قبل ايام قلائل دخلت الى إحدى البقالات لاشترى بعض الاغراض البسيطة للبيت فاذا بى أجد اختلافا شاسعا فى معظم المواد المعروضة، ومن ثم دخلت بقالة أخرى قريبة من البقالة الاولى وكانت المفاجأة غير المتوقعة تباين كبير فى الاسعار بين البقالة الاولى والثانية كاننا فى قطرين مختلفين تماما ... المواطن ضحية.... وتابعت مسلسل الاسعار هنا وهناك فوجدت اننا اصبحنا فى دولة تمكنت منها الفوضى الى أقصى الحدود ولا ابالغ اذا قلت ان السودان اصبح غابة بمعنى الكلمة يحكمها الجور والظلم سيدها الفوضى وقائدها الطمع وادارتها (السبهلالية) والضحية المواطن المستسلم .... بدون رحمة.... كنا شعب متماسك متراحم متضافر يشد بعضنا بعضا ويعين قوينا ضعيفنا ويساند غنينا فقيرنا، فأين بلغ بنا الحال مع دولة فككت تماسكنا واضعفت شوكتنا وجعلت من الظلم منهجا حتى تلاشت الرحمة بيننا واستبدت الانا فكل منا اصبح شغله الشاغل نفسه فقط ... وقف شيخ أمام الصيدلى وفى يده روشتة علاجه الذى لا يمكن أن يعيش بدونه ،وفى جيبه قيمة الدواء وقد كان يعتقد ان المبلغ الذى بحوزته كافيا لشراءه، ولكنه وقف حائرا أمام السعر الجديد للدواء وقد تضاعف 4 مرات فقال للصيدلى : طيب ادينى الدواء وبكرة اكمل لك المبلغ وانت تعرفنى يابنى فاجابه الصيدلى بغلظة وبدون إكتراث : لا انا لا ابيع الا اذا كان معك قيمة الدواء أعزرنى ياحاج....... الجشع يحكمنا... للاسف اصبحنا جزء من منظومة الجشع فى دولة استبد فيها التكالب وحب النفس وانتشر فيها الغش والكذب والخداع والنفاق واصبحت الانسانية مجرد كلمة مستهلكة حتى تغيرت معظم القيم والمبادىء واصبحنا نعيش فى عالم مفتوح على الفوضى واللامبالاة وعدم الاكتراث استسلامنا ظلم واجحاف.... كنا دائما نقول أن الظالم هو من يتجاسر وينتزع حقوقنا زورا وبهتانا ولم يكن يخطر فى بالى أن للاستسلام نتائج وخيمة وإنه لا يقل عن ظلم الاخرين لنا لأن الساكت عن الحق شيطان اخرس.... والى أين نمضى .... السؤال الجوهرى الى أين يسير هذا الحال وكل يوم يضيق أكثر ويمتد قتامة ولانرى بارقة أمل فى نهاية النفق المظلم والجشع يزداد ويتضاءل مقابل ذلك المواطن المسحوق يوما بعد يوم .... فالله المستعان منتصر نابلسي