بسم الله الرحمن الرحيم بعد رسوب وزارة الري في امتحان الغيط.. نذر كارثة ماحقة تواجه مشروع حلفا الجديدة مذ سنوات خلين .. كان يدور صراع يعلو صوته طوراً ويخفت أحياناً ،بين إدارة هيئة حلفا الزراعية من جهة ، ووزارة الري من جهة أخرى،في إدارة مياه الغيط . فبعد أن كانت مسئولية إدارة السحب من الخزانات والترع الرئيسية موكلة لسلطات وزارة الري، وإدارة الترع الفرعية وما دون ، تتبع لإدارة المشروع ،سعت وزارة الري لاستصدار قرار جمهوري تؤول بموجبه كل العملية المرتبطة بالترع إليها. ونجحت في ذلك .المزارعون واتحادهم ،كانوا على إدراك تام بأن الأسانيد الفنية والإدارية التي يقدمها كل طرف ، إنما هي الجزء الطافي من جبل الجليد ! أما لب الصراع ، فيدور حول رسوم المياه. التي يدفعها المزارع ، في ظل نظام ، تشكل الجباية فيه، عصب الإيرادات . لذلك كانوا يتسامعون بجلبة خيل كل طرف،ويعلمون أن سنابكها ، ستكون إدماءً لظهورهم . فهم من سيدفعون الرسوم التي تزاد سنوياً صاغرين.حيث أن كل الحصاد ، مرتبط بدفعها عن يد قبله أو معه. لذلك لم ينحازوا لأي طرف.ومرت فترات حسبوها إنتقالية ، انتهت هذا الموسم، بغياب رصد موازنتها من إدارة الهيئة ، بعد أن كان لها حتى الموسم الماضي أجر المناولة. بوصفي صاحب حواشة بالمشروع، وقفت على نذر الكارثة . حيث أن هذه الفترة من العام، هي الفترة التي تعقب الصيانة الصيفية. حيث تكون الترع والقنوات ، قد طُهرت ، وتمت صيانة ابوابها والمواسير المغذية لجداول ( الأبو عشرين)بصفة كاملة، أو تكون على وشك.من قبل إدارة المشروع. كيف لا وهي فترة زراعة العروة الصيفية، المشتملة على الفول السوداني أولاً ثم القطن والذرة.فما على المزارع إلا العمل في حواشته. ثم يخطر التفتيش إن غابت المياه. وقد فعلت بعد إكمال زراعة الفول كغيري بحمد الله، وقمت برش مبيد الحشائش ذا السعر المليوني ، الذي لا تصمد فعاليته أكثر من أسبوع إن لم يروى .وإلا يكون ما قمت به هباءً منثورا. وفاجأني المفتش بأنه قد رفع حاجته ولا يملك غير انتظار التلبية.وأنه قد بلغ بكسورات الترع والقنوات المتخمة طيناً والمعشوشبة منذ زمن، لكن لا حياة لمن تنادي !وعلي أن أتصل بالري وليس به! عندها أسقط في يدي وتضرعت إلى الله أن ينزل غيثاً يثبت المبيد على الأقل.وانا كأي مزارع لا أدري كيف أتصل بالري بعد حل اتحاد المزارعين ، وعدم اكتمال تكوين جمعيات الانتاج في مستوياتها العليا. قررت أن استبين الأمر لدى سكرتير اتحاد المزارعين المحلول.فهو على الأقل ،ما زال في مكتبه في اتحاد المزارعين . وأدخلني في صورة الفجيعة المنتظرة. ويكفي أن اورد ما واجه به المدير الزراعي للهيئة ، وكيل وزارة الزراعة عند قدومه للمشروع والاجتماع بهم وإدارات التي تتبع وزارته ، حيث قال في تبيان صور فشل وزارته في تحمل العبء *العام الماضي أدرت صيانة الترع ، مسلحاً بثلاثين آلية ثقيلة ، موزعة في كل المشروع. وانت تديرها هذا العام بنصفها تقريباً ومتهالكة ، ما جعلها تتركز في النمر المجاورة للمدينة ، لتسهيل الحصول على قطع الغيار! * لأن ميزانية الهيئة كانت منفصلة، كنا نتمكن من التعاقد على شراء المواسير باكراً وبالعدد الكافي . ونتولى أمر إنزالها بعمال وفنيين متخصصين. أما هذا العام فقد وفر عدد 400 ، ماسورة فقط ، أنزلت منها مائتان، بعد اشتراط إنتهاء أعمال الحفر بواسطة المزارعين !، دون وجود مختصين. أما الباقي فما زال يقبع في حوش إدارة الري! * كنا نعين عدد 600 عامل ري موسمي ، وأنت تدخل الموسم ب 67 عاملاً ثابتاً فقط ، لم يصرفوا رواتبهم لأربعة أشهر خلت! *كنا بالاستعانة بمهندسيكم ، ندير الري بعدد 26 مهندساً. وانت تملك مهندساً واحداً في كل قسم من الأقسام الستة * أنت تورد رسوم المياه في المالية ، لتنتظر التصديق وفقاً لأوليات أخرى في الأمن وغيره . إيجاز الأمر ، أن الاجتماع لم يصل إلى حلول . عنده يقول محدثي ، أنهم وبوصفهم أعضاء في المجلس التشريعي، اجتمعوا بالوالي في منزله متسائلين، لماذا لا تكون هنالك فترة انتقالية حتى تكمل وزارة الري استعداداتها لتولي هذا الأمر ؟ فأجابه الوالي ، أن مجرد طرح هذه الفكرة في منزلي هذا بوجود الرئيس ووزير الري ، قد أخرج الأخير من طوره حتى هدأه الرئيس! لكن الوالي أخبره بأنهم وغداة استقباله لهم ، مدعو ون لاجتماع مع النائب الأول ورئيس مجلس الوزراء القومي ، يضم الوزراء المختصين وولاة الولايات التي بها مشاريع زراعية قومية ومديريها لمناقشة الأمر . لكن استبشارهم بذلك تلاشى بعودة مدير الهيئة بخفي حنين ! زادني محدثي من الشعر بيتاً بقوله عند سؤالي إياه عما سيجري ، أن المزارعين قد عادوا إلى حراسة الكباري وتوجيه المياه بأنفسهم ، مسلحين بالعصي والمُدى وربما المسدسات.فحل من هم في بداية المشروع مشاكلهم ، أما أهل قريته هو شخصياً وجمعياتهم ، فقد استعادوا شيك الضمان من الشركة التي دخلت المشروع ممولة لزراعة القطن ، حيث أنهم ما عادوا يضمنون نجاح الموسم في ظل هذه الاخفاقات . عندما انصرفت من محدثي ، هاتفت شريكي قائلاً : قم بما تستطيع ، ( حكومة ما في).ولا حول ولا قوة إلا بالله. معمر حسن محمد نور