توعدت الحكومة السودانية المعارضة في حال خروجها إلى الشارع خلال فترة إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر بعد 5 أيام، واتهمتها بالتخطيط لإثارة «فتن وقلاقل»، فيما حمل زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي أمس، بشدة على نظام الرئيس عمر البشير وحمّله مسؤولية انفصال الجنوب، واتهمه برفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية لتعزيز الاستبداد وتغطية فشله في الحكم، وهدد باستخدام «قوة ناعمة» لإطاحة البشير في حال لم يوافق على حكومة قومية لمنع تفكك البلاد. وقال المهدي ان الجنوب يمضي نحو الاستقلال، وستولد دولة معادية للشمال بسبب سياسات نظام البشير الذي يدعم تيارات تدعو الى التطهير العرقي والبغضاء بين الشمال والجنوب وتيارات دينية تكفر الانفصال والجنوبيين، الأمر الذي سيقود الى مواجهة بين الجانبين، لافتاً الى ان دارفور تحترق فيما «الحكومة تلعب بالنار». وحمّل زعيم حزب الأمة البشير مسؤولية التدخل الاجنبي في شؤون السودان والتفريط في سيادته، وقال ان في البلاد نحو 30 ألف جندي اجنبي في بعثتي حفظ السلام في جنوب البلاد ودارفور، ورأى ان السياسات التي تبناها الحزب الحاكم ستقود الى مواجهات ليس فقط في دارفور، بل وفي منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، اللتين يشملهما اتفاق السلام. ورأى المهدي ان المخاطر التي تواجه البلاد ومحاولة «انقاذ السفينة من الغرق» لا مخرج منها الا عبر تبني برنامج وطني يشمل إقرار دستور ديموقراطي يعترف بالتنوع والتعدد في البلاد وكفالة الحريات وتسوية أزمة دارفور وعلاقة واقعية مع الاسرة الدولية ومعاهدة جديدة بين الشمال والجنوب، مشيراً الى انه في حال لم يوافق الحزب الحاكم على قبول ذلك وتشكيل حكومة قومية لتنفيذ الاجندة الوطنية بحلول 26 كانون الثاني (يناير) الجاري، فإنه سيكون أمام خيارين: إما استخدام الجهاد المدني و «القوة الناعمة» لإطاحة نظم الحكم او اعتزال العمل السياسي. وذكر المهدي انه في حال موافقة البشير على تبني اجندة وطنية ودستور ديموقراطي فإن الاتفاق على اسم الحكومة، سواء كانت ذات قاعدة عريضة كما يدعو البشير، او قومية كما تطالب المعارضة، لن يكون موضع خلاف». لكن المسؤول السياسي في «حزب المؤتمر الوطني» ابراهيم غندور، اتهم القوى المعارضة بمحاولة اثارة الفتن والقلاقل في الشارع السوداني، بدعوتها الى اطاحة النظام الحاكم، وقال انه غير مسموح لأي جهة او احزاب معارضة بالخروج على القانون، وان الجهات الامنية جاهزة للحفاظ على امن البلاد واستقرارها، ودعا القوى السياسية الى «الانتظار حتى اجراء الاستفتاء كي تتحمل مسؤولية الانفصال». وأكد غندور أن تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة سيتم عقب الاستفتاء، موضحاً ان حزبه طرح «المشاركة لمن يرغب في بناء السودان» وقال انه لم يسمع حتى الآن رفضاً صريحاً من قبل القوى السياسية للمشاركة في الحكومة الجديدة، عدا «حزب المؤتمر الشعبي» بزعامة الدكتور حسن الترابي، وزاد:»لا اقول بأنه لم يكن معنيّاً بهذه الدعوة، ولكن لم نكن نتوقع منه غير هذا الرد». كما كشف رئيس البرلمان مسؤول القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني احمد ابراهيم الطاهر، موافقة بعض القوى السياسية، بما فيها احزاب معارضة، على دعوة الرئيس البشير الى المشاركة في حكومة ذات قاعدة عريضة عقب اعلان نتائج الاستفتاء مباشرة. واعتبر الطاهر دعوة البشير الى حكومة ذات قاعدة عريضة مخرجاً للكثير من القوى السياسية التي وجدت نفسها على الرصيف، كي تشارك في الحكومة لتجاوز المرارات والاحتقان السياسي، موضحاً ان «بعض الاحزاب صرح بقبوله والبعض الآخر ننتظر منه الرد». وأضاف: «سنستمع لآراء القوى السياسية في المشاركة». وفي السياق ذاته اتهم وزير الداخلية ابراهيم محمود حامد، جهات لم يسمها بالتآمر على البلاد، وتوعد بعدم السماح لأي طرف يحاول المس بأمن الوطن، مؤكداً جاهزية قوات الشرطة لتأمين الاستفتاء. وأكد حامد اكتمال كافة الاستعدادات الأمنية لفترة الاستفتاء، وقال ان هناك خطة أمنية شاملة في الشمال لكل مراحل الاستفتاء والتسجيل والاقتراع وإعلان النتيجة وما بعدها. وأشار إلى استنفار قوات الشرطة في كل ولايات السودان بالتنسيق مع الأمن والمخابرات والجيش، مشيراً إلى وجود تنسيق مع شرطة الجنوب على مستوى القوات المشتركة وجهاز الأمن ووحدات الشرطة. وشدد حامد على أوامر البشير الخاصة بتأمين الجنوبيين في الشمال وحماية ممتلكاتهم مثلما هو متوقع من شرطة الجنوب حماية الشماليين الموجودين في الجنوب مثل القبائل الرعوية. كما حذرمدير عام قوات الشرطة الفريق أول هاشم عثمان الحسين «كل من تسول له نفسه إثارة الشغب بالخروج إلى الشارع العام تحت مسميات عدة مثل التغيير والانتفاضة الشعبية، فليجرب والأفضل ان لا يفعل». الى ذلك، أعلن مركز الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، الذي سيكون أحد المؤسسات الدولية التي ستراقب الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان الأحد المقبل، ان كارتر والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان ورئيس وزراء تنزانيا الأسبق جوزيف ووربا، بالإضافة إلى رئيس مركز كارت جون هاردمان، سيقودون بعثة المراقبة. وقال المركز في بيان إنه سينشر أكثر من مئة مراقب في كل انحاء السودان لمراقبة العملية، داعياً الأطراف السودانية الى الحفاظ على السلام وإجراء الاستفتاء في أجواء تتسم بالحرية والشفافية والصدقية. ونفى مسؤول رئاسي امس علمه بزيارة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون ووزير الخارجية السابق كولن باول الى الخرطوم لمتابعة الاستفتاء. وكان مركز إعلامي في الخرطوم قريب من الحكومة، قال إن وفداً أميركياً رفيع المستوى يضم كلينتون وكولن باول والمبعوث الاميركي السابق الخاص الى السودان جون دانفورث، سيزور البلاد قبيل الاستفتاء.