أخيراً، انتهت أزمة تجميد النشاط الرياضي في السودان، وذلك بعد أن سمح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" للأندية والمنتخبات السودانية بمزاولة نشاطها، على خلفية تسلمه خطاباً حكومياً رسمياً قضى بعودة مقر اتحاد كرة القدم إلى مجموعة الدكتور معصتم جعفر. وظني، أن نهاية أزمة التجميد، لا تعني انتهاء المشكلة الناشبة حول اتحاد كرة القدم، ذلك أن الخلافات بين اللجنة المشتركة المتفق عليها لتسيير النشاط الرياضي، لن تتوقف الا بانقضاء أجل اللجنة نفسها. وربما لهذا لا أجد نفسي ميالاً للفرضية التي تبشِّر بأن الأزمة فُككت نهائياً. المحزن في القصة كلها أن الحلول جاءت بعدما خسر المريخ وهلال الأبيض فرصة التنافس وربما الترقي إلى الأدوار العليا في منافستي الأندية الأبطال والكنفدرالية على التوالي. وظني أن ذلك ينبغي أن يكون سبباً في معاقبة الذين تورّطوا في إقصاء المريخ وهلال الأبيض بسبب الصراع الأرعن على مخصصات الاتحاد الرياضي السوداني، وبسبب التنافس غير الشريف على كرسي القيادة. وقناعتي أنه لو كانت الدولة في تمام عافيتها لقدمت كل الذين تسببوا في الأزمة إلى محاكمة رادعة غض النظر عن مواقعهم..! وثقتي أنه لو كانت الدولة في تمام الاحترام، لكوّنت اللجان الواحدة تلو الأخرى، لتحديد المخطئ، لمحاسبته، سواء إن كان من مجموعة عبد الرحمن سر الختم أو مجموعة معتصم جعفر، أو من يقف وراءهما. المثير في الأمر، أن حالة التغبيش التي تنتهجها السلطة في كافة المجالات، مُضافًا إليها حالة السيولة في القوانين التي تحمل عدة أوجه جعلت من العسير الوصول إلى المخطئ في الأزمة. خاصة أن كل طرف يزعم أنه صاحب الحق، وأن الطرف الآخر هو الباطل عينه، ولكل ذلك حدثت حالة من التدليس، خصوصاً لمن هو خارج دائرة المتابعة اليومية لشؤون كرة القدم، بما في ذلك تحديثات القوانين والتشريعات. أضف إلى ذلك أن الصحافة الرياضية في السودان عرُف عن أكثرية كتابها موالاتهم لمن يوالونه في المعتقد الرياضي، غض النظر عن صحة موقفه واستقامة حجته من عدمها، في مثل هذه المشكلات والأزمات. ولكن مهما يكن من أمر، فإن المنطق يدلنا على أنه طالما ان هناك خطأ، فذلك يعني أن هناك مخطئ. وبالتالي يجب على الحكومة أن تسعى لمعرفته ومن ثم محاكمته، حتى يكون عبرة لمن يعتبر..! وما يدعم قولي هذا، هو أن كلا الطرفين جاءا ووافقا على اقتسام إدارة كرة القدم، وهذا يعني أن هناك طرفا تخلى عن نصف حقه، بسماحه للطرف الآخر بالاشتراك معه في مقاعد الاتحاد. كما يعني أن هناك طرفاً حصل على ما لا يستحقه. وهنا ينبغي علينا أن نطرح سؤالاً عن السبب الذي يجعل صاحب الحق يفرِّط في نصف حقه. وعن السبب الذي يجعل الطرف الآخر يحصل على النصف الثاني من الحق، مع أنه لا يملكه ولا يستحقه..! وعليه، يجب ان تبدأ المحاسبة من هنا، والا فإن الرياضة في السودان سوف تكون موعودة بعقبات كثيرة وعراقيل لا تنتهي، خاصة أن الطرفين اللذين قبلا بالحل الحالي، كان بمقدورهما أن يوافقا على هذه المباردة سابقاً، بما يجنِّب المريخ وهلال الأبيض خطر الخروج من البطولات. وظني أن هذا وحده كفيل بإيقاع أقسى عقوبة على المتسببين في الأزمة، حتى لو كان قادة أمانة الشباب بالمؤتمر الوطني. ذلك أن الممارسة السياسية تبرهن على أنهم يمكن أن يكونوا طرفاً في الأزمة وفي الكارثة بامتياز. ويكفي أن أمانة الشباب التي يديرونها تناسلت من حاضنة الحزب الحاكم، حيث منبت المبادرات الفاشلة، ومنبع الأفكار المدمّرة، ولذلك فضلوعهم في الانكسار الذي شهدته الكرة السودانية يظل وارداً بشدة. وهو ما تدلل عليه سوابق المؤتمر الوطني نفسه، في ادارة شأن البلاد والعباد. الصيحة