بعيدا عن الحساسية لنقرأ معا صور اغترابية متباينة لنتصفحها بمعيار الحقيقة لا بميزان التلوين والمجاملة فما اطول المسافة بين الوطن والمغترب تلك التى يقطعها فى اروقة التغرب وقد سكب عصارة الايام وتبعثرت منه احلام الربيع فدخل فى شتاء العمر اجبارا لا اختيارا ... وهو مازال بين حنين جارف الى بلاده وانين نازف من احزان الغربة. صورة لمغترب جاء الى دولة الاغتراب فى رعيان الشباب غضا طريا اخضر العود محملا بالامانى والامال يحدو قلبه التفاؤل يفرد اجنحة الحياة لاشواق حالمة لم يساكن وجدانه الخوف وقتها ولم تعرف خطواته الجادة الملل شرع يكدح من اجل صياغة المستقبل القادم تلك كانت حساباته البسيطة فقد كانت ارقامه حسب تخطيطه صادقة النتائج واضحة المعالم خطواته الواثقة المستمدة قوتها وثباتها من واقع حال الوطن الذى مازال دعاش احلامه يهدهد مقبل ايامه ولم تتأرجح الصورة ولم تهتز الاوضاع وقتها... ثم تتسرب الايام كما يتسرب الماء من بين الاصابع وهو ينتظر ان يستعيد الوطن بعض من عافبته ليعود محملا بالاستبشار ولكن هيهات والاغتراب ياخذ كل شىء واحيانا لا يعطيك شىء... البعض يعود مرغما الى الوطن رغم الظروف ويحاول ان ينسجم مع الوضع يواجه رياح الانحدار المستمريصبر يصمد ثم يتارجح ثم يتداعى وتخورعزيمته وتضعف ارادته يخزله الواقع وتحاصره الديون وتتزايد عليه المتطلبات ويضرب جيبه داء الفلس الكريه ثم لايجد مع هذا الحصارالخانق سوى الهروب مرة اخرى ليعود الى الاغتراب يحمل خيبات العودة عاد بجسده لايصاحبه احساسه الجميل المفعم بالامل فالسنوات العجاف التى اكلت منه احلى ايامه لايزال طعم علقمها بين حناياه ولايزال جرحها لم يندمل وهاهو يعود مرغما ليعيد الكرة مع الاغتراب وقد اصبح شيخا عبرته السنوات... وبعض اخر يستسلم لحياة الغربة بكل اوجاعها وقد يقعده المرض والشيخوخة ولكنه يظل متشبثا بشىء من حتى ليس حبا فى الغربة لكن هروبا من مواجهة الواقع فيظل تحت وطأة مسمى مغترب ليواجه الالم من ثلاثة مصادر الاول نفسه المتهالكة التى لم تعد قادرة على العطاء والثانى دول الاغتراب التى تحتاج الى معايير محددة وفق قوانينها التى تتماشى مع سياساتها والضلع الثالث الحكومة ودورها السالب اتجاه المغتربين خاصة كبار السن منهم والمرضى ... نقولها ان كانت هناك اذان تسمع او قلوب تستجيب فرفقا بهؤلاء الشيوخ رفقا بهم فقد قدموا الكثير ولكنهم لم ينالوا الا الهوان والاهمال...... فالله المستعان