أشعل النفط الحرب الأهلية في السودان على مدى عقود لكنه قد يساعد الآن على إحلال السلام مع اتجاه الجنوب إلى الاستقلال وحاجته إلى الشمال لتكرير النفط الخام. وتتصاعد حدة التصريحات والتوترات بين العدوين السابقين مع اقتراب موعد الاستفتاء على انفصال الجنوب في التاسع من يناير وفق اتفاقية السلام التي أبرمت في عام 2005 والتي نصت أيضا على تقاسم الثروة والسلطة ووعدت بالديموقراطية. رويترز وفي أكبر بلد افريقي من حيث المساحة يأتي نحو 75% من إنتاج النفط الخام الحالي 500 ألف برميل يوميا من آبار في الجنوب لكن الشمال هو الذي يقوم باستغلاله وتكريره ونقله. غير أن هذه المعادلة بالإضافة إلى حقيقة أن كلتا الحكومتين في الشمال والجنوب تعتمد اعتمادا كبيرا على إيرادات النفط الخام قد ترسم خطا لا يرغب أي منهما في أن يتخطاه ويحول دون تجدد الصراع. وقال السر سيد أحمد وهو خبير في قطاع الطاقة ومستشار لوزارة النفط السودانية «للنفط وجه سيئ.. الفساد وتأجيج الحرب. لكنه في حالة السودان ساعد على التقدم نحو السلام». لا يمكنهم تحمل توقف (تدفق) النفط ولو ليوم واحد». ويأتي نحو 98% من إيرادات حكومة الجنوب شبه المستقلة التي تشكلت في عام 2005 من النفط. ويأتي نحو 45% من ميزانية الخرطوم من النفط الذي يشكل حوالي 90% من صادراتها. ولم تقم أي من الحكومتين بتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط منذ 2005 وسيستغرق تحقيق تقدم ملموس في هذا الاتجاه عدة سنوات من أي من الاقتصاديين. وهذا لا يدع خيارا آخر سوى الاستمرار بطريقة مازالت مطروحة للتفاوض في تقاسم الثروة النفطية. وقسمت اتفاقية 2005 نفط الجنوب مناصفة تقريبا. وقد تستخدم الحركة الشعبية لتحرير السودان الحزب الحاكم في الجنوب الثروة النفطية للحصول على تنازلات سياسية من حكومة الخرطوم يرجح أن تكون في منطقة أبيي المتنازع عليها في وسط البلاد. وقد يكون من الصعب إقناع سكان الجنوب الذي ليس له ساحل على البحر باستمرار تقاسم النفط في الوقت الذي يصرون فيه على الاستقلال الكامل عن الشمال الذي يرون أنه اضطهدهم لفترة طويلة. لذلك قد يكون من بين الحلول المحتملة تسمية تقاسم النفط باسم آخر مثل «إيجار» أو «رسوم» استخدام خطوط أنابيب ومصاف ومرفأ في الشمال. وقال مريال أوور وزير الدولة بوزارة المالية وهو من الجنوب خلال مؤتمر صحافي «قد يحصل الشمال في نهاية المطاف على ما يصل إلى 40% من إيرادات النفط». وطرح مسؤولون جنوبيون إمكانية بناء مصاف في الجنوب وخط أنابيب يصل إلى مرافئ كينيا المجاورة للاستقلال عن الشمال. لكن محللين يقولون إن هذا سيكون حلا سياسيا وليس الحل الاقتصادي الأمثل. وقال نائب وزير الخارجية النرويجي اسبن بارث ايدي الذي يقدم المشورة للسودان فيما يتعلق بإدارة النفط «هذا ممكن من الناحية الفنية لكنهم سينفقون كثيرا جدا».