إن تستيقظ صباحاً فتجد قرية باكملها تجاورك او ان تجدها قد غادرت وكأنها لم توجد تاركة آثارها فقط، فهذا لا يحدث الا عند قبائل البدو الرحل الذين ما فتئوا يجوبون الارض وفقا لحركات الفاصل المداري بحثاً عن الماء والكلأ، هذه الحياة البسيطة المتجولة تتطلب بيوتاً متحركة تتناسب والبيئة وحركة السكان، لذا نجد أن قبائل الرحل تستخدم بيوت الشعر او البيوت المصنوعة من الصوف والوبر. ويقول الزين احمد إن طبيعة منطقة شمال كردفان هي التي فرضت استخدام بيوت الشقاق في السكن، وهي خيام تستخدمها القبائل البدوية المترحلة على الدوام لسرعة نصبها وطيها وحملها والارتحال بها، وتستخدمها كل قبائل الرحل مثل قبائل الشنابلة وعدد من قبائل الكبابيش وقبائل الأبالة، حيث يسند الشقاق بعيدان من الحطب تربط جيداً بالحبال لتثبيت الخيمة. وتقول الحاجة ست النفر: «مما قمنا ولينا من عادة اهلنا الكبابيش انو الام تجهز لي بتها بيت «الشقاق والكفل» و الشملة» ومافي ام بتزوج بتها الا وتكون جهزت ليها بيتها، و «الشقاق» دا ياهو البيت متل الخيمة يتفرد ويتركب وينطوي، وفي ناس بسموهو «العنقور» ، و «الكفل» دا الديكور الداخلي زي ما بقولوا او الستاير و «الشملة » ياها البتتغطى بيها المرة في الدخان »، وتواصل حاجة ست النفر وتضيف «ديل كلهن بنسويهن من وبر الابل وصوف الماعز والضأن». ويقول حمد أحمد الطاهر ان اولى عمليات صناعة منتجات الصوف والوبر تبدأ بعمليات الجزاز او الحلاقة، وهو الموسم الذي تتم فيه حلاقة الغنم والضأن والابل، ويصادف ذلك فترة الخريف او ايام «الدرت» نهايات الخريف، وبعد الانتهاء من الجزاز مباشرة تبدأ عمليات فرز الوبر والصوف كل بحسب لونه، وهو اما احمر او ابيض او اسود، ويخزن الصوف داخل شوالات حتى دخول فصل الصيف، وفترة الجزاز ترتبط ببعض النشاطات في حين يكون فصل الصيف خالياً من أي عمل، فتقضي النساء نهارات فصل الصيف الطويلة مستأنسات بنسج الصوف واعداده. ويضيف حمد قائلاً: «وبعد ان يطوي الخريف ايامه ويستشرف فصل الدرت تعد النساء العدة للعمل في تصنيع الصوف الذي تبدأ اولى مراحله، ويؤتي باللون المحدد من الصوف وبواسطة عصا رفيعة او ما يسمي «المطرق» يتم نفش الصوف عن طريق الضرب المتواصل عليه بعد أن يتم تفريغه من الشوالات وبعد الانتهاء من عمليات النفش يؤتى بالمغزل «وهي عصا لا يتجاوز طولها ربع المتر او الذراع ويربط جزء من الصوف في منتصف العصا ثم تقوم المرأة بتحريك الصوف في اتجاه واحد حتي تتم عملية «البرم»، وتواصل في عمليات برم الصوف الى ان يتحول الي خيوط مع الحرص على الطرق بين كل فترة وأخرى الى ان يصل طول الخيط الى نصف المتر، فتقوم بعملية لف الخيط على العصا وبنهاية لف الخيط يسحب المبرم من خيوط الصوف لتستخدمه من جديد في لف بكرة أخري من الصوف»، ويقول ود الطاهر في حديثه ل «الصحافة»: «وفي عملية «البرم» وتحويل الصوف الي خيوط تمسك المرأة المغزل بيدها اليمني وتستعين بيدها اليسري في تحريك الصوف وتسهيل توزيعه وطرقه بين كل حين والآخر، وتوضع كل لفة من الصوف مع اللون المشابه لها، قبل ان تدخل في مرحلة جديدة تعمل فيها على برم الخيوط مع بعضها» ويقول حمد: «هنا تستخدم المرأة «المبرام » والمبرام هو ذات عود المغزل لكن توصل نهايته بقطعة خشبية مربعة، وهذه القطعة يربط بها سلك صغير على شكل شنكل. وتأتي المرأة بالمبرام وتربط رأسي لفتين من خيوط الصوف وتعمل على برم الخيوط على بعضها». الصحافة