السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوادي الكبابيش .. شيخ العرب و"الشّول أبو دَعكاب" (1-2) .. بقلم: عبيد الطيب "ودالمقدم"
نشر في سودانيل يوم 23 - 03 - 2013


نامْت المَجْحُوم برَّد
الشّول حزموه مزرَّد
والرّي كُمبليت ورَّد"
*************** "فرحتنا بت الفكي"
شدّولو المِتَّرِّك
ؤقال الرَّي في درِّك
سيد النايبو بصرِّك
كلس من قام لي شرِّك
**************** (مستورة بت بحيري"
(1)
وُلِد في بيتٍ يضوع بعبق الموروث وتمتدُّ طنائبة عزَّا وشموخا وسؤْددا، ونشأَ في كنف والدٍ ملأ ماعون البادية سماحةً ونبلا، حتّي كُتب في سجل الخالدين "بزين أهل النَّدي والنَّدي" ،
ابوعلي فارس ام دروع وحديد
وعجل أُم ناطح الفي الجبهة قرنو فريد
وبحر المالح الفوق الكباري بزيد
عِتلْكم بِقلع الرّفّة وعليها شَديد
وقدحكم بشبع الألفين يوم العيد
وميزانكم تقيل في الدَّايرة مَالُو نَديد
*****************************
وشبَّ الي الطّوق وهو يفوق أترابه عرضا وطولا وعلوّا ،مربوع القامة لكنه شامِخٌ كندوةِ سحابة أُم بشَّار حين تلوح بعرض الأفق ،أخذ من الجبال الشُمِّ شموخها ومن حجارها الصٌم قلبه الغروز . لقد إستبسل في معركة الثوار الثانية وكان مأخوذا بتجليَّات معركة الثوار الأولي وما أروعه حين يقول في إحدي المنواشات
“يا حليل زمن البكسرولو الرَّباعي هِجار
حليل زمن أب سبيب يا حليل زمن عصَّار
خبار ألْبل بِجن لي الدَّامرة في اللَّفطار
لا كتلن رِمم حام فوقهن الصقَّار
ولا جوهِن غزو ولا جوهِن الثُوَّار
يا المامونة ها غناكي الطّلعلي بزار
لاسلاحاً متكَّل ولا بزر كُسَّار"
"أبو سبيب وعصار من فرسان الكبابيش واللَّفطار أي الفطرين وهما شهري شوال وذو القعدة والمامونة هي الحكَّامة الشهيرة الراحلة آمنة بت ابوريدة والثوار يقصد بهم ثوار تشاد أيام الإستعمار الفرنسي وفي عام 1940 تقريبا حيث دارت بينهم وبين رجال من رعاة الكبابيش معركة شهيرة في منطقة مراعي الجزو في الشمال الغربي عند الحدود السودانية التشادية، ولقد أرَّخ لها الكبابيش "بجزيوة رسِّف" لأن الثوار كان يضربون ويجلدون الكباشي بالسِّياط ويقولون له "رسِّف" اي خُب او "جُك" ولقد إستبسل فيها فرسان الكبابيش أمثال فضل الله ود بشير البري الكباشي حتي شبلن العذاري علي جبهته هلال معزةٍ وفخر من غنا الجراري
"إتحدَّب ود بشير
ود كحلة الوارد البير
قالولو خٌب قال مستحيل"
ولقد ثبت أحد الموالي وأظنه بليلة"ابورقيبة" وقيل عندما أنْهالت عليه سياط ثوار تشاد وكانوا يصيحون فيه:- "رسِّف" "رسِّف" اي خُب وجُك
فيرد "ابو رقيبة" ضاحكا "سِتَّاتِي ما بِرْضَن"
وكأنه دُخري عبلة الفتي " الكاكليت "إبن شدَّاد حين يقول
ولقد ذكرتك والرِّماحُ نواهل منِّي وبيضُ الهند تقطر من دمِ
وودتُ تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسِّم
وقيل سبب المعركة المفتِّش "مور" ذلكم الإنجليزي الطاغية او طاغية كُتم كما نعته الأديب الرَّاحل الأستاذ حسن نجيلة ، حتي عذاري الكبابيش اصبحن يُنشدن من غنا الجراري
عساكر "مور" يا أُم فرعة
بقولك شربة وجُرعة
الحنَّت مابية القرعة
فوق مُداقتك ترعي
*******************
الدَّرمة إن ما لقيتوها
قِجيجة مور أرعوها
لقد أخبرني الراوية الراحل الشيخ موسي علي التوم قائلا:- في احدي الأيام وصل مضارب خيامنا المفتش "مور" غاضبا وهائجا كعادته مما جعل الناظر الراحل الشيخ التوم 1938-1946 يمسك سوطه "ابو ضبّة" ويتأهب ويقسم إذا تطاول عليه"مور" سوف يجلده وأظن المفتش بذكاءه ودهائه أدرك ذلك فسلك سبل النُّصح ، والشيخ التوم كان مشهورا بالقوة والشجاعة والكرم حتي كانت كنيته "ابو جيبين" وكان يقرض الشعر ، وقيل عندما اراد الزواج من "بت جرجور" وكانت مضارب فرقان اهلها "الغيلان" في الشمال البعيد كان ينشد ويترنم من غنا الجالسة:-
"مو مريديخ لي قجيجة
كبيرا طابق الهيجة
الدور الفيهو دريجة
بينا وبينو فجيجة"
وعندما تزوجها وأنيخت العيس لحمل هودجها الي الحمراء كانت تنشد
"يا دريجة واشوقي
نوُّولي بي السّوقي
بسمع حنين نوقي
ودايرة عرب ذوقي"
(2)
وهيطٌ إذا جلس لكنه شارف كشجرة سَمرٍ نبتت لوحدها فوق رأس تلَّة، لونه يميل للخضرة قليلا كغصن "الكتر" وارف الظِّلِّ وحادق اللّمس،
"عبد الله الورل شِن سوَّا
طفطف من مضاريبهِن مرق بي الفوَّا
نحنا أخوان كليتيمة وحِليمة وحوَّه
جِبناهن مراحاً ليهو جضّه وعوَّه "
يضوع بالتضاريس والدِّعاش ونوار السِّعات إذا شدا أو قال الدوبيت، وتشرئبُّ الأعناق إذا ترنّم بمسادير" بت دعتورة" عشقه الأبدي كما يحلو للشاعر الجميل حنفي.
"من ما شافت البرق الشَّلع متعارض
رزمت راحلة بي حوارها الدّهام ؤ مفارد
هسَّع كيرها في الحفور بهنِّق وارد؟!
والله لي هسَّاعة بت دعتورة داجّة إتطارد ؟!"
***********************************
يشاشي يشاشي إذا لاح لطرفه وميض برقٌ عباديّ وشامه أن تكون هطلت أمطاره علي مخارف "بت دعتورة" او ما يسمي برحلة النِّشوق.
" برَّاق الصعيد ما رقَّد
العين لاجّه والقلب إستخلَّ ؤسقَّد
الخلاّني كيف أُم الصغير بتفقَّد
يا محلحل سواجيرنا السِّحاب إتعقَّد
* * * * *******************
كجَّنت سودري وكجَّنت قعاد ناس جوده
وبي الطَّاقات بشوف ألم المِزرقِن دوده
فوق ضهر أب قماقم ما بَعرْف النّوده
طريت البرتعن من المدامِر حوده
********************************
(3)
" أيَّام الصّبا وشقت العود وعصره الذي كان يمتطي بعيره "ود إبل الملوك" كانت تتمايس الأغصان في مطارفها تحيّة لقدومه ،ويُبدي نوّارها من الفرحة ثناياه ، وكان يملأُ قدح البادية فضائلا وقيما ،حتي عشقته حسانها وألبسته تمائما علي زنده من غنا الجراري ،
مو أبو كليباً نبَّح
علي جارو ما اتقبَّح
حلب في فواقها إتصبَّح
ؤ صاد في عكصة إتربَّح
***********************
"حلب في فواقها إتصبح "اي شرب الغبوق وقديما قالت العرب "صبحي سكوت فأستنشقت طالق"
" صبحي شكوت فستشنَّت طالق " يقال ناقة صبحي إذا حلب لبنها والطالق الناقة التي يتركها الراعي فلا يحلبها علي الماءِ و"عكصة" هي بقرة الوحش
ضِراع الصّجَّ ضروسو
وفارس الدقُّو خروسو
القُود ها السنَّد روسو
أوعاكم تاني تحوسو
******************
وأحسبه من "دارفين" وبزر شيخنا الشاعر الضخم العباسي قُدِّس سره حين قال:-
"زهر الوجوه متي سيمو الهوان لووا سوالفا كصوي الساري وأعناقا"
وكان يُشبِل في عنق عذاري البادية فصُّ من سوميت شوارد الدوبيت الرَّاقي
" ديفة الرّوبزَن دخلن كِويع الخُشَّة
أجمل خِلقة من صُّلْ الدّبيب الوَشَّه
يا أُم نهداً مِتوقِر لا إنكسر لا إنفشَّه
لي البارح طريتك ؤدمعي سَاساق بشَّه "
*****************************
داك ألم البريدهُن ؤداك النِّصيب إتَّاقا
ؤداك مِقرح بدو الشَّتَّالة وأُم شُمراقا
وريد الرَّاضع الحينة ؤوِطي النَّقْناقا
ومعشوق عبلة مقطوع قلبو من عَلاَّقة
*******************************
أيّام الرِّشاش و"ميقات" الحرِّ والسَّموم وهجير الصّيف كان يتناطا للهرع الرَّاحل، و حين يمتطي الشُّوح "العنانيف" لا يرضي حتي يري شُجيرات السِّيال والإندراب تجري وراءه، ولا يغمد له جفن إذا ضمُرت وعطشت نوقه ناس "أُم خليفات وبت دعتورة" وصرن عجاف وغروز من الحليب لرضاعة فصالهن .
" عَطَشْ ناس أُم خِليفات وأُمّها أم طُبّاعَة
قلَّ غَميدْنا ما خلاّنا نَرقٌد ساعة
ليك مرَّات تِشيل منِّي الرَّسن تتدَّاعة
وقدّامك فجاجاً غادي لي هسَّاعة "
***************************
هكذا كان شيخنا وعمنا جامع أصغر أبناء زعيم الكبابيش الرَّاحل الشيخ السير علي التوم تليع المسادير ماتع في مربوعات الدوبيت ولأنه رضع من ثدي الغمام فصاحة صار من جرارق الدوبيت في بوادي الكبابيش، فتعالوا لنجلس في بيته ذي الطنائب الممدودة لنستمتع بمسادير النّوق او نتقادم معه وهو علي "ضروة" بعيره البرَّز يسابق الريح ليجد لنوقه المورد والمنهل السَّهل
"عَطَش ناس أٌم خِليفَات والمعاها الغُرّز
خلنا نعاسنا راقد فوق عيونا مَخرّز
أفرق إيديكا أوعاك في الرَّقل تترّز
ولي هسّاعا قِدامَك فجاج يا البرّز "
***************************
(أرق جفنه ...السُّهاد ليس من فراق المحبوبة ولكنه من عطش إبله ولأن الوجهة بعيدة يحث بعيره علي السير(قدامك فجاج يا البرَّز)
" ليلك شدُّو قِدّامك ضَحوةً بارْدِي
أََرِم بَالك علي الحَدَبة الهناك مِتْعارْضِي
مِن الزّور بعيد يا البرّز إيدك شَارْدِي
ممّا تقفي وزينةً مرحّيي وارْدِي "
****************************
"يوم اللَّيلة يا البرّز نجعت نجوع
وليك مرّات تشيل منِّي الرّسن وإتدُوع
إيدك فاجّه من الزّور قُبالت الكُوع
وممّا أصبحت كيف طير النِّعام بتزُوع "
****************************
ومن محاسن نجائب الجمال أن يكون زور البعير بعيدا من كوعة وكأنه نظر الي طرفة بن العبد حين يقول:-
"صهابية العشنون موجدة القرا بعيدة وخد الرجل موّارة اليدِ
أمرت يداها شزر وأجنحت لها عضداها في سقيف مسند
جمالية وجناء تردي كأنها سفنجة تبري لأزعر أربد"
"ذايع من دهام عِدَّا بدوش حمَّارو
وعارف بكرة يوم شِطِّي وسخانة نهارو
الدَّلج المشقّق كلُّو بي حفّارو
بصبح فوقو درويشا نقز فوق طارو"
"من أصبح لحض جبل النِّهد في جوارو
عارف اللّيلة يوم شطيِّ وبعيد مُشوارو
خطَّ قرين مجدِّد والرُّبُد في يسارو
وخلًّي السّرج بدُق الرُّمبة من كوتارو"
********************************
"من ما توخِّر أُم سُرَّة وتِدور الشَّرْدي
وأُم إضنين بتظهر ليك هناك مِنْعَرْضي
دوماتَك بِكُبّن كيف زِيوق الفَرْدِي
وتخلّي الجالسة موسيقة محمد وردي"
****************************
"البرَّز جمل عقبة ؤطويل ؤمشنَّق
ؤعدَّايتو برَّاق الصّبيبها نَقنَّّق
الطير القَامَد الرَّبدة ؤقعد بِِتخَنَّق
وصَّل سيدو قُبَّال النّهار ما زَنَّق"
(الشاعر يخاطب بعيره "ليلك شدُّو"، لأنه سري ليلا ويحثه علي الصبر لأن غدا يكون السير بالضُحي، والوقت صيفا ولأن وقت الضُّحي قصير يجب عليه ان يسرع الخطي، حيث يخاطبه "أرم بالك علي الحدبة الهناك متعارضي)
ومن سرعته شبهه بطائر الوزين حين يتجه صوب الوديان سريعا وثابتا في علوّه وطيريانه وهنا سر الشاعرية)
(4)
والمسدار طويل سوف أتركه لمقال آخر ولكنني هنا بصدد العلاقة الحميمة لشاعرنا بالنّوق حد الوله والهيام والرّيد اللّصم ،ولشيخ العرب عشق سرمدي للنّوق فحين تأخر هطول المطر وأصبح الورد أو الورود للدونكي أو الآبار"العِدْ" صعبا ورأي هزال النّوق وخاف عليها من أخطر مرضين يصيبان الإبل "الهلاع والقِداد" ووقتئذٍ فارق البادية الغربية و"دمر" مع بادية الشّرق تحديدا حمرة الوَزْ وما جاورها قال هذه الخريدة التي تشبه رقائق المتصوفة ، وكأنّي أري شيخنا يُرقل ببعيره متجها نحو المناهل ومعاطن الخيران حين أُردِّدها لأنها علي إرقال البعير فهي كعينيّة سويد بن عامر اليشكري
"حلاّل الكُرب ربِّي الحنين وأجْواد
يِِحِل دعتورة من بابُور جَمال ؤعماد
يجيهاالسّاري يملأ الحَمرا والرَّهَّاد
وحتي الوَز يحمِّر يغرِّق اللّقَّاد
تِعِم القوز جميع ما تخلِّي لولا بِِلاد
نِدُق الحوض فجر وإنْبدِّر الميراد
ؤقبل القّلَّة تبقالهِن هِلاع ؤقداد
ونَرتاح من هِموم الدّونكي واللَّعداد
ؤربِّي يشبِّع العين المساهرة رقاد
. اولا دعا الله أن يُريح نوقه من دونكي جمال وعماد ،ويحصل هذا بهطول السواري المُدجنات وهي من أغزر الأمطار، وبهن تمتلأ أضاة الحمراء وكل الوديان "الرّهّاد" وحتي وادي الوز يسيل حتي تغرق "اللَّقَاد" وهي المزارع التي تكون علي حافة الخور او الوادي ويكون عليها سور من الأغصان الشائكة يسمي "الزَّرب " ،وفي الصباح الباكرنصنع أحواضنا وهذه العملية تسمي "الحُواضة" وهي قبل يوم الورد كل صاحب مراح يسرج بعيره السريع ويتسابق اهل النِّعم من مكان "سِدور" الإبل الي المنهل والذي يسبق يكون الفائز، ويختار أحسن مكان بالمورد لمعطن إبله،ويصنع حوضه وقبل "القلّة" وهو عدم إرتواء الإبل بالماء واحيانا يوم "الضِّمي" أو يوم ورد الإبل يتعطّل الدونكي ولاتشرب الإبل في يومها أو أثناء شربها ينقطع الماء وهذا يُسمي "القَلَّة" بقاف مفتوحة ولام مشدّدة اوكما قالت إحدي الحسان ومن غنا الجراري
"يا قطَّاعة الفجِّي
شرابك قُل بتْرجِّي
لمحتي البرق بِتْعجِّي
دايرة البيهو تدجِّي "
مما يسبب لها مرض "الهلاع او القِداد" والهلاع لا يظهر الاّ بعد الخريف حيث يتورم حُلقوم البعير أما "القداد فهو الأخطر وهو نوعين الأول تعرفه حيث يصدر البعير صوتا "كالكُحة" اما الآخر وهو الأخطر وقاتل يسمي "الكِويرس" اي الصّامت...
" وما الموت الاّ سارق ٌ دق شخصهُ يصول بلا كفّ ويسعي بلا رجل "
"تَقْلِب ضَّحوي غرب زُرقينها ليهُو سَواد
ونرجع تاني نمشي جِزُونا أبو غَرَّاد
نِشِد السَّرج علي تيس العُلو الشّرَّاد
ؤنَلفحْ فوقو صَايْناً ماهو دَق حَدَّاد
نِشيل التَّاية فوق زَمْلَن عَواتِي غِلاد
ويبقي غِذانا أبو كَتْحة ؤلَبَهِِن زَاد
وبي االجَادُول تِفِر بي بَسْطَة ما بِتَنْزاد
ؤكِيرْهِِن يِزُوم ؤيَخَنِق دُلَّق الفَدَّاد
نِجُر الباطْية والبُدواني يبقي كِداد
وأحمد جودة لَفْ بي بُندقُو الصّيَّاد
ؤ قدَّام قَالْج أبو دكَّة ومَعاهو رُباد
يارب يا مُجيب لي دعوة النَّشَّاد
تجمع لَيْ ؤليهِن بي علي الأجواد
ؤقول لي موسي أرح عُقْباني مافي قعاد
بت الحوِّي دارت الدَّجي والمُمْداد
أجب الدّعوة يا السَّاجْدلِّك العُبَّاد
جادول منمَرِس في شوفتو زِيق فرََّاد
عَاقرو بليلة فوق الفي رَقا البولاد
والشيخ قسم الله سَاقْلُو البَكْر أبو لُبَّاد
وسالم نازلو بي رامُوس أبو التيلاد "
(5)
وبعد هطول السَّواري وهي فترة الشوقارة تخضرّ الشُّجيرات ويبدأ النبات في النُّمو ثم تأتي أمطار "الضحوي العوير" ويعم الخريف وتبدأ رحلة "الجزو" ،حيث يُسرج بعيره الأصيل ،ويشبل عليه بندقيتة الآلية ، ويشبلو "التاية" علي "قِلاد" الجِمال وهي كل متطلبات رحلة الجزو وفي رحلة الجزو تنعدم الأسواق ويصبح غذائهم حليب ولبن الإبل فقط ،"كيرهن" اي فحلهن يزوم اي يرزم ويخنق يحدث صوت من حٌلقومه وخياشيمه شبهه "بدلوكة" صاحبة الفدّة او بائعة الخمر
(حس كَنْكُونُو جلد الكلب مع الكنتوش
تراه الشَّايلاه أُم زمق في الحمرا عاملة البوش)
(الكنكون اي الحُلقُوم-الكنتوش إناء من الفخار- البوش اي العرس أو الحفلة)
اي صوت حلقومه او "جرقومه" مثل الدَّلُوكة التي تحملها مغنية الحمراء"أُم زمق"
ثم يرجو من ربّه ان يستجيب دعاءه بأن يجد لنوقه مراعي السهول الممتدة "جادول ممّرس" وشديد الخضرة حتي تحسبه زيق الفردة وهذا تشبيه في غاية الجمال حيث الرِّغام او رمال الصحاري شديدة البياض تشبه الفردة ولكن السهل فيها يكون كزيقها (عاقرو بليلة) اي طلّاه وعرفه وأنوه هنا أن أحد الباحثين إرتكب خطأً فادحا عندما شرح مفردة "عاقرو" بي ذبحه وإستدل بأغنية الجراري
(عاجبني سيد أٌم زور
كل ليلة عاقر تور)
اولا الأغنية اوردها خطأ والصحيح (كل ليلة عاقر دور)
نلقي هناك نعوم أخوالنا والأجداد
وكل البادية ناس حَبجور وناس حمَّاد
وأُم باعِج تِلم في لحظة غير ميعاد
وأخط التاّية جنب ود عمِّي خال قمَّاد
ونَبعد من حوالي الكلَّهن حُسَّاد"
وبعد ان وجد المراعي الخصبة تذكر صديق صباه وعمره الراحل الشيخ علي سالم علي التوم ، الذي تركه ببوادي الغرب وتمني ان يلتقيا بمناطق رحلة "الجزو" ،ولاحِظُوا هذه اللوحة مراعي خضراء ممتدة ملْْء الطّرف وممتلئة بالإبل وهي رتوع وجمال (زمل)قلاد يَحْمِلْن "التاية" من غطاء وذاد وملح و"بواطي" أحواض وعُقُل ...الخ، وهناك تحت التلّة شباب زهر الوجوه يصطادون الرّيل وذكر النِّعام الهضليم "أبو دكّة" ومعه ربداءه وكأنّ الصيد والجآذر والنِّعام إختلطت مع الإبل وهذا يحصل كثيرا في مراعي الشمال، والغذاء يكون "شاي " الحليب بدون سكر"ابو كتحة"
والمقطعين الأخيرين :-
"أخط التاية جنب ودعمي خال قماد
ونبعد من حوالي الكلهن حُسَّاد"
يذكرني "بضو" قبيلة عبس ذلك الفتي أقصر الصُّوف والذي حاذ علي نفله بزنده
وأرجع والنوق موقورة تسير الهوينا وشيبوب حادي
وتسهر لي أعين الحاسدين وترقدُ أعين أهل الوداد
ويا أسفي حين عاد شيخ العرب ووجد إبن عمه خال قمَّاد الدّليل الخرّيت والرّجُل العامر بلوه ود محمد ود عبدالله إستشهد في ملحمة بطولية هو وإبن اخيه البلَّه ود موسي وإبراهيم ود كرادم ولقد تجلَّي صديقي وخدن الرُّوح موسي ود البلَّه "اللَّبو" في تلك المعركة وسوف افرد لهم مقال كامل إن مدّ الله في العمر وهؤلاء هم أخوال الأستاذ المسلمي الكباشي واخوانه واحفاد "التِّريح" راوي دكتور عبدالله ولقد بكاهم شيخ العرب عمنا جامع بدمعٍ سخين وشواردٍ من الدوبيت
"قول لي عيال نوير عيل دقِّقُو الضُّبَّاني
حلل أُم قُجِّي بقي يا قذيفة يا جُبخاني
الكانت قبيل زمن أب سبيب والسَّاني
ناس بلّوه الرَّباع عادوها عُقبان تاني
ولكن أصدق من قال شعرا في تلك الملحمة هو الشاعر أبو البرعي
يا قلاَّجة لي بلُّو الدّليل ما بهينك
حقُّو تبركي فوق قبرو وتِواسي حنينك
ما شفتيهو يوت دايما بعجبو سنينك
ويوم الحوض بشيل مُحفارو بقلع طينك
**********************************
(6)
وفي أثناء رحلته لبوادي الشرق سمع شيخنا خبرا أزعجه كثيرا ،وذلك ان احدهم ذهب لبوادي الغرب واخبر أخوته وأبناء عمومته ،أنه رأي إبل شيخ جامع عجاف تملكهاالهزال حتي صار لونها أسودا وأصبحت "كالكدايس"، وشيخنا يقبل بكل شئ إلاّ النّوق "وبنات دعتورة" ،وهو لا يرضي حتي أن تُحمل علي ظهور العيس "القِربة أو السُّقا أو السِّعون" المثقوبة "الشَّنة" ،، لأنها توشل أو ينقط ماءها علي صفحات البعير و يحدث خطوط قبيحة علي صفاح البعير تُغبِّر لونه وفي المثل
"ابغض من الطلياء" وهي الناقة التي طُليت بالقطران من مرض الجرب
"الوحش البقطِّع قدَّة الكوتار
غبَّرتوهو بي الشنَّان ابوخَرْخار "
ليأتي رده للذي عيِّب نوقه حادقا وحاذقا :-
" ألْبِل روَّحن مدَّن كُبار الرُّوس
وقامو بْهِن عِيالاً من بزرنا كُلوس
ناس سالم علي والتانقليل ما بْدُوس
وناس التوم علي وناس أدم الجاموس
ؤمَد ود أب عَرق بي أُمَّات ضراع ؤخُروس
أحمد جمعة لاقط ؤعايط البَنْجوس
ؤمعروف ودعبيد فوق الدَّمر ما بْحُوس
هسَّاع موسي شدَّ السَّرْجْ علي المخسوس
ؤلي خال دَقلة عايط ؤ لايمو الرَّامُوس
ؤبت الحوّة مدَّت بي المَعَالي كروس
وساق دعتورة نامن قبَّل النَّامُوس..!"
( يا للروعة ! كأنني أري بعيني رحيل النوّق وهنَّ يمددن أعناقهن فهنا "بركة "سالم ود علي وهناك "بركة" الناظر ناس صالح "التَّانقليل " وذاك بلل ودعريقان يرحل بأبله التي وسمها "الضراع والخُرس" وهناك احمد ود جمعة دليل "بركة" الشيخ فضل الله يجمع إبله ويصيح في ونقيبه الصغير "البنجوس" ليواوي للإبل حتي يسهل إجتماعها وذاك ود عبيد الذي إشتهر بنجوعه المبكِّر ثم بركة عمنا جامع وإبنه موسي وهو يُسرج بعيره المخصص لهذه الرحلة، وحين إمتطاه صاح في إنقيبه خال "دَقْلة" لجمع النوق "الرَّاموس" اي كثيرة العدد وفي اقصي الشمال والشمال الغربي منطقة الجزو ينعدم الناموس والباعوض والذباب)
جبل أُم فَاس بعيد جَادُولو مو مَتْرُوس
ؤصِبْح اللّيلة بي زُرق العيون مَعَمُوس
إتوا صَاح جاكم خبر من واحداً مَنْحُوس
ؤقال ليكُن نَعمهُن زُرق تقول كَدُّوس
الحشَّاو فقع أبيض من الفَانُوس
ؤقبل النَّتْرة حَتْ صُوفو القبيل مَقْصُوص
بكُر ود جودة زي الفيها الضَّهب مَرْصُوص
ؤبقدِل كيف قَدِلْة الطّالبها بيتها عَروس
كان جيت من بعيد شَرطْ تسمع الحَاسُوس
ود خير جَمَلُو بتخنَّق تقول مَجَروس
يا راغِي البِعَاتِل لي رفيقو بِكُوس
ويا رَزَمي الحَرَسْهَا إنْقيبها بي الكَبَروس
(شوف جمال اللوحة"الحشّاو" او الفصال من العشب الطري صار لونه كالفانوس، وقبل عينة النَّترة سقط وبره ،وشبّه البكُر بالعذاري اللائي شبلن الذهب في أعناقهن وحين تمشي "البكرة" شبهها بالعروس حين تخطو من بيت أهلها الي "حجيلها" و"الحجيل" في البادية بيت من الدمورية يبني للعروسين أمام بيت والد العروس ويكون بمثابة شهر العسل ،واذا أتيت من مكان بعيد سوف تسمع هدير بعير ود خير وكأنه صوت عربة المجروس او تسمع رغاء البعير الذي يصارع "يعاتل" رفقاءه وكأنه علي موعد مع "دبليو دبليو اي راو" "وجون سينا وسي ام بونك" او تسمع رزمي وحنين اللُّقح اللائي ينتظرهن ونقيبهن للحلب)
" إتو زولكن دي يا بليدا وفي البلد دَبْلُوس
ويا أعمي وعيونو مِغمِضَات لَيُّوس
ألْبل ديل دَلِيلهِن مو الكَعَب تَيُّوس
مع السَّرْحَان زَمِلْهِن لي العَضَاوة بِكُوس
قول لي يا بليد يا عَارْ أبو دَنْقوس
أنحنا الجينا راكبين فوق كراسي جلوس "
------------------------------------------
بعد ان أثبت أن نوقه سمان أخبرهم أن صاحبهم إما بليد او أعمي ثم يختم قائلا :- أن إبله لهن دليل خرّيت وأن أصحابهن مع الدَّغش "السرحان" يبحثوا عن المراعي الخصبة "العضاوة"(مع السرحان زملهن لي العضاوة بكوس) ومن شدة شحم جمالنا كأننا نجلس علي كراسي والبعير "السمين" يكون ركوبه وهيط اكثر من البعير الهزيل.
عبيد الطيب "ود المقدم" بوادي الكبابيش 24-1-2013
aubaid magadam [[email protected]]
////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.