جاء عبدالقدوس الخاتم رحمه الله , للساحه الابداعيه في بدايات ستينات القرن الماضي , علي راس موجه الحداثه الابداعيه وقتذاك وكان كل شئ يأخذ في التغير... شكل الابداع ومضمونه , جاءت قصيده التفيعله وتبعتها قصيده النثر ... وجاءت روايه موسم الهجره الي الشمال وكانت قد لخصت الافكار العالميه الحداثيه... فكره الهويه في زمن الاستلاب الثقافي. ناقش عبدالقدوس الشعر والنثر ورفض الشعر القشر دون اللب... ولم يتوقف عن تجديدات مدرسه ابولو المصريه... ورفض مقوله الصدق الفني عند طمبل ووقف عند الشعراء الجدد عبدالحي ومحمد المكي... بارك معاصره الفكره وشكلها... ورفض المعاصره عند نازك الملائكه وعند عبدالصبور تماما كما فعل صلاح احمد ابراهيم مع مقلدي ت .اس .اليوت اما السمه البارزه التي تنبه لجراءة عبدالقدوس هي ان حسه الاخلاقي يرفض ان يكون مرائيا . كان ناقدا مقاتلا يكتب باسنان الرماح وعندما كتب عن اسماعيل حسن .. كان قياسيا جدا لانه اراد ان يكون ناقدا منهجيا ... ان تلتقي المقدمه الكبري بالمقدمه الصغري حتي تصدق النتيجه من لقاء المقدمتين كما يري ارسطو في منطقه الصوري. اغلب نقاد عبدالقدوس قد سجلو ان عبدالقدوس لم يكتب وقتذاك عن كتاب الروايه والقصه وقد صدقوا , اهمال عبدالقدوس غير مقصود , كان عبدالقدوس مرتبط وجدانيا بالشعر.. قد كتب الشعر اصلا, في ظني الخاص ان عبدالقدوس كان عربي المزاج( يعترف بالشعر).. وان القصه والروايه هي سليله آداب الفرنجه لهذا اهمل عبدالقدوس ابراهيم اسحق واهتم بشعراء كلاسيكين اقل قيمه فقط لانهم شعراء ...عبدالقدوس ناقد نزيه جدا .. ولكنه ناقد فيه شئ من رولان بارت... كان عظيم الولع بما يسميه بارت ب( لذه النص) ... ان قيمه النص عند عبدالقدوس ( النص السردي) تتلخص في المحمول ما يقوله له النص ... وشرطه الوحيد ان يقول النص, وفق قوانين السرد الحكائي . لم ياخذ عبدالقدوس زمنا كافيا كان مشروعه ضخما وكثيفا كان عليه الوقوف عند البدايات .. عند الكلاسيكيات حتي مشارف الحداثه... وكانت القضايا الاجتماعيه في تحولاتها من الماضي الي الراهن الي الاتي تحتاج لكثير من التفسير الذي يعتمد علي التحليل والتفكيك البنائي .. وهذا هوعمل من اعمال التامل الفلسفي الذي يبعد علي الدوام النص من اجواء الادب (اللغه) الي اجواء الفكر الفلسفي وليس الفكر السياسي كما كان سائدا في الاربعينات والثلاثينات . ولعل المتابع لما يكتب من نقد فني يلحظ الخلط الشنيع بين مناهج الادب المتخذه في المعالجات النقديه وغياب افق النقد الجمالي الفلسفي (الشكلاني) في مثل هذه الدراسات, وقد ساعد علي هذا عامل حاسم هنا هو منع حريه الفكر من ان تمارس حيوتيها في قضايا الفكر المطروحه علي ارضيه اجتماعيه وسياسيه مما افقر الفكر عن موضوعيته وخلطه بالنزوع الذاتي الهوائي . من اقوال الطيب صالح التي فهمت في غير موضعها الصحيح قوله (علي الناقد ان يحب النص الذي يعمل علي نقده).. طبعا الطيب صالح لايقصد ان يحب الناقد كاتب النص حتي يحب نصه ... لا .. القصد هنا هو ان يري الناقد (الجميل) الذي يصوره النص وفق قاعده الجمال النقدي الصارمه , فالورده الجميله في الفن ... ليست هي الورده الجميله في الطبيعه علي العكس تماما من اليوت الذي يطالب بالمقابل الموضوعي بالرجوع الي مشروع عبدالقدوس النقدي... فهو مشروع ضخم يبدأ من الستينات حتي الربع الاول من العقدين الاخرين .. وهنا كان يلازم عبدالقدوس احساس ثقيل بالمسئوليه عن اولئك المبدعين الذين عاصرهم ولم يكتب شهادته عنهم وهم ادباء السبعينات( البنائيون) والشعراء والقاصون الجدد.. ولهذا أجري عبدالقدوس حوارات مطوله مع مامون التلب ودرس اعمال كل هولاء .. وكان عبدالقدوس بهذا اراد ان يكمل رسالته ويضع النقاط الاخيره فوق الحروف .. لهذا اوصي بأن يقراء مشروع عبدالقدوس تحت اضاءه كل هذه الكتابات شريطه ان يكون الكلام واضحا وصادقا لقطف كل ثمار هذا المشروع الفذ