ابتسامات البرهان والمبعوث الروسي .. ما القصة؟    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    مشاد ترحب بموافقة مجلس الأمن على مناقشة عدوان الإمارات وحلفائها على السودان    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن تسليم الدفعة الثانية من الأجهزة الطبية    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دنيا زوكروفسكو مترجمة فورية لها تسع بنات والعاشرة قطتها
نشر في سودانيزاونلاين يوم 29 - 05 - 2012

جميع الذين يترددون على مهرجان أصيلة الثقافي من مثقفين وكتاب، خصوصاً أولئك الذين يشاركون في الندوات، يعرفون جيداً دنيا زوكروفسكو. سيدة رومانية بوجه طفولي تضع ابتسامة دائمة على وجهها. صديقة للجميع. لا تنفك من توسيع دائرة معارفها. تتابع جميع الأنشطة بهمة لا تفتر. تسعى للمعرفة في كل سانحة. حين تقوم بالترجمة الفورية الى اللغة العربية تحرص حرصاً شديداً على نقل المعاني بدقة متناهية. فهي من أكثر اللغات التي تعشقها. تتقن دنيا حالياً تسع لغات وتتطلع الى دراسة لغات أخرى، في هذا الحوار الذي جرى في أصيلة تتحدث عن عملها وعن مهنة الترجمة الفورية، وكذلك عن حياة خاصة كرستها للقراءة والمطالعة. حياة كل شيء فيها تتحول الى حرف، وكلمة، وجملة. ثم صديقة لا تفارقها في حلها وترحالها، قطة تسمى "سيسي" أسئلة كثيرة، وأجوبة قصيرة مختصرة ومفيدة.
في ما يلي نص الحوار
* لماذا اخترت مهنة الترجمة الفورية، هل الاختيار تم بالصدفة أم نتيجة لاختيار مسبق؟
كان ذلك من باب الصدفة تماما. كنت أحب دراسة اللغات عامة. اعتقد ان دراسة اللغات هي أجمل دراسة متاحة في هذه الدنيا.
* منذ متى استهوتك دراسة اللغات وفي أية مرحلة من المراحل التعليمية؟
منذ المرحلة الابتدائية، لكنني لم استطع وقتذاك ان أتعلم اللغات التي كنت ارغب في تعلمها. اللغة العربية مثلاً حيث لم تكن تدرس في المدرسة، كان من اللازم ان أدرسها في الجامعة وهذا ما فعلته في ما بعد. ولم يخطر ببالي أنني سأكون في يوم من الأيام مترجمة فورية.
* هل درست اللغات حبا فيها أم من أجل امتهان الترجمة الفورية؟
حين شرعت في هذه الدراسة لم اتساءل ولو مرة واحدة عما سأفعله في ما بعد.
* متى بدأت تتعلمين اللغات الأخرى؟
تعلمت الفرنسية بعد إنهاء الدراسة الابتدائية ثم الإنجليزية في الثانوية، وبدأت ادرس الإيطالية والإسبانية لوحدي، وفي الجامعة شرعت في دراسة العربية والبرتغالية.
* ما هي اللغات التي تتقنيها حاليا؟
تسع لغات وهي اللغة الرومانية، لغتي الام، ثم الفرنسية والبرتغالية والعربية والإنجليزية والاسبانية والايطالية. وعندما وصلت الى بروكسل عام 1989 حيث أقيم حالياً شرعت في دراسة التركية. ثم في عام 1994 بدأت في دراسة اللغة اليونانية.
* إذن آخر لغة تعلمتها هي اللغة اليونانية. هل سيتوقف الامر عند هذا الحد؟
لا، حاليا انا بصدد دراسة الفارسية فهي آخر لغة.
* إذن عشر لغات تكفي؟
ربما أعود لدراسة لغة أخرى لكن ليس هذه هو المهم، المهم ان اللغات التي أتفرغ لدراستها تنتمي الى نفس الحيز الحضاري كلها باستثناء الإنجليزية.
* من غير اللغة الأم وهي اللغة الرومانية ما هي اللغات التي تتقنيها أكثر؟
اعتقد البرتغالية والفرنسية.
* وما هي اللغة التي تحبينها اكثر؟
بصراحة العربية التي احبها حبا شديدا.
* ما السبب؟
لا اعتقد ان هناك سبباً عقلانياً. كنت دائما مفتونة بكل ما هو عربي، خصوصاً بالموسيقى، حتى عندما كنت صغيرة كنت مشدودة لكل ما هو عربي، كنت معجبة بالطريقة التي تكتب بها اللغة العربية، وكنت اجمع الطوابع البريدية لجمال الكتابة التي كانت عليها. كنت أقول بأنه سيأتي يوم سأعرف فيه ما هو مكتوب. ثم طبعا إنني أعرف الكثير عن الحضارة العربية الموجودة عندنا أيضا، ولا تنس أن رومانيا بلد شرقي.
* ما هو الكتاب الذي ظل في ذاكرتك، أي الكتاب الذي تعتبرينه كتابا مهما في كل لغة من اللغات التي تتقنيها، لنبدأ باللغة الأم الرومانية، ما هو أهم كتاب تظنين انك قرأته بهذه اللغة؟
لا أستطيع ان اختار كتابا واحداً، ربما أختار كاتبا إن شئت، عندنا كاتب مسرحيات اسمه "كرجال" هذا هو كاتبي المفضل.
* وبالنسبة للإنجليزية؟
شكسبير.
* والفرنسية؟
موليير
* والايطالية؟
دانتي.
* والبرتغالية؟
هناك شاعر ليس مشهوراً اسمه كمايش، لكن الشعر الذي قرأته له من أجمل ما قرأت. كما قرأت شعر الحب الذي يعود الى القرنين الثاني عشر والثالث عشر. شعر جميل جدا ينسب الى بعض الشعراء غير المعروفين، الشعر هو الذي بقي ولا يعرف من كتبه.
* والإسبانية؟
سيرفانتيس.
* والتركية؟
أنا احب الشعر التركي وترجمت منه بعض القصائد.
* مثلا؟
الشعر القديم. أي من الشعر الصوفي مثلا "يونس إمرا" وهو شاعر عاش في القرن الثالث عشر. ويقارن بسان فرانشيسكو داسيل في الأدب القديم.
* وماذا عن اللغة العربية؟
لن أحدد كاتباً في اللغة العربية فهذه مسألة صعبة جدا، لأن الأدب العربي ثري للغاية، وأستطيع القول إنني أحب الشعر العربي، خاصة الشعر الجاهلي، ومن أجمل ما قرأت "ألف ليلة وليلة". ربما سيبدو لك الامر غريباً، ففي رأيي أن "الف ليلة وليلة" هو واحد من أمهات الكتب في اللغة العربية. لكنني ألاحظ أن هناك بعض المواقف السلبية لدى العرب في بعض الأحيان من هذا الكتاب ولا أفهم لماذا. لا أستطيع أن اقول لك ما هو سبب هذا الموقف؟سأضرب لك مثلا، الكاتب الفرنسي المشهور والروائي ستاندال الذي كتب "الأحمر والأسود" كان يقول إنه يتمنى ان ينسى كل ما قرأه حتى يعيد قراءة "ألف ليلة وليلة". وأنا أيضا أقول الشيء نفسه. أقول إنني اكتشفت كنوز اللغة العربية من خلال قراءتي "ألف ليلة وليلة"، واقول إنني أتمنى في بعض الأحيان ان أكون نسيت كل شيء حتى أعيد اكتشاف ما تعلمته.
* "الف ليلة وليلة" من كتب التراث العربي، لكن ماذا عن الكتاب المعاصرين؟
معرفتي باللغة العربية غير كافية لكي أتعرف على كل ما يكتب بالعربية، واظن أن الأدب العربي ثري جداً، هناك ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران. ومن المعاصرين تشرفت بالتعرف على الطيب صالح، أنا مفتونة به ككاتب وكانسان وأعتقد ان هناك ما يربط بين هاتين الصفتين، لا يمكن ان نفصل بين الكاتب وبين الإنسان.
* متى بدأت تمارسين هذه المهنة، أي مهنة الترجمة الفورية بعد التخرج من الجامعة أو أثناء الدراسة؟
أثناء الدراسة في الجامعة.
* في أي سنة كان ذلك؟
أول مرة قمت فيها بالترجمة الفورية عندما كنت طالبة في السنة الثانية في الجامعة وكان ذلك عام 1972، حيث ترجمت خلال بطولة لكرة القدم نظمها الاتحاد الدولي للرياضة الجامعية.
* كنت تترجمين من أي لغة؟
كنت أرافق حكماً إسبانياً وهو ما زال صديقي، وحين زرت إسبانيا آخر مرة التقيته.
* هل ما زال يدير مباريات كرة القدم؟
لا، لقد تقاعد.
* كنت تترجمين للحكم مع اللاعبين، لم أفهم؟
كانت هناك اجتماعات فنية بين الحكام ولقاءات مع المنظمين وكنت أترجم خلال هذه الاجتماعات واللقاءات.
* هذا في الجامعة لكن في أية سنة بدأت تمارسين الترجمة كوظيفة؟
بدأت كمتعاونة مع الأكاديمية الرومانية للدراسات السياسية، وما زلت طالبة وقتذاك، وكنت أتقاضى تعويضاً مادياً رغم كوني طالبة، كان ذلك في الصف الخامس تقريبا في عام 1975
* وعلى ذكر التعويض المالي، ما هو اكبر مبلغ تقاضيته على عملك كتمرجمة فورية؟
(تضحك) ماذا اقول لك.
* هل السؤال محرج؟
نعم، لا أستطيع الاجابة عنه.
* لندع الرقم جانبا ولنقل متى وفي أي مناسبة كان ذلك؟
كان ذلك قبل عامين خلال مؤتمر عقد في ليبيا.
* كنت تترجمين من أي لغة الى أي لغة؟
كنا نترجم من الفرنسية والإنجليزية الى العربية، ومن العربية الى الفرنسية والإنجليزية.
* ما هي اكثر اللغات التي ترجمت منها خلال الممارسة الانجليزية، الفرنسية، العربية؟
أنا أعمل في مقر الاتحاد الاوربي في الكابينه (الكشك) البرتغالية في أغلب الأحوال. وأشتغل كذلك في الكابينة الفرنسية والعربية وحتى الرومانية في بعض الأحيان.
* ما هي الدول العربية التي زرتها في اطار عملك كمترجمة؟
البلد الذي زرته أكثر من غيره من البلدان العربية هو المغرب خصوصاً أصيلة، هذه البلدة تحتل مرتبة متميزة في حياتي، ليس المهنية فقط بل في حياتي عامة.
* ما هي الدولة الأخرى التي زرتها من غير المغرب؟
ليبيا والجزائر، وقمت بزيارة خاطفة لمصر حيث كنت أرافق رئيس جمهورية البرتغال. ثم الكويت والبحرين، هذه هي الدول التي زرتها.
* أثناء زيارة مصر هل قمت بالترجمة بين الرئيس البرتغالي والرئيس المصري حسني مبارك خلال المحادثات؟
ترجمت خلال المؤتمر الصحافي فقط.
* ليس خلال المحادثات؟
المحادثات كانت تجري بينهما مباشرة ومن دون مترجم.
* كيف كانا يتفاهمان.. هل يتحدث الرئيس البرتغالي الإنجليزية؟
نعم.
* إذن توليت الترجمة فقط خلال المؤتمر الصحافي المشترك؟
نعم خلال المؤتمر الصحافي فقط. وعندما قام الرئيس حسني مبارك بزيارة الى البرتغال كنت اترجم له.
* أثناء المحادثات؟
لا كنت أترجم خلال المناسبات الرسمية وليس أثناء المفاوضات.
* هل تتذكرين واقعة طريفة حدثت خلال تلك المفاوضات؟
بصراحة لم أعد أتذكر، لأنه خلال عملية الترجمة يتم التركيز على نقل الكلمات والتعابير والجمل من لغة الى اخرى وبعد ذلك أنسى كل شي.
* ذكرى الحسن الثاني
* من هو الشخص، سواء كان مسؤولاً عربيا، الذي أو أوروبيا وجدت متعة في الترجمة له؟
سأقول لك وبكل صراحة إنه الملك الحسن الثاني لانه ترك لي ذكرى لا يمكن ان أنساها، كان ذلك عام 1993 عندما قام الملك الراحل بزيارة رسمية للبرتغال.
* ماذا بقي في ذاكرتك؟
أتذكر جيدا أنني كنت أضع ذراعي اليمنى في الجبص بعد أن تعرضت لحادثة، ولم اكن أستطيع الكتابة لكي أترجم ترجمة تتبعية، لأن على المترجم ان يدون بعض الأفكار حتى لا ينساها لأنه سيترجمها في ما بعد. كنا في مقر بلدية العاصمة البرتغالية لشبونة، ومقر البلدية من الأماكن الأساسية التي يشتمل عليها برنامج أي ضيف يقوم بزيارة رسمية للبرتغال. انتبه الملك الحسن الثاني الى وضعي الصحي ولاحظ أنني لا أستطيع تدوين أي شيء، لذلك راح يتكلم ببطء ويتوقف أثناء الحديث حتى أستطيع متابعته وبدون أن احتاج الى تدوين أي شيء على الورق.
* هل كان يتحدث بالفرنسية؟
لا كان يتحدث باللغة العربية.
* وأنت تترجمين الى البرتغالية؟
نعم كنت أنقل كلامه وملاحظاته الى البرتغالية، وكانت الترجمة تتم بكيفية سلسلة جداً، لا أدري كيف اشرح لك، لانني لا أستطيع ان أشرح ذلك بطريقة عقلانية كأنني كنت أشاهد المشهد كله، إذ كانت الترجمة تأتي هكذا من تلقاء نفسها وبدون أي جهد، لست أدري كيف. لم أشعر بأنني أترجم، كان الحديث ينساب بطريقة طبيعية وبدون جهد، لم يسبق ان حدث لي ذلك. والحسن الثاني كان شخصية مشعة وأخاذة.
* هل تحدث إليك شخصيا بعد انتهاء عملية الترجمة؟
سألني عن يدي وقد كانت في الجبس ومسها وراح يقرأ بعض الأدعية ولدي صورة تبين هذه اللقطة.
* هل قال لك شيئاً آخر؟
لم يقل لي شيئا سوى الاستفسار عن يدي. لا تنس انها كانت مناسبة رسمية ووتيرة المراسيم سريعة جدا والكل يركضون. لقد سألني الملك عن يدي وهذا مهم جداً.
* هل هناك شخصيات أخرى من القادة العرب من غير الملك الحسن الثاني والرئيس حسني مبارك ترجمت لهم؟
تشرفت بمرافقة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عندما قام بزيارة الى البرتغال وأعتقد أن ذلك كان عام 1993 وكنت أترجم له.
* لم يتبادل معك الرئيس عرفات الحديث حول أي موضوع خارج نطاق الترجمة؟
لا، اقتصر الامر فقط على الترجمة.
* إذا كانت هذه بعض المواقف التي لا تنسى، فالمؤكد أن هناك مواقف محرجة، فما هي المواقف التي تتذكرينها في هذا الصدد؟
لا أتذكر موقفاً كان محرجاً، لكن أتذكر أنني كنت أترجم في ظروف كان الجو فيها متوترا بين المحاورين.
* ما هي المناسبات التي تتذكرين في هذا الصدد، أي حين كان الجو متوترا وتم استعمال عبارات شديدة او قاسية او نابية؟
لا أستطيع ان أقول لك بالتحديد متى كان ذلك، لكن في بعض الأحيان كان يتم تبادل عبارات قاسية.
* هل تترجمين جميع الكلمات حتى ولو كانت شديدة أو نابية؟
احيانا أحاول أن أخفف من وقع الكلمات.
* هل صحيح ان الترجمة الفورية تفرض على المترجم ألا يتعمق في الدلالات اللغوية بقدر ما يهمه المعنى فقط؟
الترجمة الفورية حسب طبيعتها عمل سطحي، ولذلك لا بد للمترجم ان يطلع على الموضوع من قبل ليتعمق في دراسة المصطلحات، من خلال الوقوف على مراجع وأنا شخصيا أحرص على ذلك. خلال المحاكمات مثلاً يصعب عليك ان تترجم بكيفية سطحية.
* هل سبق أن ترجمت في محاكمة؟ وهل كنت تترجمين بين المتهم والمحققين أم داخل المحكمة؟
خلال فترة الاستنطاق، ثم خلال المحاكمة، وفي مثل هذه الحالات لا بد من الوقوف على جميع تفاصيل الموضوع.
* في أي سنة كان ذلك؟
حدث ذلك مرتين، خلال عام 1984 او ربما خلال عام 1985 لم أعد أتذكر جيدا.
* من خلال الترجمة، هل تبين لك ان القاتل كان شخصية متماسكة أم ضعيفة.. يعرف ماذا فعل؟
لم يكن قاتلاً.
* من هذا الشخص الذي ترجمت بينه وبين المحكمة؟
شخص زعم بأنه كان متورطاً في جريمة اغتيال السياسي الفلسطيني عصام السرطاوي ولم يتبين ما هي مسؤوليته.
* هل كان المتهم يطلب منك شيئاً محدداً لنقله الى المحققين او للقاضي؟
كان يتكلم ويدافع عن نفسه أمام القضاة، وأنا كنت مترجمته أترجم الأسئلة الموجهة إليه.
* ما هي الذكريات التي بقيت من هذه الواقعة؟
كان الجو متوتراً، الترجمة ممكن ان تتم في ظروف صعبة في بعض الأحيان، تلك القضية لم تكن قضية عادية، يمكن ان تكون الأمور قد حلت في ما بعد وانتهى الموضوع، حيث لم يتبين شيء ضد المتهم. اتذكر انه كان يعاملني بلطف.
* هل تتذكرين اسمه؟
اسمه نشر في الصحف ربما يوسف.. لم أعد اتذكر.
* كم هي المدة التي تعلمت خلالها اللغة العربية؟
شرعت في دراسة اللغة العربية عام 1972 في الجامعة واستمررت في دراستها حتى عام 1975، وبعد ذلك استمررت لوحدي لأنه لا بد من مواصلة الدراسة.
* ما هي اصعب لغة تعلمتيها؟
اعتقد أنها اللغة العربية بطبيعة الحال لأن الحروف مختلفة وكذا النطق.
* هل سهلت عليك العربية دراسة اللغة الفارسية؟
لا علاقة بينهما، الفارسية تنتمي الى أسرة لغوية اخرى قريبة من اللاتينية واليونانية، لكن دراسة العربية مهدت لي الطريق لكتابة الفارسية، لأن الكتابة كنت قد تعلمتها بالعربية وحروف الفارسية قريبة من العربية.
* وبالنسبة للتركية؟
اللغة التركية ممتعة جدا، لأن التركية خلاصة اللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية وكانت تكتب بالحروف العربية، وبودي الآن ان أتعمق في دراسة اللغة التركية العثمانية، وهي لغة ممتعة للغاية وكتبها حافلة بالكنوز، ورغم عدم دراستي للغة العثمانية بتحلي، فإنني أعرف العناصر المكونة لها، واستطعت ان أترجم الشعر العثماني وهو شعر يقلد النثر العربي.
* هل ترجمت كتاباً من التركية؟
لا ترجمت أشعاراً فقط.
* هل هي قصائد في ديوان معين أم مجرد قصائد نشرت في الصحف؟
ساهمت في انطولوجيا أشعار، وكان كتاباً ضخماً صدر العام الماضي في البرتغال بمناسبة الدخول في الألفية الجديدة، وكان ناشره بلدية بورتو وكانت هي العاصمة الثقافية لعام 2001، واشتمل الكتاب على 2000 قصيدة، اختيرت 21 قصيدة من بينها كأفضل قصائد ومن بينها قصيدة ترجمتها للشاعر السوداني محمد المكي ابراهيم ( سفير سابق يقيم في واشنطن).
* هل ألفت كتاباً ؟
لا.
* هل تفكرين في تأليف كتاب؟
لا (تضحك).
* لماذا ؟
أنا أفكر في مواصلة أعمالي في الترجمة، وأن أساهم بشكل إيجابي في هذا المجال. اعتقد ان المهم قد قيل وقيل بشكل أفضل مما أستطيع أن أقوله على الأقل. اعتقد انه من مسؤوليتي المعنوية نوعا ما أن أترجم ما قيل، وأنا استطعت الوقوف على مراجع كثيرة وقرأت كتباً كثيرة من كنوز الأدب العربي، ومن واجبي معنويا المساهمة من خلال الترجمة في بث هذه الكنوز حتى يتاح لغيري الاطلاع عليها، وهذا ما أجد فيه فائدة أفضل من أن اكتب شيئاً من عندي.
* هل تعتقدين بعد هذه التجربة ان مهنة الترجمة الفورية مهنة تستحق كل هذا العناء وهذا التعب، لأن هناك شكوى من بعض المترجمين الفوريين مفادها إن هناك كثيرين من المتطفلين علي هذه المهنة؟
التطفل موجود في أية مهنة، وأعتقد ان الإنسان إذا أراد فعلا ان يقوم بمهماته بكل جد، عليه ان يتعب و ان يمارس المهنة باحترافية.
* دعيني اسألك بعض الأسئلة الشخصية... هل تعيشين لوحدك في بروكسل؟
نعم.
* يعني هل نستطيع ان نقول انك تعيشين مع تسع بنات، أي اللغات التسع التي تتحدثينها؟
(تضحك) نعم هذا جميل، لم أفكر في هذا من قبل لكن الفكرة جميلة.
* وتعيش معك قطة وهي البنت العاشرة؟
(تضحك) نعم إذا شئت.
* ما اسمها؟
سيسي.
* لماذا اخترت بالضبط القطة؟
لا، هي التي اختارتني.
* هل جاءت الى شقتك بالصدفة؟
لا.. سيسي مولودة في البرتغال.
* في أي سنة؟
في سنة 1987 واشتريتها من أحد المحلات بالصدفة. كان هناك محل لبيع الأطعمة للحيوانات الأليفة وكذلك لبيع القطط والكلاب، وكان الى جانب هذا المحل، دكان لإصلاح الأحذية كنت أحضر اليه أحذيتي لإصلاحها، ذات يوم ذهبت الى دكان اصلاح الأحذية ولم يكن صاحبه موجوداً وكتب على الباب "سأعود بعد خمس دقائق". فقررت أن أدخل الى المحل الآخر الذي يبيع القطط والكلاب وكانت سيسي معروضة هناك للبيع فاشتريتها وبالتالي هي التي اختارتني (تضحك).
* بكم اشتريتها؟
كان ذلك بحوالي خمسة عشر الف سكودش (العملة البرتغالية آنذاك)، أي حوالي 100 اورو تقريباً، وأظن أنه كان استثماراً جيداً (تضحك).
* استثمار انساني وعاطفي؟
أقول استثمار من باب المزاح.
* هل تسافر معك دائما؟
ليس دائما ولكن قدر المستطاع، وهي تعودت على السفر، وهي بالمناسبة تحب أصيلة حباً شديداً وهذا يظهر عليها (تزور دنيا أصيلة سنوياً).
* كيف تعرفين أنها تحب أصيلة؟
من علامات الارتياح التي تبدو على وجهها، فهي تحب السمك، وتأكله بنهم والسمك في أصيلة ممتاز جداً، (تضحك).
* سؤال شخصي جدا ألم تفكري في الزواج؟
آه... الآن الوقت متأخر جداً.
* وقبل ذلك؟
قبل ذلك لم اعتبر هذا من أولويات حياتي.
* هل تفضلين الوحدة؟
لا أفضل الوحدة، أنا محاطة بأصدقائي من الكتب الأكثر وفاء. لدي أصدقاء حقيقيون عددهم ليس كبيراً، لكن عندي بعض الأصدقاء.
* ما هي هواياتك؟
هوايتي هي القراءة.
* اسمي عربي
* اسمك قريب جدا من العربية؟
"دنيا" تعريب لاسمي، واسمي في الحقيقة هو "دوينا".
* إذن قمت بتعريب اسمك؟
أعضاء أول وفد عربي رافقته وترجمت لهم كانوا يقولون اسمك «دنيا» لأننا عربناه، وأعتقد انه دليل على ان العرب تبنوني، وأنا سعيدة بهذا التبني.
* ما هو لونك المفضل؟
الأزرق.
* هل تفضلين ان تترجمي في الصباح أم في المساء؟
اعتقد ان المردودية تكون افضل بعد الظهر نظراً لمعاناتي من ضغط الدم المنخفض. الإنسان الذي يعاني ضغط الدم المنخفض يعمل افضل بعد الظهر وفي المساء.
اكتوبر2002
دنيا
دنيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.