القيود الواردة على القرارات الصادرة من مجلس الامن الدولى تحت الفصل السابع يتمتع مجلس الامن الدولى بسلطات واسعة وخطيرة حسبما قرره الفصل السابع من ميثاق الاممالمتحدة ، وهذه السلطات يمارسها اعضاء مجلس الامن الدولى ضد الدول التى يثبت فى حقها واحدة اواكثر من حالات تهديد السلم والامن الدولى او الاخلال بهما او القيام بعمل من اعمال العدوان ، وقد رأى فقهاء القانون الدولى انه لابد ان تكون هنالك قيودا على ممارسة مجلس الامن لتلك السلطات كما انه لابد ان تكون هنالك قيود على القرارات التى يصدرها سواء اكانت تلك القيود ذاتية يمارسها مجلس الامن نفسة حسب ما نص عليه ميثاق الاممالمتحدة او كانت تلك القيود خارجية تمارسها عليه جهات اخرى ويكون ملزما بهاحسبما قرره الميثاق ايضا . أ القيود الذاتية القيود الذاتية على قرارات مجلس الامن هى التى فرضها ميثاق الاممالمتحدة علىه فى ممارسته لسلطاته تحت الفصل السابع من الميثاق ،وهذه القيود تمثل ضمانة هامة يقع عبء الالتزام بها على المجلس ،كما انه اتمثل من جانب آخر نوعا من انزاع الشرعية الدولية التى تضمن مشروعية القرارات الصادرة من المجلس .وتنبنى تلك القيودعلى المرتكزات التالية 1 نظرية النيابة ، حيث يعتبر مجلس الامن نائبا عن الجمعية العومية لهيئة الاممالمتحدة وقد عبر الميثاق عن ذلك صراحة فى المادة 241منه حينما كرس قاعدة النيابة القانونية للمجلس على اساس انه يعمل كنائب عن جميع الدول الاعضاء بالنص"... ويوافقون على ان هذا المجلس يعمل نائبا عنهم فى قيامه بواجباته التى تفرضها عليه تلك التبعات " [11] . النيابة القانونية تعنى ان هنالك اصيلا قد فوض بعض او كل سلطاته الممنوحة له بموجب القانون الى الوكيل اوالنائب وان هذاالنائب يجوز له ان يتصرف بموجب النيابة او الوكالة الممنوحة له فى حدود ذلك التفويض ولا يمكن للنائب ان يقوم باى تصرف لا يدخل فى اختصاص الاصيل وتعتبر التصرفات والاعمال التى يقوم بها النائب باطلة متى ما كانت خارج سلطات الاصيل ، عليه وبما ان نص المادة 241 من الميثاق قد نصت على ان مجلس الامن قوم باعماله نيابة عن اعضاءهيئة الاممالمتحدة فلا يجوز له وفقا لنظرية النيابة ان يقوم بعمل او تصرف خارج سلطات الجمعية العامة للامم المتحدة او خارج الاهداف التى حددها الميثاق ،وبهذا يكون ميثاق الاممالمتحدة نفسه هو الذى يقيد قرارات مجلس الامن ،ونتيجة لنظرية النيابة هذه فان على مجلس الامن مراعاة ما جاء فى نصوص المادتين الاولى والثانية واللتان تشكلان بعض القيود الواردة على سلطات المجلس . على الرغم من ان ميثاق الاممالمتحدة لم بين ان كانت القيود المفروضة على تصرفات مجلس الامن تحت المادة 241 من الميثاق خاصة بجميع فصول الميثاق ام انها تستثنى سلطات المجلس تحت الفصل السابع ، وبالرجوع الى الاعمال التحضيرية لميثاق الاممالمتحدة نجد ان النرويج قد فشلت فى تمرير اقتراح تعديل نص المادة 24 الذى يتضمن الزام مجلس الامن بالتصرف ليس فقط وفقا لاهداف ومبادىء الاممالمتحدة ولكن تطابقا مع بقية نصوص الميثاق الاخرى ، وتم الابقاء على مبدأ توافق سلطات مجلس الامن مع النصوص الواردة فى المادتين الاولى والثانية من الميثاق .اما الممارسات الدولية المعاصرة فانها تبين ان مجلس الامن الدولى لم يحفل بالقيود التى وضعتها المادة 24 ،واصدر بعض القرارات التى لا تدخل فى اختصاصاته بالرغم من اتساعها غير المحدود مما يؤكد انه ليس لمجلس الامن اية قيود يمكن ان تمنعه من اصدار اى قرار خاص بالسلم والامن الدولى[12] ،ويرى الكاتب ان طبيعة المهام الملقاة على عاتق مجلس الامن الدولى تحتم تخويله سلطات غير محدودة للتعامل السريع والحاسم مع مهددات السلم والامن الدولى الا ان وجود قيودعلى تلك السلطات امر يحتمه الواقع حيث ان الجمعية العامة للامم المتحدة والتى يستمد منها مجلس الامن تلك السلطات مقيدة بنصوص الميثاق الذى انشأها وفى هذا الاطار فان المادة الثانية من الميثاق تحدد المبادىء التى تحدد عمل هيئة الاممالمتحدة والتى لا يجب ان تخرج عنها وهى : أ ان تقوم الهيئة على مبدأالمساواة فى السيادة بين جميع اعضاءها ب ان يقوم اعضاء الهيئة بالالتزامات التىاخذوها على عاتقهم ج ان يفض اعضاء الهيئة جميع منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والامن الدولى فى خطر د ان يمتنع اعضاء الهيئة فى علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضى والاستقلال السياسى لاى دولة على وج آخر لا يتفق ومقاصد الاممالمتحدة ه ان يقدم الاعضاء كل ما فى سعهم من عون الى الهيئة فى اى عمل تتخذه وفق الميثاق ، كمايمتنعون عن مساعدة اية دولة تتخذ الاممالمتحدة ازاءها عملا من اعمال المنع او القمع و ان تعمل الهيئة على ان تسير الدول الاعضاء فيها على هذه المبادىء بقدر ما تقضيه ضرورة خفظ الامن الدولى ز ان لا تتدخل الاممالمتحدة فى الشئون التى تكون من صميم السلطان الداخلى لدولة ما، دون ان يخل ذلك بتطبيق تدابير القمع اذا اقتضى الامرذلك وعلى ذلك فان مجلس الامن الدولى يكون مقيدا بتلك المبادىء ، وبالتالى فان اى قرار للمجلس يخالف تلك المبادىء يكون قرار غير مشروع . 2 طبيعة اجراءت الفصل السابع ناقشنا فيماسبق وجود احدى الحلات الثلاث الوادردة فى نص المادة 39 كشرط من شروط القرار تحت الفصل السابع وهى تهديد السلم والامن الدولى ، الاخلال بهما ، وحالة العدوان ، ولذلك فان مجلس الامن يكون مقيدا بوجود احدى تلك الحالات كشرط مسبق لاصدار قرار بموجب الفصل السابع ، وبالرغم من ان المجلس هو الذى يحدد وجود تلك الحالات الا انه لابد ان تكون الواقعة التى يناقشها مجلس الامن موجودة فعليا كما ورد فى الحكم الصادرمن غرفة الاستئناف للمحكمة الجنائية ليوغسلافيا السابقة فى قضية تاديش [13] ، ومن ناحية اخرى فان مهمة مجلس الامن بحسب نص المادة 39 تكمن فى تكييف الواقعة الموجودة اصلا بحكم الواقع وعليه لا يجوز له اختلاق الواقعة او افتراض وجودها ، وعليه لا يمكن تطبيق تدابير الفصل السابع الا اذا توافرت الواقعة التى يتحقق بموجبها هذا الاختصاص وتتكامل بها شروط انعقاده [14] 3 غائية التدابير المتخذة ان الهدف من التدابير التى نص عليها الفصل السابع هو الحفاظ على السلم والامن الدوليين بحسب ماجاء فى المادة 39 من الميثاق ، لهذا فى غاية وهدف تلك التدابير يعتبر قيدا على صدورها حيث ان فرض تلك التدابير لغاية غير تلك التى قررها الميثاق يعتبر عملا غير مشروع وبالتالى فان القرارات التى يصدرها مجلس الامن تحت الفصل السابع لغاية غير الحفاظ على السلم والامن الدولى تعتبر قرارات غير شرعية ، وفى هذا تشير المادة 39 من الميثاق الى ان استمرارية تطبيق التدابير المنصوص عليها فى المواد 41 و 42 تقف عند حدوداعادة السلم والامن الدوليين الى نصابهما،كما تشير المادة 41 نفسها الى ان اذا رأى مجلس الامن ان التدابير المنصوص عليها فى المادة 41 لا تفى بالغرض او ثبت انها لم تف به جاز له ان ان يتخذ عنطريق القوات الجوية والبرية والبحرية من الاعمال مايلزم لحفظ السلم والامن الدولى او اعادته الى نصابة ، ويعتبرهذا النص قيدا واصحا على ضرورة مراعاة غائية التدابير المتخذة من قبل مجلس الامن، وعدم تجاوزه الاساس القانونى القاضى بممارسة الاجراءت العقابية المنصوص عليها فى المادة 42 غاية تحقيق السلم والامن الدولى [15] ب القيود الخارجية القيود الخارجية على قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع هى تلك القيود الغير مستمدة من ميثاق الاممالمتحدة وتقوم بفرض قيود على مجلس الامن عند تطبيقه للفصل السابع من الميثاق وتستند على القانون الدولى العام فى فرضها لتلك القيود ومن اهمها: 1 القيود المستمدة من المعاهدات الدولية تقرر المعاهدات الدولية الخاصة بقانون حقوق الانسانى والقانون الدولى الانسانى بعض القيود على مجلس الامن فى تطبيقه للفصل السابع ومن اهم تلك القيود احترام المجلس لحقوق الانسان الواردة الوارد بجميع المعاهدات المتعلقة بهذا الامر وعدم اصدار اى قرار تحت الفصل السابع ينتهك تلك الحقوق ، ولكن بالرجوع الى نصوص ميثاق الاممالمتحدة لا نجد اية اشارة صريحة الى تقيد مجلس الامن الى احترام حقوق الانسان ،و يرى بعض الفقهاء ان تطبيق نصوص الميثاق بحسن نية فى ضوء المادة 242 منه ، يجعل احترام حقوق الانسان من اهم القيود الواردة على السلطة التقديرية لمجلس الامن ، خاصة اذا علمنا ان هذا الاخير قام فى العديد من الحالات بالنظر فى الانتهاكات المختلفة لحقوق الانسان وعدها من قبيل التهديد بالسلم ، ليتخذ بذلك العديد من التدابير لحماية هذه الحقوق[16]. من اهم تطبيقات تقيد مجلس الامن باحترام حقوق الانسان الواردة فى المعاهدات الدولية هى الحرب على الارهاب فبالرغم من صمت الميثاق عن الاشارة الصريحة على تقيد مجلس الامن بحقوق الانسان الا ان جهود مجلس حقوق الانسان قد اسفرت عن صدور قرار من مجلس الامن ينص على ضرورة احترام حقوق الانسان خلال محاربة الارهاب[17] ، وصدور قرار اخر من مجلس الامن اسند صراحة الى لجنة محاربة الارهاب مهمة التوفيق بين تدابير محاربة الارهاب وحماية حقوق الانسان . هنالك العديد من التطبيقات الدولية بوجوب احترام مجلس الامن لحقوق الانسان ، فعلى سبيل المثال ما اصدرته محكمة الدرجة الاولى للجماعة الاوربية من عدم شرعية اللوائح والتظيمات الجماعية المتخذة لتنفيذ قرارات مجلس الامن بسبب عدم احترامها لقواعد حقوق الانسان فى النظام القانونى الاوروبى [18] ،كما تمسك محامى ليبيا فى قضية لوكربى الشهيرة بعدم تسليم المتهمين فى القضية ، محتجا على مطالبة مجلس الامن بتسليم المتهمين بان هناك من الاسس والاسباب الموضوعية مايسمح بالقول ان توفير محاكم عادلة للمشبه بهما سيكون غير ممكن سواء اجريت المحاكمة فى اسكتلندا او فى الولاياتالمتحدة. الاممالمتحدة شأنها شأن الدول يجب تلتزم بقواعد القانون الدولى الانسانى التى تقررت فى المعاهدات الدولية ، لا سيما فيما يتعلق بالعمليات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والعسكرية ويعتبر التزامها بتلك القواعد قيدا على مجلس الامن حينما يريد تطبيق الفصل السابع من الميثاق ، فلا يتخذ اجراءت من شأنها الاضرار بالمدنيين او المنشآت المدنية، وقد تبنى معهد القانون الدولى هذا الاتجاه[19] 2 مراعاة المبادىء العامة للقانون الدولى هنالك بعض المبادىء العامة التى ارساها القانون الدولى سواء المكتوب منه او العرفى ،وقد تم اقرار هذه المبادىء لضمان حسن سير العلاقات الدولية بصفة عامة ،ولهذا فان مجلس الامن يجب ان يتقيد فى اصداره للقرارات تحت الفصل السابع بتلك المبادىء ، ويجد هذا القيد سندا قانونيا فى نص المادة 11 من ميثاق الاممالمتحدة [20] ، وكما هو الحال فى كل القيود الواردة على تصرفات مجلس الامن بموجب الفصل السابع يرى الفقه ان مبادىء القانون الدولى غير ملزمة لمجلس الامن فى حالة تصرفه تحت الفصل السابع ، حيث تتعلق المادة 11 من الميثاق بسلطات المجلس فى مجال التسويةالسلمية للنزاعات الدولية ولا علاقة لها بالتدابير المشتركة الفعالة التى تتخذها المنظمة – عن طريق مجلس الامن – لمنع الاسباب التى تهدد السلم لازالتها[21] ،هذ اوتشير الاعمال التحصيرية للميثاق بوضوح الى ان الدول الكبرى كانت تتجه منذ البداية الى عدم وضع اية قيود على مجلس الامن فى تصرفات تحت الفصل السابع لاعتبارات تصورها للدور المزمع اسناده لمجلس الامن[22] 3 تقيد مجلس الامن بالقواعد الدولية الآمرة القواعد الآمرة فى القوانيين الوطنية هى القواعد التى لا يجوز للاطراف الاتفاق على مخالفتها استناداعلى انها تحمى مصالح حيوية سواء ما تعلق منها بحسن سير العدالة او حماية الامن والنظام العام ، اما فى القانون الدولى فينظر الى القواعد الامرة من حيث المصالح التى تهدف الى حمايتها وتتمتع بمرتبة اسمى من غيرها من قواعد القانون الدولى ، وهى قواعد حظرية لا يجوز لاشخاص القانون الدول مخالفتها [23] من المسلم به فى الفقه والقضاء الدوليين ان القواعد الدولية الآمرة تشكل قيدا على قرارات مجلس الامن الدولى الصادرة بموجب الفصل السابع من الميثاق ،فقد اشار التقرير ورد فى النهائى الذى اعده كل من ويلينس وشاو صراحة الى ان القواعد الدولية الآمرة تنطبق على الدول وعلى المنظمات الدولية [24] ،كما جاء فى الرأى الانفرادى للقاضى بمحكمة العدل الدولية انه يمكن انطباق القواعد الدولية الآمرة على قرارات وتصرفات مجلس الامن دون اية شروط مسبقة [25] ، ومع كل ذلك فان تأثير القواعد الآمرة فى القانون الدولى على قرارات مجلس الامن ضعيف استنادا على الممارسة العملية للمجلس فىهذا الخصوص . ناجى احمد الصديق المحامى