الساعة 25 الفرق بين الأدب و قِلة الأدب بعيدا عن الغرب رغم إعجابنا الشديد بالخواجة وسلوكه الراقي دعونا ننقب في المنطقة العربية وقوفا علي بعض ملامح النمط الحياتي عند الإعراب ومعروف عن الذاكرة العربية انها خربة ويكفي التقييم الغربي لها، ولها مبرراتها اذ تجد الواحد منهم مسقوف الثقافة والمعرفة حتى على مستوى محيطه القطري تجده جاهل ولنقل غير معني بمعالم وطنه ورموزه بكل المستويات، ومرد ذلك للأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة المتسلطة التي ظل ولا زال يرزح تحت حكمها سنينا عددا، لذلك كل همومه تنحصر في دائرة معاشه والطريق الواحد من المنزل الى موقع العمل والسوق والأماكن التي تعني حياته ولا يتعاطى السياسة وهو قليل إهتمام بالجرائد والأخبار، ومع ذلك تحتفظ ذاكرة بعضهم لنا بشذرات، زاملت عددا من مثقفي العرب بإحدى الصحف العربية منهم الراحل عبد الوهاب البياتي والذي كان يسألني وقتها عن محي الدين فارس والفيتوري وكذك محمود درويش الذي لم تخرج حواراته معي من دائرة الحركة التحررية بالسودان والمنتوج الأدبي الثر للحزب الشيوعي السوداني، ولم يخف إعجابه بصلاح احمد ابراهيم وبعض جيله، وفي المقابل إلتقيت كثير من الإسلاميين ممن يجلون الراحل الترابي ووجدتهم متابعين لتنظيراته وإجتهاداته التجديدية في سياق الفكر الإسلاموي، أما معظم وغالبية الإعراب ممن إلتقيتهم وقتها لا تتجاوز معرفتهم بالسودان نهر النيل ولا شيء سواه. ذات يوم ممطر كنت في طريقي الي مطبعة بعينها وجهتني اليها دائرة المطبوعات التي أجازت إحدى مؤلفاتي ورغم معرفتي بنمطيةالشخصية العربية سألت أحدهم عن الطريق المؤدي الى تلك المطبعة وبدلا عن الإجابة باغتني بسؤال لم افهم مكنونه الا بعد المفاجأة التالية حين أجبته بأنني أقصدها لطباعة هذه المخطوطة، فسألني هل انت من كتب ذلك فأجبته في فخرٍ سوداني أصيل، وولم يدعني أوغل في مطولتنا الفخرية ... نِحنا الرأس ونٍحنا الساس ونِحنا ونِحنا.... الى آخر النحنحة، فالقمني ب(والله هاس قلة شغلي) وأنا الذي حسبت بأني قد رفدت المكتبة العربية بسِفرٍ عظيم (طلعت فاضي شَغلة، !.... (أهو برضو أهون من قلة أدب) اما الموقف الاخر فمع مقالي الراتب بالصحيفة كنت اعمل في ترجمة البحوث بإحدي المكاتب المتخصصة بوسط البلد توثقت علاقتي خلالها مع فتاة تعمل في صف/ طباعة البحوث بنفس المكتب، فوجدتها مندهشة إزاء معرفتي باللغة العربية دعك عن الانجليزية اللغة التي أترجم اليها، ومحور دهشتها كوننا معشرالسودانيين نختص بلغة لا علاقة لها بالعربية حسب تقييمها مبررة ذلك بأننا نقول :(الليلة مشيت الى..) وقد يكون الوقت صباحا، كما نقول :(داير اقول ليك) وطفقت تعدد أخطاء جسيمة في كلامنا... فأحلتها الى مفردات بل ولغات عديدة تنطق بها شعوب عربية لاعلاقة لها البته بالعربية، وموقف آخر مع محاسب بإحدى المولات وجدني اترجم لاحد الزبائن ينتمي لدولة آسوية لغته الانجليزية الركيكة الى لهجة موطن المحاسب الذي سألني مندهشا : وين تعلمت العربي؟هذه التفاصيل وجدتني مرغم على سردها وأنا في دهشة تفوق دهشة الاعراب إزاء الكائن السوداني وخلاصة القول اننا في عزلة بفضل طغيان السياسي ففي وقت تعمل فيه الأمم على تصدير ثقافاتها عبر الثقافة والآداب والفنون والرياضة إنشغلنا نحن بالثورات ضد الانظمة المسلطة المتسلبطة في السياسة فأنظر حولك من يعرف عن عبدالناصر نذر قليل من تاريخه السياسي وفي المقابل منذا الذي لا يعرف عادل إمام أو أم كلثوم أو ابو تريكة؟ ويكفي صراحة الراقصة الشهيرة التى تجرأت خلال تحديها لأديب كبير (هوا دا الفرق بين الأدب وقِلة الأدب) فكيف يعرفنا العالم حولنا والحكومة وحدها في دائرة الحراك/ السفر للخارج بشغلة وكثيرها بلا شغلة، بينما المثقف محظور من السفر والدليل / آلولو حثّ البرلماني المستقل محمد طاهر عسيل، لجنة التجارة الخارجية بالبرلمان، لإستدعاء وزير التجارة حاتم السر، ومساءلته حول إعادة شحنة صادر السمسم السوداني من اليابان، لأسباب فنية تتعلق بعدم الصلاحية، ووجود مواد "كيمائية" نتيجة لسوء التخزين، مشددا على ان الحادثة تعد قضية كبرى يجب محاسبة المتورطين فيها وقال عسيل في تصريحات صحافية، إن إرجاع شحنة السمسم يعرقل جهود السودان للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، لجهة أن الدخول الى المنظمة يتطلب الالتزام بالمواصفات والمقاييس المطلوبة عالمياً، واصفاً الأمر بالمصيبة وقال إن البرلمان يجب أن يتابع كل ما تقوم به وزارة التجارة بخصوص الصادر ومدى مواكبته للمواصفات المطلوبة عالمياً . انتهى الخبر ولم تنته مأساتنا وفي القلب حسرة على مشروع الجزيرة والفاو والقطن والصمغ العربي والثروة الحيوانية و.. و... الى آخر مفاخرنا ومواردنا التي عرفتنا بالعالم زمانا مضى فهرعوا الينا بعلمهم وخبراتهم حفاظا على علاقات ذات مصالح قبل هجمة التتار الجدد وقبل الدمار الشامل الذي أحدثوه بالبلاد والعباد. وحسبنا الله ونعم الوكيل مجدي عبد اللطيف