كنا نتباهى سابقا ونحن في المدارس الابتدائية بأن السودان أكبر دولة عربية وأفريقية وإن كان السودان مشكوك في عروبته أصلا... ولكن كبر المساحة كان نقمة على السودان وليست نعمة... لم تستطع الحكومات السودانية المتعاقبة من تحويل كبر مساحة السودان الى عامل استقرار وتجانس بين مختلف طوائفه بل كانت هذه المساحة الشاسعة والتنوع الاثني والقبلي نقمة لم يفق السودان من تبعاته حتى يومنا هذا إلا ليخرج من صراع ليدخل في صراع آخر لا يعلم مداه إلا الله.... فقد حارب السودان لأكثر من (50) عاما وخسر من الأنفس والأموال الكثير على حساب التنمية والاستقرار ليصل في النهاية الى التقسيم بعد كل هذه التضحيات... وأخشى ما أخشى لنفس المصير لإقليم دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، فالحكم بتركيبته الحالية لا يصلح لحكم السودان المترامي الأطراف والمتنوع الثقافات والإثنيات القبلية... ونجاح الدول لا تقاس بمساحتها ولا بتنوعها العرقي بقدر انسجامها ككتلة متفاهمة ... فهذا السودان الذي نراه الآن يعتمد على الهبات والعطايا التي تأتيها من دول اصغر من أصغر ولاياتها.... وما الفساد الذي يعم أجهزة الدولة إلا نتاج للصراعات والفوضى التي يعيشها السودان الآن.. فإذا كان هنالك استقرار وانسجام بين طوائفه ما كان لمسئول أن يتجرأ في مد يده لأموال الدولة، فالذين يسرقون الآن يسرقون لأنهم يعلمون أن لا أحد سيسألهم لأن البلد يعيش حالة حرب وفوضى وصراعات... فمثل ما رأينا الآن مدير مكتب الرئيس أخذ ما أخذ وغادر السودان معززا ومكرما كأن لم يكن شئ ونرجو أن يكون خلفه خير خلف لشر سلف... والشعب السوداني على ما أعتقد ليس بمقدوره أن ينتظر (50) سنة أخرى ليجد نفسه في النهاية أمام استحقاقات من نوع الحل الذي حلّ بين السودان وجنوبه... فالحل يجب أن يكون حلا جذرياً بتوافق كافة الأطراف المتحاربة أو تكون لهذه الأقاليم حكما ذاتيا ضمن السودان الواحد الموحد... واذا لم تصل الأطراف للحلول المناسبة عليهم أن يتجهوا للاستفتاء إما بالانفصال أو العمل ضمن السودان الواحد... ففي النهاية الإنفصال لن يضر السودان شيئاً... فهذه الخطوة بما لها من مرارة فقد تكون إيجابية لعلّ السودان ينعم ببعض الاستقرار الذي افتقده منذ استقلاله وحتى يومنا هذا... فالصراعات الدائرة الآن لن تضر الحكومة شيئا لأنهم يعيشون في ترف من أموال هذا الشعب ويمكن أن يحاربوا لمئة سنة ولكن المتضررين هم عامة الشعب الذين هم وقود الحرب في النهاية... فهل رأيتم من هؤلاء الذين يحكمون من استشهد في المعارك التي تدور رحاها منذ مجيئهم في السلطة، لذا تراهم لن يرضوا بمثل هذا الكلام لأن الانفصال هو نهاية الحرب ونهاية الحرب هي السلام والسلام هو الاستقرار والتنمية ... حمدي حاج هلالي