مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار المدهش حول إنقلاب هاشم العطا في 19 يوليو 1971م (5– 6)
نشر في الراكوبة يوم 03 - 08 - 2017

عند إستعراضنا لهذا الحوار الممتد مع الملازم مدني علي مدني كشاهد علي عصر الإنقلاب وماقبله وكواحد من المنفذين والنافذين فيه ، بل وبوصفه كان المتهم الثالث في قضية الإغتيالات التي حدثت ببيت الضيافة لكبار الضباط الموالين للرئيس الأسبق جعفر نميري والتي تمت عقب الهجوم الإرتدادي حين كانوا متحجزين تحفظيا ببيت الضيافة ثم تم نقل بعضهم إلي مباني الأمن القومي في ذات المنطقة ، فإن ما أفاد به هذا الضابط يستوجب إعادة التوثيق لتلك الأحداث ، خاصة وأن بعض الزملاء الإعلاميين سبق أن اجروا حوارات عديدة مع الناجين من تلك المذبحة وعددهم أربعة ضباط ، حيث كانت إفاداتهم تختلف نوعا مع إفادات الملازم مدني علي مدني ، وبالتالي فإن في الأمر غموض ظل يكتنف تفاصيل الاحداث ، وسوف ندلو بملاحظاتنا حول هذا الحوار المطول بعد الإنتهاء من نشرالحلقات كلها ، خاصة وأن كل من الزميل الصحفي مؤيد شريف والملازم مدني علي مدني قد أعادا لحركة التوثيق للأحداث السياسية السودانية دفعة جديدة ظلت تتداولها الأوساط المهتمة بهذا الحدث نظرا لأن معظم منفذيه قد فارقوا الدنيا قبل أن تحاورهم وسائط الميديا الحديثة أو أجهزة الإعلام .
ولنترك الملازم مدني يواصل إفاداته حسب ما تم نشره قبل عشر سنوات تقريباً :-
حاول الرائد مامون أبو زيد عضو مجلس ثورة ميو بكل ما أوتي من نفوذ وقوة أن يساومنا أنا وعبد العظيم عوض سرور لكي نقول بأن صلاح عبد العال كان يأتي إلي القصر في فترة الثلاث أيام التي استولينا فيها علي القصر الجمهوري وكنا نعلم بأنه يرغب في التخلص منه ولم نعطيه الفرصة لذلك ، وعلمت مؤخراً بأن صلاح عبد العال هو من استولى علي الإذاعة إلا أن أحد أفرادنا في الإذاعة ويدعى احمد عثمان قام باعتقاله وسلمه لمستجد كان ينادى بحريقه وأمر حريقة بأن لا يتحرك صلاح عبد العال من أمامه حتى يري "صفق الشجر يتحته من هدير الدبابات" . وبعد ذلك ركب احمد عثمان العربة "الفلوكسواجن" التي كان يستغلها صلاح عبد العال نفسه وتوجه إلي اللواء الأول مظلات وسلم نفسه هناك . من المعروف لدينا أيضاً أن صلاح عبد العال وأبو الدهب كان لهم انقلاب أيضا ، وأيضا المجموعة التي جاءت لاحقاً واشتركت مع حسن قصيصة وهم حماد الاحيمر وغيره وكان لهم طموح السيطرة علي البلاد بدليل البيان الذي وجد في جيب أحدهم ويسمى أبو القاسم وعين فيه نفسه رئيساً لمجلس الثورة لأنه كانت له شهادة وسطى ! والرقيب أول حماد الاحيمر ، والذي اشترك في قصف القصر الجمهوري وهو الذي دمر البوابة الجنوبية وهو نفسه الذي كان يوجه نيرانه باتجاه الجزء الذي كان يتواجد به النميري ومن معه .
عين أب شيبة النقيب محمد خاطر حمودة حرساً علي النميري ومن معه وكان نقيباً في الحرس الجمهوري واذكر أننا اعترضنا علي الخطوة التي قام بها أب شيبة باعتبار أن خاطر لا يؤمن جانبه وليس جزءاً من التنظيم ، إلا أن أب شيبة قال : " خاطر هذا جبان وقدام عيني ما بيقدر يعمل حاجة " وأضاف بأن نميري ومن معه لا يحتاجون لحراسة بل مجرد إشراف . وخاطر ومن اجل أن يؤمن جانبه وهو لم يكن مشتركاً معنا في الأساس ، قام بفتح الأبواب وأخرج النميري والذي خرج بنفسه ولم يكترث لزملائه والذين كانوا لا يزالوا في أيدينا وخاطر كان يجر النميري من جلبابه محاولاً إخراجه من القصر ونميري كان يصرخ فيه قائلاً : " فك ..فك" ونميري خرج عبر البوابة الغربية ولم يحدث إطلاقا أن قاوم النميري تسعة من حراسه كما يشاع ، ولم يقفز فوق السور وكل تلك الأشياء هي مجرد أكاذيب لا أساس لها وحتى ما يقال عن مقابلته لسيد خليفة وخروجه معه من القصر كل تلك الروايات هي عارية من الصحة فالطريق القريب من القصر في تلك اللحظات لم يكن ممكنا أن يمر به حتى العسكريين بسبب الذخيرة الحية ناهيك عن المدنيين . بعد خروج النميري وصل إلي منطقة وزارة شؤون الخدمة والإصلاح الإداري ووجد هناك دبابة استغلها وأرتدي الذي العسكري خاصة الرقيب أول الذي كان يقود الدبابة وتوجه مباشرة إلي الشجرة . وزملائه الذين كانوا لا يزالوا في القصر أخرجوهم العساكر ولم يكترث النميري لهم ولا لمصيرهم من وراءه " هرب برقبتوا فقط ".
هل تستطيع أن تقدر عدد الضحايا من الجانبين في ذلك اليوم ؟
لم يمت منا أناس كثيرون ، وذلك بسبب أن تلسكوبات الدبابات لم تكن مضبوطة "مدافع غير منسقة" وذلك يؤكد أنهم أخرجوا الدبابات بعشوائية كبيرة والدليل علي ذلك أن أول قذيفة أطلقوها كانت قذيفة خاطئة تسببت في مقتل ملازم من نفس الدفعة التي انتمي لها يسمى محمد الحسن ساتي وكان "لبطشيا"ً في ذلك اليوم في سلاح المدرعات في الشجرة ولكنهم سحبوه أيضا من سلاح المدرعات بالشجرة حتى بيت الضيافة وادعوا أيضاً أنه قتل في بيت الضيافة واعتبروه من شهداء بيت الضيافة ومحمد الحسن ساتي لم يكن منتمياً لأي جهة بل كان يؤدي واجبه كلبطشي فقط . وقتل منا أيضا عثمان ادريس والرقيب ساعد عبد الله ساعد .
أثناء قصفهم لمباني القصر كانت هناك مقاومة شرسة من جانبنا فاعتقدوا ان لواءاً كاملاً موجوداً في داخل القصر في الوقت الذي كنا فيه أقلية .
كم كان عددكم في داخل القصر ؟
في حدود الثلاثينيات وذلك بعد هروب أعداد من منتسبي الشرطة العسكرية وغير المنتمين لنا
نميري كان بين أيديكم وجميع قادة نظامه ، فلماذا لم تساوموا؟ أو ساومتوا ؟
ما تفضلت به يؤكد وينفي عدم مسئوليتنا عن أحداث بيت الضيافة أو أحداث الأمن القومي أو أية أحداث أخرى ف " الدبيب ما بيكتلو الا من راسو " ، هناك أسئلة منطقية وعقلية يجب أن يسأل كل منا نفسه ، فلماذا نذهب أبعد من 15 كيلو إلي بيت الضيافة لنرتكب مجزرة حسب زعمهم في الوقت الذي نسيطر فيه علي رأس الدولة وكبار القادة في النظام ولماذا نعطي تعليمات بقتل ملازمين صغار في الأمن القومي خلف المطار ونترك رأس الحية ؟!! . اذا كنا دمويين كما يدعون فهل كنا سنحتفظ بكل هؤلاء القادة لمدة ثلاثة أيام ؟!! " عايزين نسمنم " فكان بإمكاننا ومنذ اليوم الأول أن ننتهي من أمرهم إن أردنا ، وإذا رجعت إلي تاريخ الانقلابات العسكرية لمنقستو هيلامريم ومنعدوب وتفرفينتي فكل هؤلاء وفي خمسة دقائق قتلوا ما يعادل ثلاثة حكومات وهذا ما لم نرده وحاولنا تجنبه .
إذا تنفي أي علاقة لكم بأحداث بيت الضيافة ومقتل الملازمين بالأمن الوطني ؟
نحن لم نقتل أحد في بيت الضيافة ولم نعطي تعليمات بضرب أي شخص في القصر الجمهوري أو الأمن القومي . وكل الذين تشدقوا بأنهم ساهموا في إعادة مايو للحكم وتحدثوا عن بطولات وهمية وورقية من أمثال صديق عبد العزيز وغيره كل هؤلاء لم يكن ليجرءوا علي الاقتراب من القصر الجمهوري وكل ما قالوه لا يخرج عن كونه أكاذيب وخزعبلات ، والذين تجرءوا ودخلوا القصر كانوا اثنين فقط أولهم المقدم يعقوب إسماعيل والذي تمرد فيما بعد في جبال النوبة وكان عائدا من موسكو مستقلا عربة بورمان مكتوب عليها خدمات جامعة الخرطوم وهي واحدة من العربات التي صادرها المايويين من جامعة الخرطوم بعد أحداث الشغب . كما وحاول الدخول الملازم ادم الريح واعتقله قاسم الخالق وكان في الداخلية وسلم نفسه هناك ومعه احمد الحسين الحسن .
حسن العماس في إفاداته قال بأن أحمد جبارة والحردلو هم من قتلوا وصفوا الضباط في بيت الضيافة فماذا تقول في ذلك ؟
وأين كان العماس نفسه ؟ العماس كان في الأمن القومي فكيف رآهم ؟ وبالمناسبة العماس لم يكن عضواً في تنظيم الضباط الأحرار ولم يشترك معنا في التنفيذ منذ البداية ، جاء ليلاً بصحبة الحردلو وبعد نجاح الانقلاب مستغلين طائرة من القضارف . عرض أن يتعاون معنا وهو صديق للحردلو ودفعته في القوات المسلحة وتوجه إلي الأمن القومي وعين هناك كحرس علي المعتقلين الذين رحلوا من بيت الضيافة وهذا هو دوره في الانقلاب وليس أكثر
ما هي الغاية من تحريك بعض المعتقلين من بيت الضيافة إلي الأمن القومي ؟
عند زيارة عبد القادر الهاموش لبيت الضيافة اشتكى له بعض كبار الضباط من اكتظاظ المكان. .
ولكنك أكدت لي أن المكان لم يكن مكتظاً!؟
بعد أنت اضطررنا لجلب سرائر أصبح المكان ضيقاً وبعض الرتب الكبيرة كانت تعاني من آلام في الظهر فاضطررنا أن نحضر لهم سرر واسعة كسيد احمد الحمودي وسعد بحر . وأمرني الهاموش بأن أدون الاحتياجات التي يحتاجها المعتقلون وان اجلبها لهم من منازلهم وبعد أن جمعت الأوراق التي كتبوها وجددت شيء غريب لفت نظري وهو مطالبتهم بملابس عسكرية نظيفة ولم أري مبرراً منطقياً لطلبهم هذا سوى معرفتهم بأن شيئاً ما سيحدث وكنا قد اعتقلنا اورتشي يوم 21 ليلاً ويبدو لي انه كان يعلم وجود خطة ما للارتداد علينا والرشيد نور الدين أيضا ، وحملت شكي هذا إلي أب شيبة بعد أن كنا قد رصدنا اجتماعات لمايويين في منطقة امبدة وبعد أن عرضت مخاوفي علي أب شيبة جاوبني قائلاً : " انتو شفقانين ساكت والعملية مقلقه بيكم لانكم انتو النفذتوها ، علي كل حال امشي الان أخد راحتك عشان بعد الساعة 2 بالليل حتاخد نميري وبعض الرتب الكبيرة وتوديهم مكان حنوريك ليهو بعدين" ، وبالفعل خلدت للنوم وأيقظني الرقيب محمد فضل الله مرجي وقال لي : " في صوت ضرب دبابات والقائد عايزك في المكتب" واشتدت المواجهات بعد ذلك .
قلت أن أحمد جبارة تعود علي معاملة أو بعض المعتقلين بقسوة في بيت الضيافة وانه كان له عداوات شخصية مع بعضهم ، فهل يمكن أن يكون قد شارك فعلاً في أي أحداث عنف ؟
احمد جبارة كان شرساً بطبعه منذ أيام الكلية ولكن ما استبعده أن يكون احمد جباره مشاركا في أحداث بيت الضيافة بسبب أن احمد جبارة اعتقل من أمام القصر الجمهوري وسلم نفسه للمقدم يعقوب إسماعيل ومعه النقيب محمد احمد المحجوب ومعه بعض ضباط الصف وكان ذلك عند الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف . ولو أن احمد جبارة نفذ أحداث بيت الضيافة" فكان من باب أولى أن يخرج منها إلي الأمن القومي ويتم الناقصه" ، واذا افترضنا أن هناك أشخاص دخلوا إلي بيت الضيافة ونفذوا العملية فكان عليهم أن يتأكدوا من مقتل كل شخص علي حده وهذا ما لم يحدث ويؤكد فرضيتي بأن الرصاص الذي أطلق علي المعتقلين كان يأتي من خارج بيت الضيافة بشكل عشوائي وما ذكرته من التحليل الذي اجري للجثث وأكد نوعية الذخيرة حارق خارق التي وجدت في الجثث أيضاً يؤكد عدم مسئوليتنا عم الأحداث وأن طرفاً لا زال خافياً هو من نفذ الأحداث .
حسن العماس في إفاداته أكد أن أب شيبة أصدر له تعليمات عبر الهاتف بتصفية المعتقلين في الأمن القومي وأنه رفض التنفيذ وأبلغ المعتقلين بأنه لن يقدم علي قتلهم ، هل ترجح ذلك؟
كما سبق وذكرت لك ، حسن العماس لا ناقة له ولا جمل في يوليو ، ولم يكن يهمه إذا اعتقالنا أو قتلنا أو برئنا . والسؤال هو أن العماس كان موجوداً في القيادة العامة ولم يكن يعلم بالموقف العسكري في الخارج . وهل سأل نفسه عن ردة فعل أب شيبة اذا علم أنه لم ينفذ ما أوكل له من مهام ؟!!
هل يمكن أن يصدر أب شيبة تعليمات في غاية الضخامة كتصفية أشخاص الي شخص غير منتمي لتنظيمه ولماذا لم يكلف أحد المنتمين إذا ؟
إذا ما افترضنا أن أب شيبة أراد تصفية المعتقلين لكان أصدر أوامره لأحمد جبارة مثلاً وأمره بأن يصفي معتقلي بيت الضيافة ومن هناك يخرج إلي الأمن القومي "وينتهي منهم " كان بامكان اب شيبة أن يفعل ذلك . ثم ثانياً في هذه الأثناء لم يكن هناك أي هاتف يعمل في القيادة العامة ، وهذا يكذب ما ذهب إليه العماس ، فنحن كنا في القصر بعد استقبالنا لاتصال القوة الجوية بخمس دقائق نحاول الاتصال بالقيادة لمعرفة الأوضاع والموقف ولم نفلح في ذلك .
العماس أكد أن الاتصال أتاه من أب شيبة شخصيا ؟
لا ، هذا غير ممكن . ثم أن أب شيبة في تلك اللحظات لم يكن ليفكر في أشياء كهذه فقد كان منشغلاً ومعه العميد عبد الرحيم سعيد كبير "الياوران" للنميري ونحن جميعنا كنا منشغلين بحرق جميع البرقيات أو أوراق التكليف بالمهام أو أي أوراق أخرى ولو لم نفعل ذلك لوضعت مايو ثلاث أرباع الشعب السوداني في المعتقلات فرسائل التهنئة والبرقيات كانت بكميات مهولة كما وحرص أب شيبة علي حرق أوراق المهام التي كان يكلف بها الضباط الأحرار ويؤشر عليها عند تنفيذها " حرقه ونزله في السايفون "
خرجت إفادات من ضباط صف تؤكد بأن عملية الارتداد لم يشارك فيها أي ضابط وهم من نفذوها ، فهل يمكن أن نعتبر ذلك مؤشراً لضعف مقدرتكم وفعاليتكم العسكرية أم أن هناك عوامل أخري ؟
تنفيذ الانقلاب لا يحتاج إلي ضباط ودورات وشهادات أو أركان حرب . ولو كانت كذلك لما نجحت حروب الغوريلا "حروب العصابات " ضد الجيوش النظامية وهي حروب قد يقودها مدنيون فجيفارا كان مدنياً إلا أنه أرهق أميركا اللاتينية كلها . من أكبر الأخطاء التي ارتكبناها هي تسريح الضباط وضباط الصف والجنود من دون مسوغ أو مبرر ، واعتبر البعض منا أن المظلات والمدرعات تدينان بالولاء لمايو ولذلك لا بد من تسريح الجميع وتصفيتهما وهنا اغفلوا نقطة مهمة فنحن عندما أتينا لم نكن نريد أن نخلق ثورة جديدة بل قلنا أننا نريد أن نصحح أخطاء مايو وأن نعود بها لمبادئها التي أعلنتها في 25 مايو والتي رأينا أنها انحرفن عنها ، فكان علينا إقناع الضباط وضباط الصف والجنود بأننا مايو الحقيقة ، إلا أن الهاموش رحمه الله قام بتسريح اللواء الثاني دبابات وخاطبهم بكلمات قاسية من قبيل : " بوظوكم ناس احمد عبد الحليم وخسروكم ويالله امشوا بيوتكم " . بعد نجاح الانقلاب كلفت من أب شيبة بالمرور علي جميع النقاط التي سيطرنا عليها وعند مروري باللواء الأول مظلات في شمبات فوجئت بالمستجدين أمام البوابة وهم يرتدون لبس التربية وقالوا لي أن معاوية عبد الحي طردهم وعاتبت معاوية علي ذلك وكنت مأخوذاً بالغيرة علي وحدتي التي انتميت لها واعدتهم إلي عنابرهم فقد كانوا مجرد مستجدين لا ذنب لهم ولا يعلمون ما هي مايو ولا يوليو ، فالتسريح غير المبرر كان خطانا الأكبر ولو كنا نجحنا في استمالة المحايدين منهم لاستطعنا النوم قليلاً فنحن لم نذق طعم النوم خلال الثلاثة أيام التي استولينا فيها علي السلطة وكتيبة واحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسيطر علي عاصمة كاملة وهذه أخطاء حسبت علينا وهي أخطاء فردية وأخطاء عسكرية داخلية ومثال للأخطاء العسكرية الفردية ما فعله الضابط زهير عندما أمر بإطلاق سراح مصطفى خوجلي فقط فقام وبتصرف فردي منه بإطلاق سراح المعتقلين الشيوعيين وترك المعتقلين من الأحزاب السياسية الأخرى وهذا التصرف خلق لنا عداوة منذ اللحظات الأولى . وعند ذهابه إلي البوسطة سأل عن ماذا يحدث فأجاب : " الحكومة بقت زي ده " وأشار للبوري الأحمر الخاص بالمظلات ، أي أن الحكومة أصبحت شيوعية ، وفي وقت قصير امتلأت الساحات والشوارع باللافتات الشيوعية بسبب البيان الذي أذاعه هاشم العطا وهذا ما حاولنا تفاديه مراراً وتكراراً كما سبق وذكرت إلا أنهم لم يسمعوا لنا . فعقب بيان هاشم العطا مباشرة خرجت المسيرات وترددت شعارات شيوعية مثل : " سايرين.. سايرين في طريق لينين " ، " يا يمين يا جبان اليسار في الميدان " وبذلك أصبحت لنا عداوتان : عداوة في الشارع وأخري في الجيش بسبب تسريح الضباط وضباط الصف بدون مسوغ مما خلق لديهم غبينة ، ومن أخطر الأمور التي يمكن تصورها أن تجرد عسكرياً من سلاحه ثم يحصل عليه مرة أخري وعندها سيكون كالنمر الجريح ولا أحد يستطيع أن يوقفه أو يحتويه . والمسرحون التقوا في مجالسهم الخاصة وعبروا لبعضهم البعض عن امتعاضهم وسخطهم من تسريحهم غير المبرر خاصة غير المايويين منهم واتفقوا عناصر من المدرعات والمظلات علي التحرك وتنفيذ ارتداد يوم 22 ، وفيما بعد التقيت ببعض الزملاء ممن تم تسريحهم وكشفوا لي عن الاهانة والاستفزاز والشتائم التي تعرضوا لها من قبل عبد المنعم وود الزين رحمة الله عليه . كان في حراسة الدبابات الملازم حسين ضرار رحمه الله " حسن خرطوش" وكانت لديه تعليمات بعدم "تشوين" أبر الدبابات وعندما سمعت مجموعة مكونة من عمر وقيع الله وابشمة واخرين باعتقال فاروق حمد الله وبابكر النور بادروا بتشوين الدبابات وذهبوا للغداء " بالميز" وخلد حسين ضرار للنوم .
وبعد انتشار أخبار عن احتمالية وجود دور أجنبي أو تدخل أجنبي وشيك لإعادة السلطة إلي النميري عمل ضباط حركة يوليو علي إرجاع العناصر التي تم تسريحها قبلاً ، وفي حقيقة الأمر لم يكن هناك أي تدخل أجنبي والبيان الذي أذيع كان بياناً ملفقاً وله أهداف أخري !
هل كنتم تخشون القوات المصرية المرابضة في قاعدة ناصر بجبل أولياء ؟
القوات المصرية تم عزلها وهي مأمون جانبها تماماً ، وسبق أن أرسلنا أفراداً إلي هناك وتم تامين عدم خروجها ، أذا رصدنا أي تحركات من جانبهم كان يمكن التعامل معها بالطيران ولكننا لم نرصد أي تحركات مريبة منهم . واحتلال قاعدة ناصر تم بواسطة الضابط بشير عبد الرازق وقد كلفه بالمهمة محي الدين ساتي وبشير عبد الرازق لم يكن منتمياً للتنظيم بل هو من أبدى رغبته لمحي الدين ساتي بالمشاركة . وبعد وصوله واحتلاله لقاعدة ناصر أرتكب بشير عبد العزيز خطأً فادحاً حين قام بإفراغ إطارات السيارات الروسية علي ال"runway " فعطل عمل المطار تماماً وأصبح من غير الممكن صعود أو هبوط الطائرات .
نواصل نشر الحلقة السادسة والأخيرة قريباً ،،،
صلاح الباشا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.