من اليابسة و المسطحات المائية ، ضربة البداية كانت صوب الشمال - في بداية السبعينات - حيث مهوى قلوب السودانيين في ذلك الزمان ( قاهرة المعز ) ، و حينما صافحت عيوني معالمها ذات صباح مشرق ، بإنبهار و لا سيما ثغرها المبتسم دوماً وقفت في حضرة البحر الأبيض المتوسط ، أتصفح من خلاله سجل التاريخ الذاخر بالأحداث الجسام ، مفتوناً !!؟... شهقت روحي و باحت بأشواقها جهراً في إمتنان !!!!!؟؟... و عبر مطالع الألفية الثالثة 2005 عاودت الهبوط على أرض الكنانة مجدداً للإقامة ، عقب الطواف بين مدن مواطن الإغتراب ؛؛؛؛؛ منذ الوهلة الأولى ، طوتني الأمكنة الفاتنة بسحرها الآسر بين عضديها فظللت طوال سبع سنوات أسير الثغر الباسم و دار الأوبرا المصرية ، المحتشدة دوماً بألوان الفن و أفانين الإبداع و مهرجانات الأدب و المسرح التجريبي و الفن السابع و أنا العاشق المفتون الواله المتيم بجذبهما الخفي الذي لا أرضى عنهما بديلاً !!!!؟... ثمة أصفاد ناعمة ساحرة ترسفني بين أعتابهما !!!... فلا أخطو قيد أنملة مبارحاً أمام حضورهما الطاغي ؟؟!..... * * * و قبل المحروسة و بينها ، حط بي الطائر الميمون في غرب أفريقيا و عديد من المدن العربية ؛؛؛؛ و لكلٍ مفاتنها و خيوطها الذهبية ذات الجاذبية التي لا تُقاوم !!!.... خلال مطالع السبعينات أناخ ظاعني على سواحل المحيط الأطلنطي على مشارف مدينة الماس (فري تاون) حاضرة (سيراليون) حيث أشجار Mango , Coconut & Banana تنتظم الشوارع و الضواحي مقامة على سفوح الجبال و المصايف مصفوفة على طول ساحل المحيط الأطلنطي ، تزغلل العيون و تجتذب الوالهين أمثالي ؛؛؛ ما هذا الجمال الباهر !!!؟... أي سحر هذا !!!... هل أجرؤ على الظعن أذا أزف الرحيل و حان الفراق ؟؟!... * * * ظلت صنعاء واسطة العقد ، مكثت بين رحابها عقدين من الزمان كانت كلها كمكان ، مصدر جاذبية ساحرة تستثير فيك نوازع الغواية لأساطير الأولين عبر عراقة التاريخ و عبقه، فضلاً عن هذا ، ثمة سر !!... أخذني أخذاً للركون إليها طويلاً ، و الإرتماء في كنفها لا أرجو عنها بديلاً !!؟.... لعل رديف المكان مناخه ( على الأقل في ظني ) !!!؟؟.... الثنائي الذي يشع من بين أعطافه جاذبية السحر و تلاوينه الفاتنة يحملك حملاً للإستكانة بين ثنايا تضاريسه ، لتنعم بنعومة رياح الشمال الطيبة و أمطاره الموسمية و طقسها المعتدل ، شتاء و صيفاً ؛؛؛ لتظل مشدوداً لينابيع الوجد طوال عقدين من الزمان !!؟.... فيصل مصطفى