[email protected] تحضرني حكاية الرجل الذي هجر أسرته وأصبح ملازماً للمادحين أينما ساروا وحلوا فهدده أولاده بتطليق أمهم منه إن استمر على هذا الحال. تحت التهديد لزم الرجل داره لفترة من الزمان ولكن في ذات مساء شق صمت الليل صوت (دنقر) حار أجبر الرجل على الخروج من اعتكافه فلبس جلبابه عجلاً ثم ألتفت إلى أولاده قائلاً: يا دوب ما جاكم البطلق أمكم. الوزير المبسوط (خلقه) الذي هجر الطب وبارى المستثمرين زاده الرئيس بسطة في السلطة لتصبح يداه مبسوطتان، على الوزارة والمشروع، كيف يشاء. فبعد أن هدده النائب الأول المسئول عن النهضة الزراعية ونصب له فخ الاستقالة كما نصبه لكرم الله من قبل واستبشر بذلك مزارعي الجزيرة ناسين إن الفرق بين كرم الله والمتعافي إن الأول (مزارع الطيرة تأكل عيشه) لكن الثاني جزار يعرف من أين تقطع الكتف وإن كرم الله زول نصيحة لكن المتعافي زول الرئيس. لزم المتعافي داره، في استراحة مضارب، معتكفاً العشر الأواخر بل زاد عليها ثلاثاً من عنده ولكن لما جاءه صوت الرئيس مجلجلاً أن يا متعافي لا تتولى يوم الزحف أخرج لسانه للنائب وألتفت إلى المزارعين قائلاً: يا دوب ما جاكم البقلع (نمركم). إن كان هارون الرشيد قد تحدى السحابة قائلاً: أمطري أنى شئت سيأتيني خراجك فإن المتعافي قد تحدى الخبراء والعلماء والباحثين الزراعيين بخراج القطن المحور وراثياً الذي تنتظره الخزينة العامة الخاوية هذا إن أخرج أو لم يخرج نكدا. فالرشيد حين تحدى السحابة التي مرت فوق رأسه دون أن تهطل كان يراهن على سعة رقعة مملكته ولكن علي أي سند – سوى السند السياسي الرئاسي- تحدى المتعافي أهل الاختصاص والدراية وما هو بمنهم قائلاً: قرار زراعة القطن المحور قرار سياسي؟؟ فليس لدي هنا ما أقوله سوى ترديد بيت الشيخ حسين الزهراء الذي مدح فيه المهدي وذم ود البصير مع استبدال المهدي بالرشيد وود البصير بعبد الحليم: أكان المهدي بصح زولاً قدل فوق عزة*** حت ود البصير سوانا في ط...... وزه مارس المتعافي في حياته مهنتين لكل مهنة منها أبعاد إنسانية خاصة لارتباط كلتيهما مباشرة بحياة البشر وتأثير كل منها على صحة أبدانهم: الطب والقصابة لا ينقص من التخلق بأخلاقيات هذه المهن أن قد مارس الأولى كطبيب عام والثانية كمساعد جزار ولكنه للأسف لم يتعلم من أخلاقيات تلك المهن ما يعينه على أنسنة الاستثمار ففي سبيل قناطير أضافية من إنتاج القطن وربما قناطير مقنطرة من العمولات يغامر الوزير بتعريض حياة الإنسان والحيوان إلى مخاطر لا يعلم مداها إلا الله، والراسخون في العلم يقولون ما بال هذا الرجل العجول لا ينتظر نتائج الأبحاث والقيادة السياسية مع كل من وما يساعد في فك الزنقة بغض النظر عن ما ينطوي على ذلك من مخاطر. بعدم قبوله استقالة المتعافي – الذي كان يتصرف تصرف من يدري أنها لن تقبل - رفع الرئيس الفخ وأطلق يد الوزير تماماً ليقلع (نمر) أهل الجزيرة. يا غبرة بمعمر *** قد خلا لك الجو فبيضي وأصفري ونقري ما شئت أن تنقري*** رفع الفخ فماذا تحذري نصيحة مستثمر إلى وفد أهل الحاضرة بخيتة المتجه إلى مفاوضات أديس: بعد ما عرفتوا (تفكوا الخط) عليكم الاستهداء بعقلية المتعافي الاستثمارية وأعرضوا على حكومة جنوب السودان استئجار أبيي وحفرة النحاس بموجب عقد حقوق انتفاع طويل الأجل وبعد داك يا في البعير يا في البشير يا في سيلفا كير فإن أصبتم فلكم أجران وإن أخطأتم فيفيكم أجر الخط وشيء في أبيي خير من لا شيء في حلايب والفشقة.