شددت الحكومة على ان قضية دارفور لن تظل كتابا مفتوحا لأبد الدهر، وأنها لن ترهن السلام بأمر الخارج وانها ستغلق الباب بعد الفراغ من ترتيبات السلام، وتعهدت بتنفيذ المشورة الشعبية بما يحقق الوفاق والرضى المعقول دون طمع او تفريط، في وقت حذر فيه خبراء من ان يتم انفصال الجنوب بصورة غير سلسله مما يخلق حالة من عدم الاستقرار في البلدين، ودعوا في ندوة «عوامل توطين دعائم الأمن والسلم في السودان» أمس بقاعة الصداقة أمس، التي نظمتها ولاية الخرطوم واللجنة العليا للاحتفال بالاستقلال، تحت شعار «قارة خالية من النزاع» الى السعي لتوطيد العلاقات بين الشمال والجنوب كمدخل للاستقرار وتنظيم المشورة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الازرق بصورة مرضية ومقبولة حتى لا تكون مصدر توتر للدولتين. والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، قال في مستهل الجلسة ان هذه الندوة تأتي في اطار احتفالات الولاية بالاستقلال، واشار الى ان احتفالات الولاية هذا العام تأتي في ظروف خاصة، حاولنا ان نحصد نتائج اعمالنا ولكننا آثرنا كذلك ان نخص الامن بالحديث في هذا الظرف الحرج. المتحدث الاول الدكتور حسن مكي، بدأ حديثه بمقولة المزروعي التي قارن فيها بين هدايا الثقافة الاسلامية لافريقيا، وهدايا الاستعمار لافريقيا «ان الثقافة الاسلامية اهدت لافريقيا القاهرة والفاس والرباط والخرطوم وكانت مدن سلام وأمن، بينما الاستعمار اهدى لافريقيا جوهانسبيرج ولاغوس ونيروبي وكلها مناطق متوترة والانسان لايكاد يأمن على نفسه في هذه المدن» وقال مكي ان ما يجري اليوم نتيجة لاتفاقية السلام الشامل كأن التاريخ يعيد نفسه باتفاقية البقط التي دخل عبرها الاسلام الى السودان بسلام وتدرج، واضاف «ما اشبه الليله بالبارحه عهد البقط استعاد الزمان ان توقع اتفاقية ميلاد دولة جنوبية» واشار الى ان هذه الدولة الجنوبية تحتاج لدعم ومساندة الشمال، وتحتاج ان يجتمع البرلمان ويعلن موافقته على اعلان الدولة ويؤكد بان هذا نابع من السلطة التشريعية المنتخبة، ولكنه قال «لا اعتقد ان المسار كلة مسار سيعود بالامن والسلام، وهناك معطيات لذلك في الحركة الشعبية التي بها جناح يتحدث عن السودان الجديد، وكذلك القضايا المؤجله «ابيي الحدود..» وهناك عدم الالتزام بتنفيذ اتفاقية نيفاشا وعدم سحب قوات الجيش الشعبي من النيل الازرق وجبال النوبة، وطالب مكي في المسار السياسي ان تفتح صفحة بيضاء لأن الدولة الجديدة هي ولادة صورية فقط لأن هناك (4) مليون جنوبي، و(6) مليون شمالي يعيشون على الحدود، وجوبا لدى كثير من هؤلاء كمثل الغيبيات لا يصلونها ولا يرونها، ولا تستطيع بحدود وهمية ان تقطع هذا التواصل والكسب والتجربة التاريخية، وقال مكي ان هناك عقلاء في الحركة الشعبية يجب ان تكون دعوتهم للحريات الاربع «الحركة والتنقل والاقامة والتملك» ولكنه عاد وقال «لكن يجب ان لا نتجاهل الذين يتحدثون عن السودان الجديد، بان هناك ثقافة عربية مفروضه ولا يمكن ان نتحدث عن انتهاء سيطرة المجموعة العربية لسيادة المجموعات الاخرى، هذه اوهام ستكون نكبة على الدولة الجديدة وستكون عبئاً على السودان، ودعا مكي الى ان يكون البيان التأسيسي والختامي للدولة الجديده هو السلام والامن والتنمية، واضاف «ارجو ان يكون لعقلاء الجنوب وشيوخه ان يتكلموا ويخرجوا ببيان يؤسس لهذه المعلومات بان بناء الدولة من اصعب الاشياء وان تطبيع السياسات من الاصعب، ونحن نحتاج للشمال اكثر من امريكا والفاتيكان، ويجب ان نضع ايادينا مع بعض لتنمية هذه الدولة الصورية. من جهته قال الدكتور الطيب زين العابدين، ان افريقيا سعت لتأطير اجهزتها الجماعية خاصة الاتحاد الافريقي، وقطعت شوطاً ليس في بناء المؤسسات وانما في تقليل النزاعات، وحققت نجاحاً في النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار الاجنبي ولكن مازالت تنتظرها اشواط في هذه المجال تحتاج فيه للامن والاستقرار، وعدد زين العابدين شروط توطين السلم في افريقيا والسودان والمتمثلة في، اولا: الديمقراطية والحريات، باعتبار ان التعدد والتنوع الذي تزخر به القاره لا يمكن ان يستوعب بدون حريات وديمقراطية، ثانياً: المشاركة السياسية والتنفيذية، لأن الحكمة السياسية تقتضي مشاركة الاقليات حتى لو كان هناك حزب اغلبيه بالانتخابات وذلك لإحتواء التنوع العرقي والديني، ثالثا: النظام الفيدرالي واللامركزية، لإحتواء العصبيات القبلية، رابعاً: التنمية المتوازنة في انحاء البلاد للتقليل من الزحف الى المدن. وقال زين العابدين ان مطالب السودان في هذه المرحلة لتوطين السلم والاستقرار تتمثل في اولا: اقامة سلام وتعاون مع الجنوب بعد الانفصال، ولكنه قال «لكن الاشكال هل سيكون انفصالاً سلمياً وسلساً يتيح مجال للتعاون ام سيكون انفصالاً متوتراً، واضاف «ان السودان الشمالي اولى ان يكون النموذج في ذلك لتكون العلاقة امناً وسلاماً واستقراراً» ودعا الى ان يكون حل القضايا العالقة في اطار رؤية استراتيجة تنظر للمستقبل ستكون الافيد للطرفين لأنها تجعل الناس يعطون ويأخذون بسلام. ثانيا: مشكلة دارفور، رغم تشعباتها وانقسام حركاتها، لكن على الدولة ومن مسئولياتها ان تراعي وتنتهي لحل المشكلة بأحسن وسيلة وبالتراضي، واضاف «هناك كثير من ولايات الشمال ما عندها جدوى وموارد اقتصادية، وهذه فرصة في ظل التوجه لعمل دستور جديد يستدعي اعادة تقسيم الولايات في الشمال حتى تكون ذات جدوى اقتصادية للاقليم بالتراضي بين الاقاليم، ثالثا: المشورة الشعبية، هناك اختلافات في مفاهيم المشورة بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق وبهذه الولايتين عدد من المليشات المسلحة، الدولة ينبغي ان تنظم هذه المشورة بصورة شفافة ومقننة، بعيدا عن مسألة الاغلبية التي يسيطر عليها المؤتمر الوطني لأنه ينبغي ان يكون هناك معادلة واقعية للولايتين اللتين يمكن ان يكونا مصدر توتر للدولتين، رابعا: جمع القوى السياسية لتحقيق برنامج وطني جديد، وتطبيع العلاقات الاقليمية والدولية لأننا اوتينا كثيرا من بعض دول الجوار. دكتور نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية، دعا الى النظر لاسباب الصراع رغم ما كتب فيها بذهن ناقد ومستجيب، وقال ان اسباب الصراع كثيرة ومتعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واغلبها لديه امتدادات في التاريخ ولها مؤثرات داخليه وخارجية، وأجمل المؤثرات الداخليه في صراع النخب السياسية الذي يستغل لخدمة طموحات الافراد، وكذلك الموارد الطبيعية والتي تفاقمت بسبب التحولات في البيئة والتداخل القبلي والعصبية القبلية، واشار الى ان العصبية القبلية والفقر من اسبابها ضعف التعليم وعدم الاستقرار، وقال ان هذه المشاكل جزء كبير منها المتعلمون واضاف «ليتهم لم يتعلموا» وكذلك ضعف النظم السياسية والادارية كوسيلة للمعالجة والحسم، وقال لايمكن ان يستقر ام يسود سلام بالتراضي فقط، لأن القانون حاسم جداً في ذلك،واشار كذلك في اسباب الصراع الى الدعم الدولي والاقليمي لحركات التمرد، مشيرا الى ان التعددية عند النظر لها بامعان في السودان ليست من اسباب الصراع كما يشير كثيرون، ولكن هناك اسباب مباشرة هي التي تتزرع بذلك، واضاف «اننا نمتلك فلسفه ورؤى وعقائد تساعدنا في معالجة هذه التباينات» واشار كذلك الى مشاكل الحدود بين دول الجوار كجزء من اسباب الصراع وقال «ان اغلب مشاكل الحدود بين دول العالم الثالث هي انها حدود مصطنعة صنعتها قسمة المصالح بين الدول المستعمرة، لأنها لم تراعِ وحدة السكان ونقلت مجموعات بشرية من بلد لبلد آخر، وقسمت مجموعات بشرية متصلة بين قطرين سبب مشاكل بين الدول نفسها» وقال ان التداخل القبلي مغذي جدا للصراع القبلي وكان جزءا من تغذية قضية دارفور وكثير من مشاكل السودان الاخرى. وقال نافع ان كل قضايا الصراع في الدول الافريقية ما كان لتبلغ ما بلغت لولا التدخل الخارجي «الجنوب ودارفور» لانها كلها قضايا ليس لها ارجل لولا التدخل الخارجي، وعدد ذلك في بعثات الاممالمتحدة واضاف «في تقديري قطعا من العوامل الدولية دور بعثات الاممالمتحدة لها دور في تغذية الصراع، وينبع من آليات لا تمثل الاممالمتحدة ولكنها تخدم اغراض الدول التي تقف من وراء هذه الصراعات، مشيرا الى ان كل هذه البعثات الاممية تعمل وكلاء لدول اخرى غربية والذين يديرون هذه البعثات لتحقيق اهدافهم، وقال نافع، كذلك من اسباب الصراع القواعد العسكرية الغربية في مناطق النزاع وقال ان اي قاعدة امريكية تنشأ في افريقيا ستكون جزء من الصراع في افريقيا، مشيرا الى ان القواعد العسكرية في البحر الاحمر تتدخل في صراع السودان، واضاف «ندعو الافارقة لخروج القواعد العسكرية من القارة، وقال ان اسرائيل في اطار صراع الشرق الاوسط تستقوى بافريقيا باعتبار ان افريقيا اكبر واغنى موارد في العالم، ولابد ان تقنن لهذا الصراع خاصة السيطرة على المياه نهر النيل والبحر الاحمر وتاثير البحر الاحمر لاتصاله المباشر بادوات الصراع.واشار نافع الى ان الآثار السالبه للصراع في افريقيا بالاضافة للقتل والنزوح فإنها تخلق ازمة اقتصادية وتعيق الاستثمار وهذا يؤثر على مجمل الاستقرار السياسي، وقال ان من عوامل توطين الامن والسلم تتمثل في تحقيق العوامل الداخلية التي تهزم العوامل الخارجية وحصرها في قضية القضاء على التخلف، وتحقيق التنمية بدءا من التنمية البشرية بمحاربة العصبيات وتحرير المواطن من الولاءات العصبية، وتحقيق الخدمات والمشروعات الاقتصادية التي توفر الحياة الآمنة والمستقرة. وحول قضية دارفور قال نافع، لابد ان نقرر ان هذه القضية لن تظل كتاباً مفتوحاً لأبد الدهر، لابد من تحديد سقف زمني لمن شاء السلام ثم قفل الباب، والذي لايريد ذلك «يعمل البريحه» واضاف «نحن مع حل القضية وليس مع التطويل بسبب رهن السلام بأمر الخارج، وقال ان القضايا التي تتحاور حولها الحركات المسلحه ليس فيها جديد سوى الترتيبات التي تلي اوضاعهم، كل زعيم يقول انه سيكون شنو، وقال نافع اذا فرغنا من ترتيبات السلام سنخلق من ترتيبات رغبات الافراد، وتقال سنحقق السلام في دارفور ونزع السلاح» وتعهد بتنفيذ المشورة الشعبية بما يحقق الوفاق والرضي المعقول دون طمع او تفريط. ودعا الى ضرورة الاصلاح السياسي للقضاء على اسباب الصراع، وقال هناك فهم خاطئ عند الحديث عن قسمة السلطة لانتحدث عنها بين المؤسسات وانما بين الافراد، وقال ان قسمة السلطة بين اجهزة الحكم عبر اللامركزية ليس فيها كتاب منزل واضاف «لانقول بلغنا فيها الكمال اذا الحديث حولها» وقال انه ليس هناك من وسيلة اصح لتداول السلطة سوى الانتخابات الدورية، واشار الى ان اي دعوى لتداول السلطة خلاف ذلك دعوى غير مؤسسية وليس لها قرار، ولكنه عاد وقال «يجب رغم ذلك ان يراعى اشراك الكل»، وتحدث عن اسباب توطين السلم والامن الخارجية واجملها في، ضرورة تعاون دول الجوار الافريقي عامة الذي سيكون له انعكاس ضخم على الاستقرار داخل كل البلد لأنه يحجب الدعم عن الحركات المتمردة، وكذلك اصلاح النظام العالمي وانهاء هيمنة الدول الغربية عليه. وقال نافع ان الآليات التي تنزل بها اسباب توطين السلم والامن، هي الحكم الفيدرالي الذي اجمع عليه السودان لحل كل القضايا بفعالية، كما انه الوسيلة الانسب لقسمة السلطة وللمشاركة في السلطة. وقال نافع، ليس هناك مجال لمطالبة ولاية بمنصب نائب رئيس جمهورية بعد الانتخابات وتطبيق الفيدرالية، ولأن هذه معالجات مشوهة اقتضتها ضرورة سياسية وليست اساساً سليماً، ويتعارض مع اسس الديمقراطية والحرية، فهي استثناء مشوهاً لا يقبل عليه الا لنستصحب قاعدتنا العريضة حتى تبلغ مرحلة الرشد، وقال نافع ان الوحدة الوطنية لن تتحقق الا اذا حررناها من الارتباط بالسلطة، لأن السلطة لا تسع كل اهل السودان،، مشيرا الى ان الذين يتحدثون عن الوحدة الوطنية لايعدو ان يكون حديثهم عن مقعد في السلطة. خالد البلولة إزيرق: الصحافة د. نافع: دارفور لن تظل كتاباً مفتوحاً أبد الدهر الخرطوم: عوض جاد السيد اتهم د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، بعثات الأممالمتحدة لحفظ الأمن، بخدمة أغراض الدول التي تَستفيد من تأجيج الصراعات في السودان والدول الأفريقية وإثارة الكراهية، وقال إن على الأفارقة الدعوة لخروجها من القارة. وقال د. نافع في ندوة: (عوامل توطين دعائم الأمن والسلم في السودان) بقاعة الصداقة أمس، إن بعثات حفظ الأمن آليات تخدم أغراض الدول الغربية وأهدافها، ونبه لدور اسرائيل في الصراع حول الموارد خاصة موارد المياه، ومنطقة البحر الأحمر ذات الصلة المباشرة بالصراع. وأكد د. نافع أنه من الضروري ألا تظل قضية دارفور كتاباً مفتوحاً لأبد الدهر، وأنه لابد من وجود سقف زمني للسلام يقفل بعده الباب و(كل زول يعمل الحاجة البتريِّحو).