قبل ظهوره كلاعب أساسي في فريق الإنقاذ، عقب عودته من ضاحية ساجر جنوب غرب الرياض بالمملكة العربية السعودية ملبياً نداء الحزب الحاكم لكوادره المهاجرة للمشاركة في برنامج التمكين، مارس وزير الزراعة ورئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة عبد الحليم إسماعيل المتعافي مهنتين تعتبر مراعاة أخلاقيات المهنة فيهما أوجب من غيرها من المهن نظراً لارتباط المهنتين المباشر والحيوي بصحة وحياة الإنسان (الطبابة والقصابة) لا ينقص من ذلك كونه لم يغادر في الأولى محطة الطبيب العام ولم يمارس العمل في الثانية كجزار كامل اللحم والشحم. لم أسمع لأسم المتعافي ركزاً قبل الإنقاذ إلا من خلال زمالتي لاثنين من إخوته مدثر (مؤتمر وطني/ ضابط شرطة) وأبو القاسم (مؤتمر شعبي/ مقيم في ماليزيا) بل لم يكن هنالك ما يدعوني، قبل ظهوره في ميدان العمل العام، لتتبع ماضي مسيرته المهنية للتأكد من كونه كان يراعي أخلاقيات العمل فيها أم لا؟ كما لم يكن لي أن أتتبع مسيرة رزاياه الحاضرة لو أنه جلس في جزارة أبيه مسخراً معرفته المزدوجة للاستفادة من مخلفات الذبيح في خدمة الطب كمااهتدى من قبل شيخ الأطباء أبو بكر الرازي لاستخدام أمعاء الحيوانات في صناعة خيوط الجراحة أو لو أنه تحول في ساجر من طبيب إلى تاجر كما فعل زميل مهنته الذي هجر الطب وتفرغ لرعاية وجني ثمار شجرته في منظومة التسويق الشبكي. ولكن طالما أنه قد خرج للفضاء العام متقلداً مناصباً تمس بحيويتها حياة الناس اليومية مساساً مباشراً وطالما إنه قد مسني وأهلي الضر من ممارسته المسيئة تلك كان لزاماً علي أن أدخل عريشه وأنتف ريشه ما استطعت إلى ذلك سبيلا وأن أغيظه بالوطء على مواطن فساده المخبوءة تحت طي السترة أو المبذولة للغاشي والماشي وأن أقطع الوديان لأنال منه نيلا عسى أن يكتب لي به عملاً صالح. ما أستطيع القول به يقيناً لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه إن هذا الدكتور الجزار لم يصطحب في تحوله من ضيق العمل الخاص إلى سعة العمل العام من أخلاقيات العمل المفترض توفرها في ممارس المهنتين النبيلتين ما يعينه على تصريف مهامه العامة الجديدة، فقد عرف عن المتعافي طوال مسيرته المعاصرة النظر إلى الأمور من خلال نافذة استثمارية ضيقة لا ترقب في الرعية إلاً ولا ترعى لهم ذمة. (شنشنة أعرفها من أخزم) مثل عربي قديم ينطبق على واقع الحال والشنشنة – لمن لا يعرفها - تعني الطبع أو الخصلة ويضرب هذا المثل في حق الشخص الذي يقوم بعمل أو تصرف مشين اعتاد عليه حتى أصبح معروفاً به بين الناس. في مصنع الصداقة الحصاحيصا أسألوا أهل الألم إن كنتم لا تألمون عن مأساة تشرد عاملاته اللاتي كان بينهن أرامل يعلن أسراً فيها مرضى مقعدين وطلاب جامعات!! وأسالوهم عن حكاية (القطنة الذي قصمت مكن النسيج) كيف جيء بها من النيل الأبيض وكيف فرضت على إدارة المصنع في صفقة مشبوهة امتصت ثلثي ميزانية إعادة التأهيل المرصودة للمصنع آنذاك رغم التوصية الفنية بعدم ملاءمتها لإصابتها بمرض السويد!! بل اسألوا رئاسة الجمهورية رئيساً ونائباً أول ماذا فعلت وقد بلغها الأمر من إدارة المصنع وهيئة نقابته!! حينها ستدركون إن إساءة استعمال السلطة الوظيفية العامة واستقلال نفوذ الوظيفة تحقيقاً لمصالح شخصية بعيدة أدبياً عن المصلحة العامة وأن رعاية الفساد وحماية المفسدين شنشنة قديمة. وفي ولاية الخرطوم أسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون عن الشركات التي كانت ترسى عليها العطاءات والمناقصات بالتكليف المباشر دون منافسة حقيقية وهي لم تزل نطفاً وأجنة في أرحام الغيب مما يعد إضراراً سافراً بالمصالح العامَّة في مجال المقاولات والتوريدات والأشغال الحكومية. وعن جمع الوزير بين تكليف الوزارة والاشتغال بالتجارة أسألوا الرئيس إن كنتم لا تذكرون يوم ضرب لنا المثل بنجاح استثمارات المتعافي في الزراعة وتربية الحيوان بالنيل الأزرق حيث طلب منه في جلسة مجلس الوزراء تنوير الحضور حول ذلك ناسياً أو متناسياً أن التشريعات تحظر على شاغلي المناصب الدستورية الاشتغال بالتجارة سداً لذرائع تضارب المصالح ويدخل في ذلك الاشتراك في تأسيس الشركات الخاصة أو قبول عضويَّة مجالس إدارتها لذا فإن حتى محاولات المتعافي للتضليل بأنه مجرد شريك في شركات يملكها تضامناً مع إخوته لا ينجيه بل يدخله في مفهوم الاشتِغال بالتجارة إذ يُعتَبر الشريك المُتَضامِن تاجرًا في جميع الأحوال. وعن القطن المحور وراثياً أسألوا أهل الأبحاث إن كنتم عن الحقيقة تبحثون ليحدثوكم عن كيف أن المتعافي فرض زراعة القطن المحور وراثياً بقرار سياسي طمعاً في زيادة قناطير معدودة ضارباً بتحذيرات العلماء والباحثين عرض الحائط وغير مبال بمخاطره المحتملة على سلامة الإنسان والحيوان فعقلية اللحاق بالسوق ليس لديها الصبر لانتظار نتائج الأبحاث والتجارب. عمنا ود الرحيمة أتهمه محامي خصمه بالكذب فرد عليه قائلاً (أنت الكضب مسوي ليه شنيطة) فالمتعافي الذي يتهم الصحفيين بالتضليل مسوي للتضليل (طاهر حسن التوم) يهرع إليه كلما أطلت فضيحة أو شبهة فساد برأسها تمس (سيادته) وتطال (معقده) السيادي. فمن منا لا يذكر خبث المتعافي يوم أن ضرب العطش كافة أرجاء مشروع الجزيرة وقامت قيامة المزارعين واستصرخوا وابورات اللستر في مشروع صمم للعمل بالري الانسيابي فلم تكن أقل لؤماً من المتعافي وزمرته حيث لم تأتهم إلا بحمأة وقليل ماء. في هذا الأثناء طلب المتعافي من مسئولي الري بتوجيه القدر المتوفر من المياه لمل ترعة القسم الشمالي الذي يعتبر آخر نقاط المشروع ثم ركب سيارته ذات الدفع الرباعي، وحتى تكتمل الصورة الزائفة، اصطحب معه كاميرا قناة النيل الأزرق ومبيض وجهه الطاهر حسن التوم ليعلن بلا حياء وبكذب فاضح أن لا مشكلة ري في المشروع إلا في (خيالات الصحفيين الخصبة) ونفوس المزارعين المريضة وأوضح إنهم يقفون في آخر نقطة من المشروع وهي تنعم بالمياه فكيف يتحدثون عن العطش وبينما هو يقوم بذلك الإرباك التكتيكي الإعلامي كانت الترع في وسط وغرب الجزيرة (مخادات) لا تبين فيها (الكوكا كولا) إذ لا حاجة لمن يخوضها لرفع الثياب. لعلنا لا زلنا نذكر قبل سنوات خلت الدفاع المستميت للمتعافي عن التقاوي الفاسدة التي تم استيرادها وتوزيعها لبعض المزارعين بالنيل الأزرق ولما أتضح فسادها وضعف إنباتها حاول المتعافي الدفاع عنها رغم قوله بأنها لم تستورد في عهده ولكنه سعى سعياً حثيثاً لتبرئة الوزارة من تبعاتها وعمد إلى تحميل المزارعين الوزر وإيداعهم السجون وها هو نفس السيناريو يتكرر في الجزيرة وفي عهده بعد أن كتب المزارعون تعهداً بنزع حواشاتهم في حال فشل إنتاجهم في تغطية تكاليف التحضير والإنتاج. قضية التقاوي الفاسدة في مشروع الجزيرة والتي جاءت في آخر عهد المتعافي بوزارة الزراعة – إن لم يعد إليها في التعديل الوزاري الجديد- لو كانت أولى رزاياه في الوزارة لانطبق عليه المثل القائل (آخر البليلة حصى) ولكن بليلة كلها حصى المتعافي رغم محاولاته المكشوفة لجعلها بليلة مباشر بكثرة التبسم. [email protected]